دفع عصر تدني أسعار النفط الذي بدأ منتصف عام 2014، وما تلاه من توقّعات اقتصادية غير مؤكدة، حكومات ودول
الخليج العربي إلى إعادة النظر في خططها التنموية.
وأشار نائب الرئيس التنفيذي لشركة "بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، نبيه مارون، إلى إدخال مفهوم إدارة الأخطار في قدراتها الحكومية في شؤون التخطيط.
وأوضح وفقا لصحيفة "الحياة"، أن قدرة المنطقة على تخطي الأزمات باتت هدفا يتطلع إليه قادة الحكومات في دول الخليج العربي، لكنه غالباً ما يتم الخلط بينه وبين الجهوزية للتعامل مع حالات الطوارئ. متوقعاً أن تشمل الموجة التالية من الرؤى الوطنية والبرامج الحكومية نهجا أكثر انتظاما لضمان أهداف القدرة على تخطي الأزمات، وحماية البنية التحتية الحساسة، وإدارة التهديدات ذات الأهمية الوطنية على نحو استباقي.
وكان صندوق النقد الدولي أشاد ببرنامج المملكة العربية السعودية المتعلق برؤية 2030، واصفا ذلك بصيحة في التوقيت المناسب لإنشاء نظام مالي أكثر استعداداً لمواجهة الأزمات في المملكة.
وكانت الإمارات والبحرين وقطر كشفت هي الأخرى عن رؤى تنموية طويلة الأمد، ووضعت استراتيجيات إنمائية وطنية على أساسها. وفي حين دعت تلك الخطط إلى تسريع عملية التنويع
الاقتصادي بعيدا من النفط، فهي أتت في فترة كانت أسعار النفط مرتفعة، ولم تؤكد بما فيه الكفاية ضرورة زيادة القدرة على تخطي الأزمات في القطاعات الحيوية للاقتصاد.
وأشار مارون إلى أن القدرة الوطنية على تخطي الأزمات، هي أكثر من القدرة على الاستجابة لصدمات محددة والتعافي منها، بل تشمل القدرة على توقّع أخطار كثيرة ومنعها وإدارتها، والتي يمكن أن تؤثر في مكوّنات البنية التحتية الحساسة، وتهدد بالتالي الاستقرار الاقتصادي.
ولفت إلى أن السنوات الثلاث الماضية أتاحت فرصة اختبار مدى قدرة بلدان الخليج العربي على الاستجابة للصدمات الاقتصادية، إذ أبرزت المستوى المتدني للاستعداد العام من الحكومات للتعامل مع أنواع أخرى من الأخطار، لاسيما التي تطال قطاعات حيوية أخرى كالمياه والغذاء والقطاع المصرفي والاتصالات.
ورغم الجهود التي تبذلها دول المنطقة، إلا أن تحسين التخطيط للقدرة على تخطي الأزمات في حكومات بلدان الخليج العربي، يتطلب التنسيق ودمج القدرات على تحديد الأخطار في كل القطاعات وإدارتها.
وأضاف: "لنأخذ الأمن الغذائي الوطني كمثال، إذ يعتمد الحفاظ على غذاء كامل وصحي لجميع السكان على سياسات سليمة تعزز الاستدامة والتكامل في التخطيط والعمليات عبر قطاعات الماء والطاقة والنقل والتجارة والمال والصحة والعمل".
وقال إن الوزارات المسؤولة عن كل قطاع تميل اليوم إلى النظر في الأخطار المحتملة التي يمكن أن تعرّض بنيتها التحتية واستمرار العمليات للخطر، من دون تخصيص الاعتبار الكافي لتأثير تلك الأخطار في القطاعات الأخرى. وسأل على سبيل المثل: كيف يؤثر إغلاق الموانئ لفترة طويلة في قدرة البلاد على استيراد السلع الغذائية الأساسية، أو كيف يؤثر انقطاع الكهرباء بالمرافق العامة في سلسلة تخزين المواد الغذائية الباردة، وما ينتج منها من خطر على
الصحة؟".
واعتبر أن التنسيق الأفضل بين الجهات الحكومية ليس هو المسألة الوحيدة، إذ يناط بالشركات والمواطنين أحيانا، تأدية دور أساس في تعزيز القدرة الوطنية على تخطي الأزمات، شرط أن تكون الحوافز متناغمة. كما يمكن الشركات الخاصة المشاركة بفاعلية مع
الحكومة لضمان استمرار التوريد عبر قطاعات بارزة كثيرة، إذا ما أتاحت لهم تلك الأخيرة ضمانات مالية مناسبة.