نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب كريد نيوتون، حول مشروع بحثي أطلقته كلية الحقوق في
جامعة هارفارد، لإلقاء الضوء على
الشريعة الإسلامية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن إطلاق هذا المشروع يأتي وسط انتشار واسع للإسلاموفوبيا، ويهدف لجمع المعلومات حول
قوانين الشريعة الإسلامية في مكان واحد يكون مرجعا للباحثين من علماء وصحافيين وصناع سياسة، وجعل هذه المعلومات متوفرة للجميع، لافتا إلى أن المشروع يحمل اسم "شريعة سورس"، بحسب ما قالته محررة البحث شارون تاي.
ويذكر نيوتون أن "شريعة سورس" يستضيف نقاشات علمية لقضايا عرضت في المحاكم، وتعاملت مباشرة مع قانون الدولة "الولاية" والقوانين الشرعية من العالم كله مع تركيز خاص على أمريكا.
وينقل الموقع عن تاي، قولها: "كثيرا ما ينظر إلى القانون الإسلامي على أنه قانون أساسي لا يعرفه إلا القليل، ومن الصعب الإحاطة به، وأن هناك تصورا من الإدراك لغياب المنطق لأنه قائم على الدين، لكن في الواقع هناك منطق واضح يدعمه... وخدم تاريخيا المجتمعات التي طبق فيها".
ويلفت التقرير إلى أن أستاذة القانون في كلية الحقوق في جامعة هارفارد، ومديرة برنامج دراسات القانون الشرعي الدكتورة انتصار رب، هي التي طرحت فكرة المشروع قبل عشرة أعوام تقريبا، مشيرا إلى أن نتائج المبادرة بدأت بالظهور في السنوات القليلة الماضية.
"عادة ما يهمل القضاة الشريعة تماما"
وتقول تاي للموقع إن مدونة مبادرة البحث تنشر قضايا على شكل سرد؛ بهدف "تحويل القضية إلى قصة لتوضيح معانيها، وكيف تم التعامل معها، وهذا ما نفعله لنقلل من تعقيد هذه القضايا".
ويبين التقرير أن معظم هذه القضايا، التي بلغ عددها 173 قضية، تم نشرها إلى الآن، كان القضاة فيها يهملون تماما القوانين الشرعية، مشيرا إلى أن كثيرا من هذه القضايا تتعامل مع قضايا تمييز والحريات الدينية لسجناء تحولوا للإسلام خلال وجودهم في السجن.
ويذكر الكاتب أن أول قضية نشرها مشروع "شريعة سورس" هي قصة عليم ضد عليم، وهي قضية لزوجين من باكستان، انتقلا لأمريكا ثم طلبا الطلاق، وكان الزوح قد طلق زوجته، ثم قال إنه ليس لها حق في الأملاك؛ لأن ذلك لم يكن في العقد الذي تم توقيعه في باكستان، فيما قالت الزوجة إن الطلاق يجب أن يتم بحسب القوانين الأمريكية، وأن تقسم الأملاك العقارية بالتساوي، ووافقت المحكمة قائلة بأن محكمة ميريلاند لن تراعي القوانين الباكستانية التي تنبثق من الشريعة، وعلقت تاي قائلة: "تم تقديم المبادئ القانونية الأمريكية".
وينوه الموقع إلى أنه كون عدد من الولايات الأمريكية أصدرت قوانين تمنع استخدام القوانين الشرعية والأجنبية في محاكمها، وغيرها تفكر بفرض قوانين شبيهة، فإنه أصبح هناك هدف آخر لتاي وزملائها، وهو تبسيط القانون الشرعي؛ ليستطيع العامة فهمه بسهولة.
قانون الأرض
وينقل التقرير عن الإمام جون إدرير وهو من سكان أوكلاهوما، ويدرس في مسجد السلام في تولسا في أوكلوهوما، قوله إنه يجب على المسلمين احترام قانون الدولة التي يعيشون فيها، بحسب الإسلام، مشيرا إلى أن إدرير، البالغ من العمر 38 عاما، تحول إلى الإسلام عندما كان عمره 18 عاما، ودرس اللغة العربية والإسلام في مصر والكويت بعد ذلك بسنوات.
وقال إدرير للموقع: "نحن ملزمون، كوننا مواطنين في بلد غير مسلم، أن نطبق ونحترم قوانين ذلك البلد"، وأضاف أن هذا منصوص عليه في السورة الخامسة من القرآن، التي تطلب من المسلمين أن يفوا بالعقود كلها، وقال الإمام: "إذا اخترت أن أكون مواطنا، وأحصل على كرت أخضر، أو تأشيرة دخول، فإنه ينبغي علي أن أتبع تلك القوانين".
ويفيد نيوتون بأن الإجراء الذي اتخذته أوكلاهوما، الذي يمنع المحاكم من أخذ القوانين الشرعية وغيرها من القوانين الأجنبية بعين الاعتبار في أي ظروف، كان قد تم تمريره عام 2010، وتم الاعتراض عليه بعد ذلك بفترة قصيرة، ثم تم إلغاؤه في 2013، عندما وجد أحد القضاة أن القانون ينتهك حرية الدين التي يضمنها الدستور الأمريكي، وكتبت قاضية المنطقة، فيكي- مايلز لا غرانج، التي أصدرت الحكم: "واضح أن الهدف الأساسي من التعديل كان يقصد استهداف الشريعة ومنعها".
وبحسب الموقع، فإن الدستور الأمريكي يحمي الدين والحرية في أمريكا، ويمنع أي قانون من استهداف دين بعينه، حيث قال إدرير إن المنع للقوانين الأجنبية في محاكم الولايات أمر مقلق لكثير في المجتمع المسيحي واليهودي أيضا؛ لأن أيا من هاتين الديانتين لم تخرجا الى الوجود في أمريكا.
ويشير التقرير إلى أن الأستاذ في جامعة تكساس، والخبير في القانون الشرعي الدكتور سامي أيوب، اتفق مع إدرير، حيث قال إن تطبيق الشريعة في أمريكا أمر لا يتماشى مع التقاليد القانونية الإسلامية، وأضاف أيوب: "ليس هناك حتى اليوم مفهوم متفق عليه للقانون الشرعي عالميا، في السعودية هناك قانون سعودي، وفي مصر قانون مصري؛ وذلك لأننا نعيش في نظام الدولة القومية الحديثة"، الذي يجعل المبادئ المقبولة تختلف من بلد إلى آخر، وبدلا من التعامل مع المشكلة الحقيقية، فإن هذه القوانين تستخدم أسلوبا لفتح نقاش، "وانتقاد المجتمع المسلم".
معتقدات أم قانون؟
ويورد الكاتب نقلا عن الأستاذ المساعد في التاريخ في كلية ريد، ويل سمايلي، قوله إنه بعد رفض تعديل القانون في أوكلاهوما وغيرها، فإن القوانين الجديدة أصبحت "تقيد فقط القانون الأجنبي إن كان تطبيق ذلك القانون ينتهك حقوقا دستورية"، وأضاف سمايلي: "قليل ما يطبق القانون الشرعي" في المحاكم الأمريكية، لافتا إلى أن "القصد من القانون الحالي قد يكون تمييزيا وكذلك أثره السياسي".
ويؤكد الموقع أن "هذا لا يعني أن المحاكم الأمريكية لا تحترم القوانين الدينية، ففي عام 2014 وفي قضية بيرويل ضد (هوبي لوبي)، وفي قضية وصلت إلى المحكمة العليا، حكم القضاة فيها بأن سلسلة محلات (هوبي لوبي)، لم يكن عليها توفير موانع الحمل كجزء من الخدمات الصحية للموظفين؛ لأن ذلك يتعارض مع معتقدات مالكي الشركة المسيحيين".
ويقول سمايلي: "لا أسمع أحدا يتحدث كثيرا عن (القانون المسيحي).. عندما تتعامل المحاكم مع بعض القواعد والقوانين والأخلاقيات المسيحية واليهودية، نتحدث عن معتقدات دينية وليس عن قانون".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن سمايلي يرى أن قضية "هوبي لوبي" تبرز الفرق في الخطاب الجماهيري، موضحا بالقول: "لأن الأمر كان يتعلق بمسيحيين، تحدثنا فيما إن كان يجب أن يستوعب القانون الأمريكي معتقداتهم الدينية، فهذا الفرق البسيط في التعبير يجعل القوانين الدينية الإسلامية حول التصرف والأخلاقيات تبدو أقل شخصية من تلك المتعلقة بالمسيحيين، وربما تبعث على الخوف أكثر".