نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتب سايمون تسيدال، حول قرار الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، أن يترك للجيش الأمريكي الحرية لمحاربة
تنظيم الدولة وغيره من المنظمات الإرهابية، التي تحمل فكرا مشابها في مناطق الصراع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويقول تسيدال إن قرار ترامب يبدو أنه انعكس على شكل زيادة في الضحايا المدنيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي قام هذا الأسبوع بتسليم إدارة الحرب في أفغانستان لوزير الدفاع الجنرال السابق في البحرية جيمس ماتيس، حيث كان ذلك القرار الأخير في سلسلة من القرارات المشابهة، التي تعطي قيادات البنتاغون حرية التصرف في سوريا والعراق واليمن والصومال.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن نهج ترامب بعدم التدخل أثار مخاوف حول التصعيد المحتمل في الجبهات دون السيطرة، ونقص في الإشراف الديمقراطي على الآلة العسكرية الأمريكية، بالإضافة إلى وقوع المزيد من الضحايا المدنيين، لافتا إلى أن ترامب يتهم بفشله في تطوير استراتيجيات صنع السلام أو السعي إليها، وكان ماتيس قد خول مسبقا بإدارة العمليات في سوريا والعراق.
وتلفت الصحيفة إلى تزايد الوجود الأمريكي على الأرض وفي الجو في كلا البلدين، منذ كانون الثاني/ يناير، عندما تسلم ترامب السلطة، بالإضافة ألى أنه كان هناك ازدياد واضح في أعداد الضحايا المدنيين في الفترة ذاتها، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في الرقة والموصل، بحسب منظمات الإغاثة والمراقبين.
ويذكر الكاتب أن تقريرا للأمم المتحدة صدر يوم الأربعاء، تحدث عن خسائر "صاعقة" في الأرواح، بسبب الغارات الجوية للتحالف الأمريكي على الرقة، بما يفهم ضمنيا أن جرائم حرب ارتكبت من المقاتلين من الأطراف كلها، مشيرا إلى أن هناك تقارير تفيد بأن تنظيم الدولة يستخدم المدنيين دروعا بشرية في كلتا المدينتين، بالإضافة إلى أن التنظيم متهم بالقيام باعتداءات كثيرة أخرى على السكان المحليين.
ويفيد التقرير بأن التقديرات الرسمية الأمريكية لعدد الضحايا دائما متحفظة، لافتا إلى أن الأمم المتحدة لم تعط أرقاما يوم الأربعاء، لكن مجموعة "إيرويز"، وهي مجموعة رصد، قدرت عدد القتلى من المدنيين في الغارات الجوية في سوريا والعراق هذا العام بـ3800 شخص.
وتجد الصحيفة أن تسليم ترامب إدارة المعركة في أفغانستان لماتيس يشير إلى أن عدد الجنود الموجودين على الأرض في أفغانستان سيرتفع مرة أخرى، منوهة إلى أن قائد القوات الدولية في كابل الجنرال جون نيكلسون حذر من الوصول إلى طريق مسدود، وطلب تعزيزات مؤلفة من خمسة آلاف جندي، وطلب من دول حلف الأطلسي، بما في ذلك بريطانيا، المشاركة.
وينوه تسيدال إلى الشهادة التي أدلى بها ماتيس أمام الكونغرس، حيث أخبر المشرعين بازدياد مفاجئ لقوة حركة
طالبان، ما قلل من المساحة التي تسيطر عليها الحكومة الأفغانية، وقال ماتيس: "لا نحقق تقدما في أفغانستان الآن، ولكن سنصلح هذا في أقرب فرصة"، مستدركا بأن أهداف أمريكا غير واضحة، كما أشار إلى ذلك السيناتور جون ماكين يوم الثلاثاء، حيث يقول البيت الأبيض إن مراجعة للسياسة في أفغانستان ستنتهي في شهر تموز/ يوليو، لكن هناك تقارير تقول إن المراجعة تحولت إلى نقاش حول ما هو العمل بشأن حركة طالبان في باكستان وتنظيم الدولة في أفغانستان.
ويذهب التقرير إلى أن الشاحنة المفخخة التي انفجرت في كابل، وقتلت 150 شخصا، والعنف الذي تبعها، والمظاهرات ضد الحكومة، أبرزت الوضع الأمني المتردي هناك.
وتقول الصحيفة: "يبدو أن أوامر ترامب بإلقاء أكبر قنبلة أمريكية غير نووية على مقاتلي تنظيم الدولة في أفغانستان، في نيسان/ أبريل، هي عرض رمزي لإظهار القوة، بغض النظر عن احتمال التسبب بإصابات في صفوف المدنيين، وكذلك فإن الهجوم المتهور بصواريخ كروز على مطار عسكري سوري في نيسان/ أبريل، كان هجوما استثنائيا لمرة واحدة".
ويعلق تسيدال على تهرب ترامب، الذي خاض الانتخابات تحت شعار "أمريكا أولا"، من التعامل مع القرارات التي تتعلق بالحياة والموت، ومناقشة السياسات والأهداف الاستراتيجية الأوسع، قائلا إن "ذلك أثار تساؤلات عن مدى المسؤولية السياسية الشخصية التي يتحملها ترامب، فبعد أيام من وجوده في منصبه في كانون الثاني/ يناير، احترقت أصابعه بعد الموافقة على عملية للقوات الخاصة في اليمن، ولكنها لم تجر كما خطط لها، فقتل جندي أمريكي، وقتل مدنيون، وكان رد فعل ترامب بأن تنصل من المسؤولية، وحملها للجيش".
ويقارن التقرير بين ترامب وسلفه
أوباما، فيجد أن الأول كان يمسك بزمام الأمور بشكل جيد، وحتى العمليات العسكرية الصغيرة، وأنهى أوباما التورط العسكري في العراق، وقام بتخفيف القوات في أفغانستان، حيث قلل أعداد الجنود هناك من حوالي 100 ألف إلى حوالي تسعة آلاف.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب، الذي سعى للحصول على زيادة "تاريخية" لميزانية البنتاغون، لتصل إلى 603 مليارات، قام بتوسيع عمليات مكافحة الإرهاب، لتشمل الصومال واليمن، حيث يرتفع عدد غارات الطائرات دون طيار، مشيرة إلى أن زيادة التدخل الأمريكي قد تكون لها رد فعل عكسي لما هو مقصود، حيث انتشر القتال هذا الشهر ليصل إلى أرض البنط في شمال شرق الصومال.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن مؤيدي ترامب كانوا يقولون إن نهج ترامب في عدم التدخل في التفاصيل يعطي الجيش الحرية لاتخاذ قرارات أسرع وأكثر حنكة، إلا أن المراقبين، الذين لديهم ذاكرة طويلة، يتذكرون ما حصل عندما تلاشت السيطرة السياسية على الجيش خلال حرب فيتنام، وخلال عهد دونالد رامسفيلد في البنتاغون.