وصل عدد الجثث التي انتشلتها فرق الدفاع المدني العراقية من تحت الأنقاض، حتى اليوم السبت، إلى 500 جثة، جراء غارتين جويتين للتحالف الدولي استهدفتا منازل في مدينة الموصل.
وأحدثت "المجزرة" ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والاجتماعية العراقية، وطالب نواب في البرلمان بفتح تحقيق لكشف ملابسات "مجزرة" حي الموصل الجديدة في الساحل الأيمن من الموصل.
وأعلن المرصد العراقي لحقوق الإنسان، السبت، أن فرق الدفاع المدني والأهالي انتشلوا 500 جثة لمدنيين قتلوا خلال الأيام الماضية بقصف طيران التحالف الدولي.
وأضاف في تصريحات صحفية تناقلتها وسائل إعلام محلية، أن الجثث انتشلت من مناطق موصل الجديدة ووادي العين ورجم حديد وجامع فتحي العلي واليرموك.
وأشار إلى أن القصف المفرط الذي يعتبره التحالف الدولي حلا للقضاء على تنظيم الدولة، كان السبب وراء مقتل المئات من المدنيين العُزل في الموصل.
وقال مصطفى سعدون، مدير المرصد في تغريدة له عبر "تويتر"، إن "الأرقام عن مأساة الموصل مخيفة. الذين يريدون أن يخفوها لا يختلفون عن مجرمي الحرب. كذلك هو الحال مع الذين يريدون استغلالها سياسيا".
من جهتها، وصفت بسمة بسيم رئيسة المجلس المحلي للموصل "المجزرة في الموصل" بأنها أكثر بشاعة من "كوباني"، وقالت إن "عشرات الدور هدمت على أصحابها، وتحتها عشرات الجثث للأطفال والنساء تحت الأنقاض لم نتمكن من إنقاذهم".
وأضافت أن "أكثر من 500 شهيد سقطوا نتيجة لقصف جوي على منطقة لم يتواجد فيها سوى نحو ستة من عناصر تنظيم الدولة، لكن أكاد أجزم أن الأمر مقصود لاستهداف المدنيين من العرب السنة".
وفي حديث لـ"عربي21" قال عبد الله حمودات، الناشط العراقي من مدينة الموصل، إن "عائلة من أقاربه تتكون من زوجين وطفليهما لقيت مصرعها بالكامل، جراء قصف جوي عشوائي على منطقة الموصل الجديدة".
وأوضح حمودات أن "العوائل كانت محتمية مع بعضها داخل منازل عدة وكان في الشارع سيارتان مفخختان، فأقدمت طائرات التحالف على قصف إحداهما لتنفجر السيارتان، ما أدى إلى سقوط أكثر من 15 منزلا ودفنت جميع العوائل تحت الأنقاض".
ولفت إلى أن "عمليات البحث والإنقاذ ما زالت جارية لانتشال جثث المدنيين وغالبيتهم من النساء والأطفال، حيث إنه تم انتشال 500 جثة حتى الآن والعدد قابل للارتفاع، لأن عشرات الجثث تحت المنازل المهدمة".
وكانت مواقع محلية عراقية، ذكرت أمس الأول الخميس، أن 230 قتيلا سقطوا في غارتين منفصلتين جويتين، لطائرات يعتقد أنها تابعة لقوات التحالف، بحسب الشبكة.
وقالت شبكة "رووداو" إن 130 شخصا كانوا يحتمون بمنزل قد تم قصفهم في منطقة موصل الجديدة، فيما قتل 100 آخرون في ضربة استهدفت منزلاً آخر في الحي نفسه، فيما أشار التقرير إلى أن القتلى غالبيتهم من المدنيين.
وتناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي، السبت، صورا ومقاطع فيديو تظهر دفن عشرات الجثث قالوا إنها انتشلت من تحت الأنقاض لنحو 230 مدنيا قتلوا في الموصل بغارات جوية.
وتحدث مواطنون من أهالي الموصل، خلال بحثهم عن جثث ذويهم تحت الأنقاض عن القصف الجوي لمنازل يحتمي فيها مدنيون غالبيتهم من النساء والأطفال.
من جانبه، لفت بيان التحالف، إلى أن عناصر تنظيم الدولة "يستعملون تكتيكات وحشية لإرهاب المدنيين، بينها استخدامهم للدروع البشرية واستخدام الأماكن المحمية (بالقانون الدولي) مثل المدارس والمستشفيات والمواقع الدينية".
التحالف يحقق
من جهته، قال التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، مساء الجمعة، إنه يقوم بدراسة مستمرة لدعاوى سقوط المدنيين جراء الغارات التي تنفذها طائراته في العراق وسوريا.
جاء ذلك في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لعمليات "العزيمة الصلبة"، ردا على الأنباء التي تتحدث عن سقوط 230 مدنيا في غارة جوية للتحالف الدولي على مدينة الموصل العراقية.
وأضاف البيان: "لقد قام التحالف بفتح تقييم لمصداقية الخسائر في أرواح المدنيين بخصوص هذه الدعاوى، ونحن نقوم الآن بتحليل دعاوى متباينة، وكل الغارات التي وقعت ضمن هذه المنطقة".
وأشار إلى أن عملية التحقيق هذه "تتطلب بعض الوقت".
وأكد البيان أن القوات الدولية تقوم بدراسة "عدة ادعاءات تتحدث عن شن التحالف غارة في المنطقة بين الـ17 والـ23 من آذار/ مارس"، دون مزيد من التفاصيل عنها.
بدوره، قال النائب في البرلمان العراقي كاظم الشمري، إن "الهدف الأساسي الذي كان الجميع يسعى له في عمليات تحرير نينوى وكل مناطق العراق هو تقليل الخسائر بين صفوف المدنيين والقوات الأمنية على حد سواء".
وأضاف أن "ما حصل من مجزرة في دفن المئات تحت أنقاض المنازل في حي الموصل الجديدة، مجزرة وكارثة بكل ما تعني الكلمة"، داعيا إلى "تشكيل لجنة تحقيق عالية المستوى من التحالف الدولي والحكومة لمعرفة المتسبب فيها".
وشدد الشمري على "ضرورة إبداء أعلى درجات الحرص والمسؤولية في تنفيذ الواجبات العسكرية، وإبعاد المدنيين قدر الإمكان عن مصادر النيران وتفويت الفرصة على الإرهابيين باستغلال ارتفاع عدد الضحايا بين المدنيين لتحقيق مكاسب معنوية".
ويسقط مدنيون قتلى وجرحى خلال المعركة العنيفة بين القوات العراقية المدعومة من قوات التحالف، ضد مسلحي تنظيم الدولة في الموصل، رغم أن قادة الجيش يؤكدون مرارا اتخاذ الإجراءات التي تحد من المخاطر على المدنيين.
وبدأت القوات العراقية في 19 شباط/ فبراير الماضي، عمليات اقتحام الجانب الغربي للموصل وتمكنت من تحرير عشرات الأحياء داخل المدينة إضافة إلى مطار الموصل وقاعدة عسكرية قريبة وقرى ومناطق في الأطراف.