منير شفيق يكتب: يقف الوضع العسكري في الحرب المُسيطر على سقفها بين حزب الله والكيان الصهيوني، على شفا شنّ حرب شاملة من جانب العدو، وهو يتلقى الهزائم ضمن قواعد الاشتباك التي حوفظ على التصعيد المتبادل فيها لثمانية أشهر، مع دخولها في الشهر التاسع منذ بضعة أيام
منير شفيق يكتب: منظر الذين أُطلق سراحهم، وبلا حاجة إلى حديثهم عما عانوه خلال الأشهر الثمانية الماضية، يقدم شهادة مروّعة لما تعرضوا له في سجون الاعتقال الصهيوني من تعذيب وسوء معاملة، وجرائم لا تغتفر
يا لفرحة نتنياهو، ويا لإعادة اعتبار وهمي يشعر به جيش الكيان الصهيوني، وأي إنجاز تاريخي، مقابل استخلاص أربعة أسرى من مخبأ لهم، فوق الأرض في مخيم النصيرات. وذلك بعد طول انكسار، وفشل طوال ثمانية أشهر، من حرب العدوان على قطاع غزة..
منير شفيق يكتب: بالنسبة للضغط الناجم عن الإبادة الإنسانية للمدنيين والعمران، فقد أثبتت حماس، بموقفها من قبول الهدنة التي عرضت سابقا، حرصها الأكيد على تجنب ما يتعرض له المدنيون. ولهذا فإن محاولة أمريكا تحميل مسؤولية عدم التوصل إلى هدنة على عاتق حماس، إنما هو افتراء، وهروب من تحملها هي المسؤولية الكاملة
منير شفيق يكتب: تجاوز المحكمتين الدوليتين لهذا الامتياز، ما كان ليحدث لولا ما أصاب سيطرة أمريكا من ضعف على المستوى العالمي، أما السبب المباشر والأهم قطعا فهو المقاومة وقيادتها، والشعب في قطاع غزة، مما أفشل الهجوم العسكري الذي لم يستطع أن ينتصر أو يحقق أي جزء من أهدافه، ما أفسح للرأي العام العالمي متابعة الإبادة الإنسانية ومشاهدتها في أبشع صورة، الأمر الذي أدّى بدوره إلى اندلاع ثورة عالمية ضد "إسرائيل"
كل شروط التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أصبحت متوفرة. وذلك بسبب ضخامة خسائر الجيش الصهيوني، وفشله في تحقيق أي من الأهداف التي وضعها للحرب. بل فشله في تحقيق إنجاز عسكري واحد في المواجهة مع المقاومة، عدا القتل الجماعي للمدنيين، وهدم المعمار..
انقسم الوضع الفلسطيني عام 2007 بين سلطة فلسطينية بقيادة فتح، تحت الاحتلال في الضفة الغربية، وسلطة في قطاع غزة بقيادة حماس، محررة من الاحتلال. وقد تحوّلت إلى قاعدة مقاومة مسلحة، تشارك فيها حركة الجهاد. وكان وراء الانقسام خلاف استراتيجي وسياسي، وليس كما روّج البعض، بأنه صراع على السلطة.
نحن الآن في قلب احتدام الحرب في قطاع غزة. وقد اقتربت من لحظة الحسم فيها، أياماً أو أسابيع، أو أكثر. وذلك فيما أخذت تنتشر، من بين ما أخذ ينتشر، مقولات ومخططات للمرحلة القادمة..
منير شفيق يكتب: كان المقصود الأول من القبول بحلّ الدولتين، أو مطالبة الفلسطينيين بدولة وفقا لقرار التقسيم، أو وفقا لقرار حدود حزيران/ يونيو 1967، هو الإقرار واقعيا أو من حيث المبدأ بتقسيم فلسطين، من حيث إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس
لقد تزايدت الضغوطات، خاصة من الرئيس الأمريكي بايدن على نتنياهو شخصياً، لكي يسمح بمرور مساعدات أكثر إلى قطاع غزة، وأن يتجّه أكثر لاتفاق هدنة وتبادل أسرى، مع تلميح حتى، لوقف إطلاق النار. ولكن مع تأكيد أمريكي على مواصلة مدّ جيش الكيان الصهيوني بالسلاح، مع تأكيد أيضاً، على دعم الكيان الصهيوني وحمايته، والوقوف إلى جانبه في أيّة مواجهة مع إيران، أو حزب الله، ولكن مع عدم الردّ. أو طبعاً مع الاتفاق على ضرورة ضرب حماس، مع اختلاف في الأسلوب. فأمريكا ترى العمل على تحقيق هذا الهدف، بعد وقف إطلاق النار، وليس الاستمرار في الحرب.
ثمة مشكلة من بين مشاكل كثيرة، تحول دون توحّد الموقف الفلسطيني، هو عدم إعطاء أولوية للوحدة ضد الكيان الصهيوني، وليس عل أساس وحدة مع هذه القيادة، أو تلك، أي مع هذا الفصيل أو ذاك. فالمشكلة هي في مع من أو مع من نتفق وإياه..
منذ تأسست المقاومة المسلحة الفلسطينية المعاصرة من خلال حركة فتح 1965، بل منذ تسلمت الفصائل الفلسطينية بقيادة فتح م.ت.ف، وهنالك مقولة مسمومة تلاحق المقاومة في أثناء، أو بعد، كل حرب تشنّ ضدها، وضد الشعب الفلسطيني,
عندما يصل الوضع العقلي والنفسي في قادة الكيان الصهيوني وداعميهم ومشجعيهم إلى هذا الحد، يكون العالم قد دفن كل ما يمكن اعتباره قانونا دوليا، وأخلاقا وقِيما، وتراثا إنسانيا وحضاريا على مستوى عالمي، وليس على مستوى محلي فقط. أي هي انتقالة إلى مرحلة الوحوش التي تحكم العالم بألوان من الوحشية التي لم تعرفها الغابة، والمهدّدة للإنسان بأسوأ علاقات، وأسوأ ما يمكن أن ينحط إليه البشر.
يجب أن يركز، تفكيرنا وسياساتنا ونشاطاتنا، في خدمة هذه الأولوية، أي في دعم المقاومة، كما في الحشد العربي والإسلامي والعالمي، من أجل عزل الكيان الصهيوني، وإدارة بايدن، وفتّ عضدهما، سياسياً ورأياً عاماً عالمياً. مما يترجم نفسه عسكرياً، ولو بصورة غير مباشرة، وغير سريعة.