عاد مرة أخرى المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيد للحديث عن فلسطين والحقوق الفلسطينية بمناسبة إعلان تجديد ترشحه لخلافة نفسه على قاعدة دستور كتبه بنفسه وتحت إشراف هيئة قام بتسمية أعضائها وفي ظل إشاعة أجواء خوف ورعب من القضاء الذي جعله وظيفة وأداة يعاقب بها خصومه..
في شباط / فبراير 2013 كان قيس سعيد في غاية السعادة والزهو ـ وهو يحضر بدار الضيافة بقرطاج بجانب شخصيات وطنية مرموقة كان استدعاهم حمادي الجبالي في إطار "مجلس حكماء" من أجل تقدير الوضع القائم في البلاد حينها ولتقديم المقترحات التي تكفل الخروج من الأزمة السياسية.
ليس من المبالغة القول بأن عدم الجدية والإحباط واليأس هي الانطباعات التي يعطيها وجود الوفد التونسي الذي شارك في اجتماعات لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من 18 إلى 24 نيسان (أبريل) الجاري في واشنطن..
الشعب التونسي يكافح اليوم من أجل استعادة حريته وكرامته وإعادة مؤسساته التي انقلب عليها تعسفيا السيد قيس سعيد وكل المواقف الداخلية للأحزاب والمنظمات الوطنية وجمعيات المجتمع المدني وحتى المنتظم الدولي تقر ببطلان هذا الانقلاب...
إن واقع الديبلوماسية التونسية اليوم والتي تقع تحت إشراف رئيس الدولة وما تعانيه تونس من عزلة خارجية والواقع الذي أنتجه السلوك السياسي للرئيس قيس سعيد، هي دلائل واضحة على الحالة التي وصلت إليها البلاد والتي تستوجب تكاتف جهود كل الخيرين والوطنيين من أجل إنقاذ البلاد..
"الانتصار هو أن نجعل شعبنا وأمتنا وأبناءنا يفخرون بما أنجزنا، حافظنا على الأمانة وعملنا على أن تكون السلطة أداة لتحقيق الأهداف وليس هدفا.. ستذكر الأجيال أن سياسيا ومثقفا حكم بلدا عربيا في ظروف عصيبة وخرج من السلطة كزعيم وقائد لمشروع أكبر"..
لقد أضاعت الرئاسة قطعة من السيادة يوم تجاهلت قبول 3 وفود فلسطينية من غزة على امتداد السنتين الماضيتين جاؤوا ليطلعوكم على وضعهم في فلسطين وتجنبت قيادتهم بسلوك حضاري راقي إحراجكم بزيارات لبلدان الجوار المباشر..
لم أكن اعرف الأستاذ قيس سعيد قبل الثورة لأنه ببساطة لم يكن أحد الفاعلين في المشهدين الحقوقي أو القانوني، وطبعا لا مجال للحديث عن الجانب السياسي وقتها وبالتالي اعتبرنا أن الثورة تجب ما قبلها وأن الجميع يبني على المشترك على قاعدة الوطن للجميع.
مثلت زيارة وفد حركة "حماس" إلى تونس هذه الأيام مناسبة للتونسيين للاطلاع على حقيقة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في قطاع غزة المحاصر منذ 15 سنة..
اليوم وبعد مرور عشر سنوات على ثورة "الحرية والكرامة" أصبح يتعين وجوبا الارتقاء بالدبلوماسية التونسية إلى مستوى التطلعات المرجوة وانتهاج مفهوم طالما نادينا به وهو تعدد المبادرات الدولية الهادفة والترويج الأمثل بكل مصداقية للنجاحات الوطنية المتميزة.
يجب التحذير من عملية الترذيل والتشكيك في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المجلس النيابي الذي يضع تواصل الدولة في خطر. ومن المهم دعم البرلمان كمؤسسة تشريعية ممثلة للشعب، من أجل إنجاز "القانون الانتخابي" الذي يقطع مع التشتت والخطاب المبتذل.
حديث المسؤولين الفرنسيين عن محاربة الإسلام السياسي هو بمثابة السراب وخوض معارك مع عدو غير معرف وصرف للأنظار عن الأزمات الحقيقية والكبيرة لفرنسا اليوم. إن الخطاب الفرنسي المتشنج وغير العقلاني، فهمه البعض وبخاصة العرب منهم، بأن الإخوان هم رأس الحربة في هذه المعركة..
يجب على صانع القرار في مصر قراءة الواقع والتوازات والمتغيرات، وأن يدرك أن ما يقوم به في حلايب مع السودان غير ممكن في ليبيا، وأن الأولوية القصوى هي لإرجاع كرامة المواطن المصري وحفظ حقوقه في الداخل والخارج..
نفهم بعض ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة داخليا وخارجيا، ولكن يجب التذكير بأن السيد قيس سعيد هو رئيس الجمهورية المنتخب ولا يعبر عن رأيه كأستاذ قانون ومفكر له آراؤه وأفكاره التي تلزمه ومن يؤمن بها..