استعرض محلل عسكري
إسرائيلي؛ الأوضاع التي تجري على
الحدود مع
سوريا ولبنان وقطاع غزة؛ مؤكدا أن الأمور تقترب من هامش المناورة التي قد تصل للمواجهة، في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون الإسرائيليون عن إمكانية تدهور الوضع مع غزة الصيف القادم.
هامش المناورة وخطر المواجهة
وقال المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئيل: "في الوقت الذي تتحرك فيه الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية على خلفية التحقيق ضد بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء)، وأزمة اتحاد البث والتهديد بتبكير موعد الانتخابات؛ تقف إسرائيل أمام معضلتين محتملتين في الساحة الأمنية".
وتابع في تقرير له نشر اليوم في "هآرتس": "أما المعضلة الأولى فهي مع سوريا ولبنان، والثانية مع حركة حماس؛ ويبدو في الحالتين أنها تقترب إلى هامش المناورة بشكل يزيد من خطر المواجهة".
ولفت هرئيل؛ إلى أن "تصاعد التوتر في الشمال (حدود سوريا ولبنان) بدأ صباح الجمعة الماضي؛ بعد القصف الإسرائيلي الذي تحول إلى ورطة داخل سوريا"، مؤكدا أن "إسرائيل وبشكل استثنائي، اضطرت إلى الاعتراف بأنها قامت بقصف أهداف عسكرية - قافلة سلاح كانت في طريقها لحزب الله - بعد أن تم إطلاق الصواريخ من قبل
الجيش السوري وفشلت في إصابة مروحيات سلاح الجو الاسرائيلي، لكنها دخلت إلى المجال الإسرائيلي وتم إسقاطها من قبل صاروخ "حيتس" في غور الأردن".
وبحسب وسائل إعلام عربية وتلميحات واضحة من القيادة الاسرائيلية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي يقوم بمهاجمة قوافل السلاح في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات؛ يشير المحلل الذي نوه إلى أن "التفاعل الكبير مع الحادثة الأخيرة اضطر إسرائيل إلى التنازل عن مجال المواجهة".
وأضاف: "يبدو أن إسرائيل اضطرت أيضا لتهدئة الأردنيين بشكل غير مباشر؛ لأن جزءا من صاروخ الاعتراض سقط في الأراضي الأردنية"، منوها إلى أنه "بدون تفسير إسرائيلي علني كان يمكن إحراج الملك عبد الله الثاني، الذي سيظهر وكأنه يتجاهل اعتداءات إسرائيل".
وفي تصريح له أمس؛ حذر وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان؛ من تدمير المضادات الأرضية السورية المضادة للطائرات؛ في حال قامت بإطلاق النار على الطائرات الإسرائيلية؛ وبعد وقت قصير يقول المحلل؛ وصلت تقارير من سوريا حول اغتيال قائد مليشيا في هضبة الجولان السورية حليف لنظام الأسد، وهي العملية التي نسبتها وسائل الإعلام العربية لإسرائيل.
حكومة لبنان لعنوان الحرب القادمة
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت؛ في مراسيم استبدال قائد المنطقة الشمالية إن "حزب الله يخل بقرارات الأمم المتحدة وهو يستعد للحرب"؛ مؤكدا أن "حكومة لبنان ستكون العنوان الواضح في الحرب القادمة"، وفق ما نقله هرئيل.
وأشار المحلل الإسرائيلي؛ إلى أنه "في خلفية الحادثة الأخيرة والتصريحات التي رافقتها هناك تطور مركزي واحد؛ وهو نجاح نظام بشار الأسد في تحويل مسار الحرب الأهلية السورية والثقة التي تنبثق من تدخل روسيا العسكري في صالح الأسد؛ كما أن هذه الخطة تؤثر أيضا على حزب الله".
ورأى أن الوقت الحالي "في الحقيقة تشهد المعارك الدائرة في سوريا تفوق الشيعة وتعزيز مكانة حزب الله في الساحة اللبنانية الداخلية وتأثيره على سياسة الحكومة في بيروت"، لافتا إلى أن "تهديد إسرائيل للحكومة اللبنانية يرجع للتعاون المتزايد بين حزب الله وجيش لبنان"؛ وهو ما أشار إليه آيزنكوت في تصريحه السابق.
وأوضح هرئيل؛ أن "أقوال آيزنكوت تنضم لرسائل مشابهة، قام بنقلها ليبرمان خلال زيارته لواشنطن، والوزير نفتالي بينيت أيضا في مقابلة مع هآرتس"، مضيفا: "بحسب تجربة الماضي نحن لن نضطر إلى الانتظار أكثر من بضعة أيام من أجل الحصول على التصريح المقابل من زعيم حزب الله؛ حسن نصر الله".
ونوه إلى أهمية أن تعمل "إسرائيل في هذه الأثناء على فحص ردودها، لا سيما على ضوء موقف روسيا؛ حيث تم استدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو للمرة الأولى للاستيضاح في وزارة الخارجية الروسية؛ بسبب هجوم يوم الجمعة"، لافتا أن "روسا تقوم مؤخرا بجهود دبلوماسية تواجهها لامبالاة وتردد من الادارة الأمريكية الجديدة، من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار دائم في سوريا".
الفلسطينيون يزدادون غضبا
وتابع: "نتنياهو، الذي تصرف حتى الآن بشكل مسؤول وحكيم في المنطقة الشمالية، حذر في الشهر الماضي بشكل علني، وأكثر من مرة، من زيادة سيطرة إيران في سوريا، سواء من خلال الميناء الذي تريد إيران استئجاره من الأسد في اللاذقية، أو من خلال دخول الحرس الثوري الإيراني وحزب الله إلى مواقع متقدمة في الجانب السوري من هضبة الجولان"، مؤكدا أن "التوتر بين الأطراف قد ازداد، كم أن تحسن وضع نظام الأسد يزيد من استعداده للمخاطرة في ردوده"؛ وفق تقديره.
وفي سياق متصل؛ أشار المحلل العسكري إلى عملية إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على النقب؛ وهو الموضوع الذي "يشير إلى حساسية الجهاز العسكري أو زيادة محاولات إطلاق الصواريخ من قبل حماس"، معتبرا أن "ردود إسرائيل في الأسابيع الأخيرة على إطلاق الصواريخ كانت هامشية، رغم أن اللهجة كانت متشددة".
وبين هرئيل؛ أن "العمل العسكري الإسرائيلي في غزة؛ يتركز عادة في إلحاق ضرر محدود بمواقع حماس على طول الحدود، وينتهي بأسرع وقت بعد إطلاق الصواريخ"، معتبرا أن هذا "يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد في هذه المرحلة الانجرار إلى مواجهة واسعة، في الوقت الذي يستمر فيه الجيش في الاستعداد لاندلاع المواجهة".
وأضاف: "مع هذا؛ فكل مسؤول في إسرائيل تقريبا، يتحدث عن إمكانية اشتعال الأوضاع في حدود القطاع في الصيف القادم؛ وكما يبدو أن هذه التنبؤات تميل لتحقيق ذاتها".
وأكد المحلل أنه "يصعب الحديث عن الهدوء أيضا في الضفة الغربية (المحتلة)؛ ففي الأسبوع الماضي قتل ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية برصاص الجيش الإسرائيلي"، لافتا إلى أن "الانطباع السائد هو أن الفلسطينيين في الضفة يزدادون غضبا".
وتابع: "بعض هذا الغضب يتم توجيهه نحو السلطة الفلسطينية التي تظهر أجهزتها الأمنية، مرة أخرى، كمتعاونة مع إسرائيل"، مشيرا إلى انشغال نتنياهو الآن بزيارة الصين، حيث "يهدد بحل الائتلاف، وسيضطر كما يبدو إلى إعطاء موقفه من كل هذه التطورات".