يتواصل الجدل في
لبنان حول سبل الرد على الإعلان
الإسرائيلي بالمضي بعملية استخراج النفط من المنطقة البحرية
الحدودية التي تقع ضمن النطاق الجغرافي اللبناني؛ بموجب اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة مع قبرص عام 2007.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية؛ قد تحدثت عن توجه للقيادة السياسية الإسرائيلية لطرح مشروع قانون بشأن الحدود الاقتصادية الإسرايئلية، وضم منطقة بحرية متنازع عليها مع لبنان.
يأتي ذلك، عقب معلومات نشرها الإعلام العبري عن طلب إسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة؛ الضغط على لبنان لإدخال تعديل على المناقصة التي يعتزم إطلاقها بشأن التنقيب عن النفط والغاز، بعد إعلان ثلاث شركات روسية المشاركة في التنقيب على النفط في المياه اللبنانية ضمن المنطقة المشار إليها.
ويتساءل مراقبون عن مدى جدية حزب الله في الرد على نوايا إسرائيل باستخراج النفط من المياه اللبنانية، في ظل انهماكه في الصراع في سوريا.
طمع إسرائيل في البحر
من جهته، رأى الخبير في قضايا الحدود، عصام خليفة، أن "إسرائيل لا تطمع في البر فقط، وإنّما في البحر، خصوصا بعد اكتشافات البترول في المياه الإقليمية"، داعيا الحكومة اللبنانية "إلى اتخاذ الإجراءات للدفاع عن الحقوق في المنطقة الاقتصادية البحرية".
ولم يستبعد خليفة "استغلال إسرائيل جزءا من الثروة النفطية في المياه اللبنانية"، مؤكدا أن "القانون الدولي يحصّن حقوق الدول بناء على ما تمتلكه من وثائق ودلائل، ولذلك يتوجب إصدار المراسيم المتعلقة بلبنان، والتي تكفل له حرية الاستفادة من الثروات التي تتواجد ضمن نطاقه الجغرافي، وتلزيم المساحات النفطية لشركات عالمية لسدّ الطريق أمام المطامع الإسرائيلية".
وطالب خليفة، في حديث لـ"
عربي21"، بإنجاز خطة تطويرية لاستغلال ثروات لبنان، من خلال تطوير مصفاتي الزهراني وطرابلس، والقيام بمفاوضات مع الجانب الأوروبي لاستغلال الثروة النفطية ضمن حصانة أوروبية.
واعتبر خليفة أن "الأزمة الداخلية تسهم في إضعاف الملف النفطي، في ظل السجالات القائمة والتباينات على أكثر من ملف"، مضيفا: "هناك حاجة ماسة لبناء قاعدة علمية وتخريج مهندسين متخصصين، بالتوازي مع ضرورة وقف سياسة نهب مقدرات لبنان من قبل الطبقة السياسية وعائلاتهم"، على حد قوله.
تآمر قبرصي- إسرائيلي
بدوره، قال الخبير النفطي اللبناني ربيع ياغيفي؛ إن "المناطق البحرية الجنوبية المتاخمة للحدود الشمالية لفلسطين المحتلة تعد مناطق واعدة للغاز الطبيعي والنفط الخام، بحسب المسوحات الجيوفيزائية والتقارير التقنية".
وأضاف لـ"
عربي21": "هناك تداخل في المساحة النفطية بين لبنان وفلسطين، بحسب الحدود البحرية التي رسمها لبنان، وهذا يتطلب تقاسم الثروات بين الجانبين بناء على القانون الدولي في المناطق المتداخلة بين الدول حصرا"، لافتا إلى "مساع إسرائيلية منذ عام 2010 لضم شريط بحري يبدأ من الناقورة إلى حدود قبرص، بمساحة إجمالية تبلغ 865 كيلومترا، وذلك بالادعاء أنها تمتلك تلك المساحة وفق اتفاقية رسم الحدود التي أبرمتها مع قبرص عام 2010، بينما وقع لبنان مع قبرص قبل ذلك بثلاث سنوات اتفاقا حدوديا يتضمن بندا يؤكد ضرورة الرجوع إلى لبنان في أي اتفاق حدودي مع طرف ثالث للاتفاق على المساحات الفاصلة بين الدول المعنية كافة".
وأشار ياغيفي إلى أن "قبرص لم تلتزم بالاتفاق، وتواطأت مع إسرائيل لشرعنة سيطرتها على تلك المساحة البحرية المشار إليها"، كما قال.
وحول ربط مسألة الإسراع الإسرائيلي في استخراج
الغاز من المياه اللبنانية؛ بتصديره إلى دول عربية، قال ياغي: "التصدير الإسرائيلي للغاز إلى الدول العربية يأتي من حقول مكتشفة سابقا تبعد 90 ميلا عن حيفا، إلا أن هناك غزلا إسرائيليا واضحا مع تركيا لمد خطوط النفط من شمال فلسطين إلى ميناء مرسين لتصديره إلى أوروبا بمسافة لا تتعدى 550 كيلومترا".
وعود حزب الله بالرد
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي جورج علم، لـ"
عربي21"، إن "هناك عدة أهداف من وراء هذا الإعلان (الإسرائيلي) وتوقيته، وهو يأتي بعد انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب، وتصعيده ضد إيران ومخططاته المتعلقة بفرض حظر جديد على طهران"، مضيفا: "لعبت واشنطن سابقا دور الوسيط بين لبنان وإسرائيل في أكثر من مجال لا سيما موضوع الحدود البحرية"، متسائلا: "هل ستستمر في هذا لعب هذا الدور؟".
ورأى علم أن الإعلان الإسرائيلي عن استخراج النفط يعد "استفزازا لحزب الله، ويشكل تحديا لأمين عام الحزب حسن نصر الله الذي سبق أن حذر من أي اعتداء على حقوق لبنان من قبل إسرائيل وبأنه سيكون عدوانا شبيها بالعدوان على الجنوب، ويتطلب ردا".
وأردف: "أعتقد أنه تهديد جدّي، لكني لا أعلم إمكانية تراجع نصر الله عن تهديداته قياسا إلى الوضع الدولي، وانهماك الحزب في المعارك على الأراضي السورية"، وفق تقديره.
واعتبر علم أن "إسرائيل تستفز حزب الله مرارا، وهذا يؤشر على سخونة الوضع بين الطرفين"، محذرا من "نوايا إسرائيلية للضغط نحو ترسيم الحدود في سوريا وفق المصالح الإسرائيلية".
ورجّح علم "محاولة إسرائيل استخراج النفط من المياه اللبنانية وإعادة تصديره إلى الأردن ومصر اللتين ترتبطان باتفاقية معها"، كما قال.