نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للسفير
الفلسطيني في لندن مانويل حساسيان، يقول فيه إن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أكد خلال زيارته إلى رام الله مؤخرا، دعم بلاده الدائم لحل الدولتين، وموقفها بعدم شرعية
المستوطنات، التي هي حجر عثرة أمام عملية السلام، مشيرا إلى أن
بريطانيا دعمت في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أعاد تأكيد عدم شرعية المستوطنات.
ويستدرك السفير في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن "الحكومة البريطانية اختارت في الشهر الماضي عدم التصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على قرار يسمح بتحميل
إسرائيل المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبناء المستوطنات غير الشرعية، وهذا يوضح تماما بأن بريطانيا ترفض الضغط على إسرائيل للتوقف عن سرقتها للأراضي الفلسطينية".
ويشير حساسيان إلى أن "بريطانيا فرشت في شباط/فبراير السجاد الأحمر أمام مقر الحكومة البريطانية؛ لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يمثل حكومة اليمين المتطرف، التي تتصرف بعنصرية متزايدة، وأعلن وزير الخارجية البريطانية بافتخار عن توقيع بلديهما أكبر صفقة تجارية".
ويعلق السفير قائلا: "بالتأكيد ليس هناك سجاد أحمر عند التعامل مع الفلسطينيين، ففي عام 2011 رفعت بريطانيا من حالة مكتب الممثل الفلسطيني من مفوضية إلى بعثة دبلوماسية، وكان رفع المستوى هذا في الواقع رمزيا؛ لأنه لم تترتب عليه امتيازات دبلوماسية، لكن منذ ذلك الحين لم نشاهد سوى التراجع في وضعنا، فموظفو البعثة لا يتمتعون بمميزات الدبلوماسيين ذاتها، ويقال لنا إن ذلك ناجم عن عدم اعتراف بريطانيا بفلسطين".
ويقول حساسيان: "على المستوى المؤسساتي الأوسع، هناك عدوانية تجاه من ينتقد الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك واضحا من التعامل الفظ مع الطلاب الناشطين خلال أسبوع الأبارتايد الإسرائيلي، فمساواة النشاط لأجل الحقوق الفلسطينية بالإسلام الراديكالي، والخلط بين النقد الشرعي للسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين ومعاداة السامية أمر خاطئ، ويجب عدم تجريم النضال لأجل الحقوق الفلسطينية".
ويذهب الكاتب إلى أن "حكومة المحافظين تحقق المزيد من العزلة في دعمها غير المشروط لإسرائيل، فالبرلمان والأحزاب المعارضة الرئيسية تنتقد انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، وأيدت خطوات لتوبيخ إسرائيل وتمكين الفلسطينيين، وصوت البرلمان عام 2014 للاعتراف بفلسطين، وتمت مناقشة انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي مرات عديدة، بما في ذلك طريقة معاملة الأطفال في المعتقلات والمستوطنات غير الشرعية، وهناك لجنة تحقيق في السياسة الخارجية البريطانية فيما يتعلق بسياسة المملكة المتحدة تجاه فلسطين وإسرائيل".
ويلفت السفير الفلسطيني إلى أن "خطط الحكومة للاحتفال بمئوية
وعد بلفور، التي تحل في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، تختزل المقاربة أحادية الجانب، فالوعد أدى إلى قيام إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته تنازل عن ميراث الشعب الفلسطيني، وخلق أجيالا من اللاجئين، وبالرغم من هذا فإن رئيسة الوزراء تيريزا ماي قالت لأصدقاء إسرائيل المحافظين في شهر كانون الأول/ ديسمبر، بأن وعد بلفور كان (إحدى أهم الرسائل في التاريخ)، وأن حكومتها (ستحتفل بذكراه باعتزاز)، وهذا يعد بدرجة وضع الملح على الجرح لكل فلسطيني، بالإضافة إلى زيارة ملكية إلى إسرائيل هذا العام، هي الأولى منذ عام 1948".
ويؤكد حساسيان أن "الفلسطينيين كغيرهم في أنحاء العالم، يمتلكون الحق في تقرير المصير، ويرغب اللاجئون الفلسطينيون في ممارسة حقهم بالعودة إلى ديارهم، كما هو منصوص عليه في القرار رقم 194، وواضح أن إسرائيل لن تعطيهم هذا الحق دون ضغط دولي".
ويجد السفير أن "نافذة حل الدولتين تغلق بسرعة؛ لأن إسرائيل تسرق المزيد من الأراضي لمستوطناتها غير الشرعية، حيث تنازل الفلسطينيون إلى درجة أنه لم يبق لديهم ما يتنازلون عنه، فعلى ماذا يمكن أن يتفاوض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اجتماعه القادم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ أما بالنسبة للشعب، خاصة من ولد في الربع قرن الأخير بعد اتفاق أوسلو ومهزلة (العملية السلمية)، فأي أمل تبقى لهم؟"
ويخلص حساسيان إلى القول: "يشكل هذا العام، الذي تمر فيه ذكرى خمسين عاما على الاحتلال، و10 أعوام على حصار غزة، و100 عام على وعد بلفور، فرصة جيدة لبريطانيا لتصحيح خطأ عمره قرن، للعمل على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وإلا فإن المنطقة ستستمر في حالة من عدم الاستقرار لسنوات كثيرة قادمة، وسيلاحق بريطانيا شبح ما ينبني على تصرفات إسرائيل وضلوعها في ذلك".