عبر مصريون عن معارضتهم للحكم في حين عبر آخرون عن تأييدهم له- جيتي
ثار جدل واسع في مصر، خلال الساعات الأخيرة، حول حكم قضائي أصدرته محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، يقضي بحق طفل نتيجة زواج عرفي في القيد بسجلات مصلحة الأحوال المدنية.
الحكم القضائي وصفه الإعلامي عمرو أديب، بأنه "خبر تاريخي، لأنه سيغيِّر حاجات كثيرة في المجتمع المصري"، فيما قال اجتماعيون إنه يصدر لحماية حقوق أطفال الزواج العرفي، بينما رفضه برلمانيون.
ماذا يقول الحكم؟
قضت الدائرة الثانية بالمحكمة، الأحد، بأحقية سيدة في قيد طفلها بسجلات مصلحة الأحوال المدنية بصفة مؤقتة باسم زوجها، استنادا إلى عقد زواجها العرفي منه.
واستندت المحكمة إلى أن عقد الزواج العرفي يُعد في ذاته منشأ لحق المدعية في قيد طفلها المذكور، واستصدار وثيقة ميلاد له مثبت فيها اسمه منسوبا إلى زوجها في ذلك العقد، أخذا في الاعتبار أن وثيقة الميلاد بمفردها ليست حجة في إثبات النسب، وإنما تعد قرينة بسيطة دلل عليها هذا العقد.
وأشارت المحكمة إلى أن تلك القرينة تزول بمجرد صدور حكم نهائي من محكمة الأسرة المختصة، بنفي نسبة طفل المدعية المذكور إليه والده في ذلك العقد، وهو ما لم يتحقق في الحالة الماثلة، وذلك حماية لوضع ظاهر يميز المولود، وإن كان بسند غير رسمي، وأعطى للمولود وضع واسم "غير اللقيط".
وأشارت المحكمة إلى أن "التصاق الطفل بأمه تعبير صادق عن العلاقة الربانية بين كائنين متصلين حسيا، أحدهما على قيد الحياة، والآخر في الأحشاء، وبهذه المسافة فإن حرمان الأم من إثبات عقدها العرفي يُعد نوعا من الإيذاء النفسي والبدني لها، وإن حرمان الطفل من أخص ما له من حقوق يعد تعديا على آدميته، ويُعد أعظم هدر لحقوقه الدستورية، كما أن حرمانه من اسم والده يحقر من شأنه".
"كلام جديد لانج"
وفي برنامجه "كل يوم"، عبر فضائية "ON-E"، مساء الأحد، علق عمرو أديب على الخبر قائلا: "ده كلام جديد لانج".
وأضاف: "أي فتاة معها ورقة زواج عرفي تقدر تسجل ابنها على اسم زوجها مؤقتا، وإعطاء المولود اسم غير لفظ "لقيط"، وبعد كده تفصل محكمة الأسرة في النسب".
"الولد للفراش"
لكن وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، محمد نبيل الجمل، علَّق بالقول إنه حتى الآن لا توجد أي مواد تشريعية رادعة تمنع وتحد من الزواج العرفي، وإن القاعدة الشرعية التي لا يزال العمل بها قائما هي أن: "الولد للفراش".
وأشار إلى أن قرار القضاء الإداري ألزم الدولة بتسجيل أبناء الزواج العرفي بناء على وثيقة الزواج العرفي، لكن يجب على البرلمان سرعة النظر في القرار، وإعداد مشروع بقانون يحد من هذا النوع، مع تحقيق معاملة عادلة للأبناء الناتجين عن هذا النوع من الزواج، وفق قوله.
مؤيدون للحكم
في المقابل، أشادت المحامية الليبرالية مها أبو بكر، بقرار القضاء، معتبرة أنه "قرار تاريخي للحفاظ على مستقبل الأطفال".
وقالت، في تصريحات صحفية، إن الأطفال سواء كانوا لزواج عرفي أو رسمي ليس عليهم ذنب، بالإضافة إلى أن ثبوت أطفال الزواج العرفي في الأوراق الرسمية للدولة، يحافظ على حقوقهم في المجتمع كـ"الرعاية الصحية، والتعليم وغيرها من المميزات التي يحصل عليها أي مواطن مقيد بالدولة".
قضايا وأرقام
إلى ذلك، رصدت صحيفة "صوت الأمة" أبرز قضايا إثبات النسب التي تداولها الإعلام المصري في الفترة الأخيرة، ومنها قضية أحمد عز وزينة، وتعود تفاصيلها إلى عام 2013 عندما كانت في الولايات المتحدة، وترددت أنباء عن زواجها من الفنان أحمد عز، ووضعها طفلين، لكنه نفى ذلك، حتى عادت مطلع 2014 للقاهرة، وبصحبتها طفلان توأم، وصرحت وقتها بأنهما ابنا عز، مؤكدة زواجهما عرفيا.
كما تُعد قضية مهندسة الديكور، هند الحناوي وأحمد الفيشاوي، من أشهر قضايا النسب، وبدأت عام 2003، عندما فجرت مفاجأة بإعلانها أنها حامل من الفيشاوي، وأنها متزوجة منه عرفيا، إلا أنه قابل إعلانها بالنفي.
ومع مطلع كانون الثاني/يناير 2017، نشرت هدير مكاوي منشورا عبر حسابها على "فيسبوك" أعلنت فيه قدوم صغيرها إلى العالم، الذي قررت الاحتفاظ به بعد رفض زوجها العرفي الاعتراف به، ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى أطلق البعض وسم (هاشتاغ) "ادعم هدير"، و"single mother".
يُذكر أن آخر إحصاء أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر، ذكر أن إجمالي أعداد عقود الزواج العرفي في عام 2014، التي تم التصديق عليها بلغت 888 ألف عقد؛ فيما لا توجد إحصائية رسمية بعدد حالات الزواج العرفي بمصر، لكونه يتم بصورة سرية، ولرغبة الطرفين في عدم تصديقه أو إشهاره.
وفي نيسان/ أبريل 2015، اعترفت المحكمة الإدارية في مصر، بعقد الزواج العرفي لسيدة، وحكمت بإدراج اسم طفلها في مصلحة الأحوال المدنية للحصول على رقم قومي، كما ألزمت وزارة التربية والتعليم بقبول الطفل بإحدى المدارس استنادا لقانون حماية الطفل.
وقد أثار ذلك جدلا وقتها، لاسيما بعد تزايد قضايا النسب من الزواج العرفي إلى أكثر من 14 ألف قضية سنويا، بينما رأى بعض رجال علماء أن ذلك سيشجع على ظاهرة الزواج العرفي غير الموافق للشريعة، وأحكام الدين.