أسقط
مجلس الشيوخ الموريتاني (الغرفة العليا في البرلمان)، في وقت متأخر من مساء الجمعة، مشروع
التعديلات الدستورية المقدمة من الحكومة، وذلك بعد أسبوع واحد من تمريرها عبر مجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان).
فقد صوت 33 عضوا بمجلس الشيوخ ضد التعديلات الدستورية من أصل 56 هم عدد أعضاء المجلس، فيما صوت 20 بنعم لصالح التعديلات، وواحد بالحياد.
وأربك إسقاط مجلس الشيوخ غير المتوقع للتعديلات الدستورية الساحة السياسية في البلاد.
ويبلغ مجموع أعضاء الغرفة 56 شيخا، وينتمي 43 منهم لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الحاكم، فيما ينتمي 10 منهم لأحزاب أو فرق برلمانية معارضة، وينتمي بقية الأعضاء لأحزاب منضوية في الأغلبية أو من المعارضة المحاورة.
وتتضمن التعديلات التي اقترحت في الحوار السياسي، الذي نظم في أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر الماضيين، اقتراح تغيير علم البلاد، وإلغاء غرفة مجلس الشيوخ، وكذا محكمة العدل السامية المعنية بمحاكمة الرئيس والحكومة، إضافة لدمج مؤسسات دستورية أخرى.
وبادرت أحزاب المعارضة وقادتها بإصدار بيانات بعد دقائق قليلة من إعلان نتيجة تصويت مجلس الشيوخ، حيث وصف حزب تكتل القوى الديمقراطية، أكبر أحزاب المعارضة، إسقاط الشيوخ للتعديلات بأنه "انتصار ضد الاستبداد".
فيما دعا زعيم المعارضة، الحسن ولد محمد، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، إلى جعل تصويت الشيوخ ضد تعديل الدستور بداية مرحلة جديدة تخرج البلد من أزماته المتعددة، وتفسح الطريق أمام تناوب سلمي يكرس دولة القانون والمؤسسات بدل دولة الفرد والمزاج.
أما القيادي بمنتدى المعارضة (أكبر تحالف سياسي معارض في البلاد)، سيد أب ولد سيدي عبد الله، فقد اعتبر أن الخيارات القانونية والسياسية المتاحة للرئيس محدودة.
وأشار في تصريح لـ"
عربي21" إلى أن أمام الرئيس ولد عبد العزيز مجموعة من الخيارات المحدودة، من بينها إعادة تجديد مجلس الشيوخ دفعة واحدة، وعرض التعديلات عليهم من جديد، أو اعتماد الرأي القائل بأن للرئيس الحق في عرض التعديلات على الشعب في استفتاء شعبي، وهذا خيار لن يحسم الأمر؛ نظرا للرفض الشعبي الواسع لهذه التعديلات، بحسب قوله.
لكن القيادي بالأغلبية الحاكمة، سيد ولد بياده، اعتبر أن إسقاط الشيوخ للتعديلات الدستورية "خيانة للوطن".
ولفت في تصريح لـ"
عربي21" إلى أن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ممسك بخيوط اللعبة، وأن الخيارات أمامه كثيرة، مضيفا أن مجلس الشيوخ مصيره الإلغاء.
بدوره، رأى الخبير الدستوري، محمد الأمين ولد داهي، أن الحل الدستوري في الحالة التي وصلتها
موريتانيا الآن بعد إسقاط مجلس الشيوخ لمشروع السماح بتعديل الدستور، هو استقالة الرئيس وحكومته، مشيرا إلى أن السابقة الدستورية في هذا المجال هي التي وقعت للرئيس الفرنسي السابق الجنرال ديغول.
وأشار في تصريحات لصحيفة محلية إلى أن مشروع مراجعة الدستور الحالي سقط بشكل نهائي، ولا يمكن الالتفاف على الرفض الصريح وبأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ، معتبرا أنه لم يعد بالإمكان إعادة مشروع التعديل ذاته بأي طريقة.
ويرى المحلل السياسي، سيد أحمد ولد بابا، أن السيناريو الأسهل للرئيس ولد عبد العزيز للخروج من المأزق هو إقالة الحكومة، والعمل من أجل تمرير التعديلات الدستورية، عبر الاستفتاء المباشر دون المرور بالبرلمان.
ولفت ولد بابا في تصريح لـ"
عربي21" إلى أن الرئيس سيكون مطالبا بفتح حوار سياسي جديد مع كل القوى السياسية في البلد؛ تفاديا لدخول البلاد حالة انسداد سياسي قد تكون له انعكاسات سلبية على البلاد.
اقرأ أيضا: موريتانيا تعدل دستورها والرئيس السابق يدعو للاحتجاج