نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمحرر الشؤون السياسية روب ميريك، يقول فيه إن رئيسة الوزراء البريطانية
تيريزا ماي بدت منزعجة من مواجهة الاتهامات بعدم صدقيتها وأمانتها، بعد تراجعها عن وعدها بعدم فرض ما يسمى "
ضريبة الخرف"، ما أدخل حملة المحافظين الانتخابية في حالة من الفوضى.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن ماي حاولت تجنب الإجابة عن سؤال وجه لها في مقابلة تلفزيونية "ثلاث مرات"، عن سبب عدم "صدقها" حول قرارها الموافقة على تحديد سقف لتكاليف العناية الصحية بكبار السن، بعد أربعة أيام من نفي احتمال حصول ذلك في البرنامج الانتخابي.
ويقول ميريك إن المعادلة تغيرت اليوم، حيث أصبحت شخصية رئيسة الوزراء مسألة انتخابية في الحملة، وظهر ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه حظوظ المحافظين في الاستفتاءات إلى خانة واحدة، بالإضافة إلى أنها رفضت مرات عديدة الإجابة عن السؤال المهم عن مستوى السقف، حيث أجابت في إحدى المرات بأن تلك السياسة ليست إلا "فكرة".
ويضيف الكاتب أنه "في يوم غير عادي جعل الحياة تدب في الحملة، فقدت ماي هدوءها، ومزقت خطتها للرعاية الاجتماعية، بعد أربعة أيام فقط، عندما كانت تتحدث أمام المحافظين في ويلز في ريكسهام، وقالت إن المحافظين سيحددون سقفا لتكاليف الرعاية مدى الحياة، في الوقت الذي أصرت فيه خلال كشفها عن برنامجها بأنه لا حاجة لسقف لحماية كبار السن من تكاليف الرعاية الباهظة".
وتلفت الصحيفة إلى أن هذا التراجع كان بعد أن قال مرشحو المحافظين بأن هذه السياسة لا تحظى بتأييد شعبي، وبعد أن تم تسميتها بـ"ضريبة الخرف"، مشيرة إلى أنه دون السقف، الذي حدده رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون بـ72 ألف جنيه إسترليني، سيتعين بيع بيوت الأشخاص الذين يقضون فترة طويلة في دور رعاية كبار السن، الذين يعانون من حالات مزمنة، بعد وفاتهم لتسديد فواتير الرعاية.
ويكشف التقرير عن أن كبار السن، الذين يملكون بيوتا، والذين يتلقون رعاية في بيوتهم، سيدخلون في هذه الخانة لأول مرة، في الوقت الذي يتلقى فيه مرضى السرطان مثلا العلاج في المستشفيات مجانا، لافتا إلى أن ماي رفضت في ريكسهام الاعتراف بأن ما تفعله هو تراجع، وقالت للمراسلين الصحافيين: "لم يتغير شيء، لم يتغير شيء".
ويفيد ميريك بأنه بدلا من ذلك، فإن ماي اتهمت رئيس حزب العمال جيرمي
كوربين باللجوء إلى "الادعاءات الزائفة، ونشر الخوف" بخصوص خططها، ما اضطرها للإيضاح، مشيرا إلى أن ماي تصر على أن خططها "جيدة ومعقولة"، لكنها أكدت تراجعها بالقول إن الاستشارة "ستتضمن وضع حد أعلى على المبلغ الذي يدفعه كبار السن مقابل رعايتهم".
وتورد الصحيفة نقلا عن الصحافي أندرو نيل من "بي بي سي" قوله لماي: "برنامجك الانتخابي يرفض السقف، وتعطي سببا لماذا لا تريدين وضع سقف أعلى، والآن تريدين وضع سقف أعلى.. وأرى أنك بحاجة لأن تكوني صادقة، وتخبري الشعب البريطاني بأنك غيرت رأيك"، فأصرت ماي قائلة: "أنا صادقة تماما مع الشعب البريطاني حول التحدي الكبير الذي نواجهه، وأنا صادقة تماما معهم حول حاجتنا للتعامل مع هذا الآن، وبدء إصلاحه الآن".
وينوه التقرير إلى أن الزعيم السابق لحزب العمال إد ميليباند غرد قائلا: "أصبحت الآن قضية شخصية، بالإضافة لكونها قضية رعاية، وعندما تقول رئيسة الوزراء (لا شيء تغير)، فهي تكذب، وإن كانت تكذب في هذا الموضوع.. فماذا أيضا؟".
ويذكر الكاتب أن وزراء سابقين من حزب المحافظين تحدثت معهم "إندبندنت"، انتقدوا طريقة معالجة رئيسة الوزراء للقضية، وأشار بعضهم إلى أن تراجعها جاء متأخرا جدا لتجنب الأضرار، وقال أحدهم: "آمل أن ينساها الناس، لكن بعض الزملاء قلقون؛ لأن أوراق
الانتخابات البريدية تم إرسالها خلال عطلة نهاية الأسبوع، فهل سيكون التغيير متأخرا قبل أن يقوم أولئك المصوتون البريديون بإرسال أصواتهم مباشرة؟".
وتنقل الصحيفة عن وزير سابق آخر، قوله: "لقد وقع الضرر، ففي الدقيقة التي يبدأ فيها الحوار (مع الناخب) على عتبة الباب بالدخول في التفاصيل تبدأ المشكلة، فوقت الحملة ليس وقت تفاصيل"، وقال وزير سابق ثالث: "تم التعامل مع الإعلان بشكل سيئ جدا، كانت هناك حاجة للمزيد من الإعداد، بدلا من محاولة القيام به وسط حملة انتخابية".
وبحسب التقرير، فإن جمعية الزهايمر أعربت عن ارتياحها بأن الأحزاب كلها ملتزمة بسقف لتكاليف الرعاية، وقالت إن معرفة مستوى ذلك السقف ستخفف من القلق، وقال مدير السياسات في الجمعية روب بيرلي: "من الضروري أن نرى فعلا مباشرا، ولقد رأينا على مدى السنوات العشر الماضية الكثير من الاستشارات؛ ولذلك لا يمكن ترك الموضوع للمستقبل".
ويبين ميريك أن الديمقراطيين الأحرار اتهموا ماي بـ"الهلع"، في الوقت الذي قال فيه زعيم حزب العمال كوربين إن حكومتها تعاني من "الفوضى والحيرة"، منوها إلى أن كوربين هاجم، متحدثا لـ"إندبندنت" من يوركشر، سياسة الرعاية الاجتماعية "غير المسؤولة وغير العادلة والبغيضة.. هذا اقتراح يجب في الحقيقة التخلي عنه تماما.. ونحن نقترح تخصيص مبلغ ملياري جنيه إسترليني للرعاية الاجتماعية مباشرة؛ وذلك لسد الفجوة الموجودة، وللتأكد من وجود التمويل اللازم للمستقبل".
وتفيد الصحيفة بأن كوربين أشار إلى أن سياسة المحافظين قد تؤدي إلى أن يتحمل كبار السن أرقاما تصل إلى 6 خانات للعناية الطويلة المعقدة للحالات، مثل فقدان الذاكرة، إن تم وضع سقف عال جدا، لافتة إلى أن المحافظين كانوا يفكرون بوضع حد السقف بحوالي 85 ألف جنيه إسترليني، وهو أعلى من 72 ألف جنيه، التي أصبحت قانونا، لكن كاميرون قام بتأجيله.
ويجد التقرير أن التراجع الذي قامت به ماي يكشف هشاشة خطط المحافظين للتعامل مع أزمة الرعاية الاجتماعية المباشرة، التي تؤثر في الرعاية اليومية التي تقدمها المجالس المحلية، حيث يقدر حزب العمال تكلفة تقديم الخدمات الحكومية -لو رفع السقف حتى 100 ألف جنيه إسترليني في خطة المحافظين- للناس الذين يملكون أصولا، بثلاثة مليارات جنيه إسترليني في العام، ولن يوفر مقترح ماي سوى مليارين في العام.
ويورد الكاتب نقلا عن رئيسة الوزراء، قولها بأنها "أوضحت" سياستها؛ لأن كوربين يضلل الناس الضعفاء حول الموضوع؛ "للتسلل إلى رقم 10"، مشيرا إلى أن رقم 10 هو رقم البيت الرسمي الذي يسكنه رئيس الوزراء، فرد نيل في المقابلة قائلا: "فهل جيرمي كوربين يقوم بإعادة كتابة برنامجك الانتخابي الآن؟ هكذا يبدو من الطريقة التي جاءت بها ردة فعلك".
وتقول الصحيفة إن ماي كشفت عن أنها تخطط لإنفاق عشرة مليارات على بناء المستشفيات والأجهزة الحديثة، بعد أن وعدت بـ"برنامج هو الأكثر طموحا" في تاريخ الخدمات الصحية الوطنية.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن أزمة حزب المحافظين تأتي في وقت تواجه فيه
بريطانيا تداعيات هجوم إرهابي على مدينة مانشستر، الذي راح ضحيته 22 شخصا، وجرح فيه أكثر من 59 آخرين.