نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لكل من كولام لينتش وروبي غرامر، تقول فيه إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس
تيلرسون سيترك الأمر للروس ليقرروا مصير رئيس النظام السوري بشار
الأسد.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن ثلاثة مسؤولين مطلعين على الأمر، قولهم إن تيلرسون أخبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في لقاء خاص جرى في مقر وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، بأن مصير الأسد يقرره الروس، وأن استراتيجية إدارة دونالد
ترامب محددة بهزيمة تنظيم الدولة.
ويعلق الكاتبان قائلين إن "هذه التصريحات الأخيرة تقدم رؤية عن سياسة الولايات المتحدة المتخبطة، التي تركت الكثير من المراقبين الدوليين أمام حالة دبلوماسية غريبة، وهم يحاولون الكشف عن موقف أمريكي واضح، خاصة أن تيلرسون نفسه قال قبل ثلاثة أشهر إن الأسد سيتنحى عن السلطة؛ لأنه استخدم السلاح الكيماوي".
وتقول المجلة إن "تأكيدات تيلرسون لغوتيرس تؤشر إلى استعداد الإدارة المتزايد السماح لروسيا بقيادة العملية في
سوريا، والتركيز بدلا من ذلك على هزيمة تنظيم الدولة، حيث قال إن العمليات العسكرية ضد الأسد في الأشهر القليلة لم يقصد منها إلا تحقيق أهداف تكتيكية محدودة، ومنعه من استخدام الأسلحة الكيماوية، وحماية القوات المدعومة من الولايات المتحدة، التي تقاتل تنظيم الدولة، وليس إضعاف حكومة الأسد، أو تقوية المعارضة في المفاوضات".
ويذهب التقرير إلى أن "موقف تيلرسون يعكس اعترافا بأن الحكومة السورية، المدعومة من
روسيا وإيران، هي المنتصر الذي سيظهر من الحرب الأهلية السورية، وتعبر عن تراجع عن بيان الأمم المتحدة الموقع عام 2012 من الولايات المتحدة وروسيا وغيرها من القوى، الذي دعا إلى حكومة انتقالية تشارك فيها المعارضة السياسية، وبحسب إدارة باراك أوباما والدول الغربية، فإن ميثاق جنيف يعني في النهاية رحيلا للأسد، رغم أن إدارة أوباما خففت في السنوات الأخيرة من حكمها من مطلب رحيل الأسد.
ويشير الكاتبان إلى أنه في الوقت الذي رفض فيه مسؤول في الخارجية التعليق على تصريحات تيلرسون الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إلا أنه أكد التزام الولايات المتحدة بميثاق جنيف، قائلا إن "عملية سياسية يوثق بها يمكن أن تحل مسألة مستقبل سوريا، وستقود هذه العملية، بحسب رأينا، إلى قرار بشأن الأسد في النهاية"، وأضاف المسؤول: "يجب على السوريين تقرير مستقبلهم السياسي من خلال العملية السياسية".
وتلفت الصحيفة إلى أن حديث تيلرسون بشأن ترك مصير الأسد للروس عشية أول لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يأتي على هامش قمة العشرين، التي ستعقد في هامبورغ نهاية الأسبوع الحالي، التي تأتي في وقت يحاول فيه البيت الأبيض إصلاح العلاقات مع الكرملين، رغم سلسلة الفضائح التي لاحقت ترامب منذ انتخابه.
ويورد التقرير نقلا عن تيلرسون قوله الشهر الماضي، إن ترامب طلب منه إصلاح العلاقات مع موسكو، لافتا إلى أنه حذر الكونغرس من أن فرض عقوبات جديدة على روسيا؛ بسبب دورها المزعوم في الانتخابات الأمريكية العام الماضي، قد يؤثر على التعاون بين البلدين في سوريا، وقال في أثناء زيارته لنيوزلندا: "طلب مني الرئيس البدء بعملية محادثات مع روسيا؛ من أجل إصلاح العلاقة أولا، ومنعها من التدهور أكثر"، وأضاف: "من هناك سنبدأ ببناء مستوى من علاقات الثقة".
ويفيد الكاتبان بأن تيلرسون كان بعد أقل من شهرين من تعيينه وزيرا للخارجية أكد أن واشنطن ليست مهتمة باستخدام قوتها لإجبار الأسد على الرحيل، وقال في آذار/ مارس إن مصير الأسد "يقرره الشعب السوري"، مشيرين إلى أن تصريحات لسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي قالت للصحافيين "مهمتنا ليست الجلوس هناك وإجبار الأسد على الخروج من السلطة"، عززت موقف تيلرسون.
وتنوه الصحيفة إلى أن تيلرسون عاد وغير موقفه في نيسان/ أبريل، حيث قال إن هناك "خطوات جارية" لإجبار الأسد على الخروج من السلطة، لافتة إلى أن تصريحاته جاءت عقب الهجوم الكيماوي، الذي قتل المدنيين في خان شيخون، وبعد ذلك بأيام حذر في مؤتمر مجموعة الدول السبع في إيطاليا من أن حكم الأسد "يقترب من نهايته"، وقال إن "العملية التي سيرحل من خلالها الأسد تحتاج إلى جهد دولي، من ناحية هزيمة تنظيم الدولة في سوريا، وتحقيق الاستقرار في البلاد، والعمل بشكل جماعي مع شركائنا حول العالم على عملية سياسية تقود إلى رحيل الأسد".
ويستدرك التقرير بأن تيلرسون كان واضحا في حديثه مع غوتيريس، حيث قال: "ما سيحدث للأسد هو موضوع روسي، ولا علاقة له بالحكومة الأمريكية"، بحسب ما نقلت المجلة عن مصدر، وقال تيلرسون إن الولايات المتحدة "سترد على التهديد الإرهابي"، لكنها لن تهتم "ببقاء الأسد أو رحيله".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن قول المتحدثة باسم الخارجية هيذر نوريت، إن الولايات المتحدة مهتمة بقتال تنظيم الدولة؛ ولهذا السبب هي موجودة في سوريا، فيما قال المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية فريد هوف، إن موقف إدارة ترامب من سوريا "مثير للارتباك"، وألقى اللوم على ترامب، الذي لم يقدم استراتيجية واضحة، مؤكدا أن "حقيقة وجود أصوات متعددة حول هذا الموضوع لا تدهشني".