أصبح رفض سلطات الانقلاب بمصر
تجديد جوازات السفر لآلاف المعارضين المقيمين في الخارج؛ سيفا مسلطا على رقابهم، وتهديدا لهم بالحرمان من حقهم في حرية التنقل.
ويحتم القانون المصري تجديد جواز السفر كل سبع سنوات، وهو ما يعني أن آلاف المعارضين الذين غادروا البلاد خوفا من الملاحقات الأمنية بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، أو الذين كانوا مقيمين بالخارج وامتنعوا عن العودة إلى بلادهم خوفا من اعتقالهم؛ أصبحت جوازاتهم منتهية الصلاحية، أو أوشكت على الانتهاء، بعد مرور نحو أربع سنوات على الانقلاب، ويجب تجديدها.
ويقول كثير من المعارضين إنهم عندما تقدموا لسفارات مصر بالخارج لتجديد جوازات سفرهم؛ فوجئوا برفض هذا الطلب دون إبداء الأسباب، ثم عرفوا بطرق مختلفة أن أسماءهم ضمن قوائم يحظر الأمن التعامل معهم، كنوع من الضغط عليهم لإجبارهم على العودة إلى البلاد.
حالات عديدة
ومن بين أشهر تلك الحالات في السنوات الأخيرة؛ المرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، الذي حرم من تجديد جواز سفره منذ سنوات، رغم حصوله على حكم قضائي بذلك، وأخيرا نائب رئيس الجمهورية السابق، محمد البرادعي، الذي ماطلت الخارجية معه لعدة أسابيع قبل أنه تمنحه الجواز الجديد بعد تشهيره بالنظام على "تويتر".
وتعرض المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق، المقيم في أبو ظبي، إلى التعنت في تجديد جواز سفره لعدة أسابيع قبل أن يتم حل المشكلة بعد تدخل إماراتي، بحسب تقارير صحفية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة سيف الدين عبدالفتاح، المقيم في تركيا، أن السفارة المصرية في أنقرة، رفضت تجديد جواز سفره منذ ثمانية أشهر دون إبداء أسباب، مشيرا إلى أن النظام المصري يقوم بعمليات ممنهجة لمعاقبة معارضيه بالخارج؛ من خلال حرمانهم من أوراقهم الثبوتية حتى يحرمهم من حقهم في التنقل.
وفي الفترة الأخيرة؛ يكافح الصحفي المعارض عبدالمنعم محمود، للحصول على جواز سفره المحروم منه، حيث أخبرته السفارة المصرية في لندن بضرورة عودته إلى القاهرة للحصول عليه، لكنه أكد خوفه من اعتقاله إذا عاد إلى مصر للحصول على الجواز الجديد.
مكايدة من النظام
وقال الباحث السياسي عبدالخبير عطية، إن "هذه القرارات هدفها المكايدة من النظام لمن يعارضه، سواء بمنعه من السفر أم بعدم تجديد جواز سفره"، مؤكدا أن "المسؤول في المقام الأول عن هذا السلوك المتكرر؛ هو وزارة الخارجية؛ لأن عددا من موظفيها ينسون دورهم الإداري والدبلوماسي، ويخلطون الأوراق، فإذا كانوا يتعاملون مع شخص غير مؤيد للنظام؛ فإنهم يقومون بتعطيل أوراقه الرسمية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذا الأمر تكرر كثيرا مع عدد من معارضي النظام، وخاصة المقيمين في تركيا، حيث تماطل السفارة المصرية والبعثات الدبلوماسية هناك في استخراج جوازات السفر لهم، وتنتظر التقارير الأمنية عن الشخص نفسه حتى تقرر إنهاء أوراقه الرسمية أم لا".
ولفت عطية إلى أن هناك الآلاف من المعارضين غير المؤثرين في الرأي العام؛ لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا لإنهاء أوراقهم، أو حتى التغلب على الإجراءات البيروقراطية في مصر، مشيرا إلى أن "شهادة الخدمة العسكرية، على سبيل المثال، أصبحت من المشكلات التي تؤرق المعارضين في الخارج، حيث إن أغلبهم لم يستكملوا الإجراءات العسكرية بسبب رفض مناطق التجنيد منحهم تصاريح سفر لدواع أمنية، حتى لمن أتم منهم الخدمة العسكرية".
انعدام القوانين الواضحة
من جهته؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن "أزمة البرادعي تم حلها؛ لأنه كان يشغل منصب مدير وكالة الطاقة الذرية، وهذا ما أقلق وزارة الخارجية وجعلها تتعجل في تجديد جواز سفره، خوفا من إحراج النظام في وسائل الإعلام العالمية، أما آلاف الأشخاص العاديين؛ فهؤلاء لا يخشى النظام ردة فعلهم، ويتعامل معهم بتجاهل كبير".
وأوضح مرعي لـ"
عربي21" أنه "لا توجد قواعد قانونية واضحة تجبر الحكومة على الانتهاء من هذه الإجراءات الروتينية المتبعة في تجديد الجوازات للمواطنين في الخارج في وقت محدد، وهذا ما تستند عليه الحكومة في المماطلة".