يزاحم الملف
الفلسطيني ملفات أخرى شائكة ستطرح في
القمة العربية التي تبدأ أعمالها في الأربعاء؛ في منطقة البحر الميت الأردنية (55 كيلومترا جنوب غرب عمان).
وعلى رأس هذه الملفات: ملف الأزمة السورية، والملف اليمني والليبي، وملف مكافحة الإرهاب، وصيانة الأمن القومي العربي، والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وغيرها من القضايا كشفت عنها مسودة القرارات المعروضة على وزراء الخارجية العرب.
ويبرز الملف الفلسطيني ومحاولة إحياء مفاوضات
السلام في وقت تشهد فيه الدول العربية أزمات متعددة، إلى جانب انقسام فلسطيني، ومحاولات إسرائيلية لدفن حل الدولتين والاستعاضة عن السلام مع الفلسطينيين بسلام مع الدول العربية التي قال عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شباط/ فبراير، خلال لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه لأول مرة في حياته، ولأول مرة منذ إقامة إسرائيل، لا تعتبر الدول العربية إسرائيل عدوة، بل تعتبرها حليفة لها.
اقرأ ايضا: بعد لقاء ترامب- نتنياهو.. هل بات الأردن في "مرمى النيران"؟
ويتخوف محللون، تحدثوا لـ"
عربي21"، من تسريبات إعلامية حول مبادرة جديدة تتعلق بالقضية الفلسطينية؛ ذُكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيطرحها في القمة العربية، وأن عبد الفتاح السيسي سيحملها للإدارة الأمريكية في لقائه المرتقب مع ترامب بعد عشرة أيام من انعقاد القمة.
وتأتي هذه التخوفات بسبب "التنازلات التي قد يقدمها العرب لإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية"، إذ يصف المحلل السياسي لبيب قمحاوي في حديث لـ"
عربي21" قمة عمان بأنها "قمة لإغلاق الملف الفلسطيني، وتغطية عربية لمشروع إسرائيلي بدعم امريكي وموافقة فلسطينية"، كما يقول.
ويرى قمحاوي أن السناريو الذي سيطرح في القمة "مبني على إبقاء الاحتلال وإنشاء دويلة في غزة، وتكريس يهودية الدولة مع حُكم أردني للفلسطينيين في الضفة، ولكن مع بقاء الأرض لإسرائيل".
مبادرة سلام جديدة
ويأتي الحديث عن مبادرة سلام عربية مع إسرائيل بعد أن تحدث الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، الأسبوع الماضي، عن مبادرة سلام جديدة مع إسرائيل سيطرحها الرئيس عباس خلال القمّة العربية.
من جهته، عبّر عضو المجلس الوطني الفلسطيني، زهير صندوقة، عن عدم تفاؤله بتصريحات أبو الغيط، مشددا في حديث لـ"
عربي21"، على أن "أي تسويات ستتم على حساب قضية الشعب الفلسطيني وأدنى متطلباته وحقوقه الوطنية الثابتة؛ بسبب مجمل الأمور في المنطقة، وبسبب المنحى الأمريكي- الإسرائيلي لا تسير لصالح القضية الفلسطينية". وأضاف: "آسف للقول إن أي طبخة ستتم في هذه المرحلة لن تكون لصالحنا".
السلطة الفلسطينية
بدورها أكدت السلطة الفلسطينية، وعلى لسان مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية، نبيل شعث، في تصريحات يوم الاثنين، أن "القمة العربية ستبحث المحاولات الإسرائيلية والأمريكية لقلب مبادرة السلام العربية وفق ما بات يعرف بالحل الإقليمي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي"، مشددا على ضرورة وجود خطة واضحة تنطلق من مبادرة السلام لدعم الموقف الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لإنهاء استيطانها واحتلالها.
كما أوضح نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، لصحيفة القدس الفلسطينية الثلاثاء الماضي، أن "القادة العرب أكدوا خلال لقاءاتهم الأخيرة بالرئيس محمود عباس تمسكهم بمبادرة السلام العربية، وعدم وجود أي نية للقيادة الفلسطينية لتقديم مشروع سلام جديد خلال القمة العربية"، وفق قوله.
"تنازل وتطبيع"
من جهته، يرى الكاتب والمحلل اللبناني، عبد الوهاب بدرخان، أن "هنالك شيئا يطبخ بعيدا عن الأضواء، ومقترحات قيد الدراسة ربما تتبلور بعد زيارة الرئيس المصري للولايات المتحدة".
وأعرب بدرخان، في حديث لـ"
عربي21"، عن خشيته من أن "يكون هنالك نهج تنازل يفرض على العرب، سواء من تحت شعار توحيد الإقليم في مواجهة إيران، عربا وإسرائيليين، أو من تحت شعار وجود إدارة أمريكية جديدة برئاسة ترامب"، وفق قوله.
لكن بدرخان استبعد في الوقت ذاته؛ "أن يكون هنالك جديد في القمة العربية، أو تغيير في المبادرة العربية للسلام، أو إضافة بنود يمكن أن يكون عليها خلاف بين الزعماء".
ونصت مشاريع القرارات المعروضة على وزراء الخارجية العرب، فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، على "تمسك الدول العربية والتزامها بمبادرة السلام العربية، ومطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016؛ الذي أكد أن الاستيطان الإسرائيلي يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام".
وفي هذا السياق، يُطلق محفوظ جابر، عضو حزب الوحدة الشعبية (حزب يساري أردني)، على قمة عمان وصف "قمة
التطبيع".
ويرى في حديث لـ"
عربي21"؛ أن القمة "تتناقض مع قمة الخرطوم في آب/ أغسطس 1967 التي ناقشت اللاءات الثلاثة: لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات، وتأتي التسريبات من القمة لتقول عكس ذلك"، وفق قوله.
وتوقع جابر أن يخرج من القمة في عمان "قرار بتطبيع عربي مع إسرائيل، يتماشى مع رغبة نتنياهو في إقامة سلام وتطبيع علاقات مع الدول العربية، مع متغير أن نتنياهو لن يقدم أي تنازل في ملف القضية الفلسطينية، وخصوصا الحدود وحق العودة والقدس والتي ستؤجل من الجانب الإسرائيلي بغية شراء الوقت"، بحسب تعبيره.
وتنص المبادرة العربية للسلام التي العربية أطلقها العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في قمة بيروت 2002، على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.