نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافي سبنسر أكيرمان، يقول فيه إن وسيلة الإعلام الإنجليزية الوحيدة المتوفرة للناجين من مواقع وكالة الاستخبارات المركزية السوداء، الذين يقبعون في الجناح السري لسجن
غوانتانامو، هي القناة الروسية "آر تي"، وهي القناة المرتبطة بالكرملين، التي تبث كل ما من شأنه أن يظهر أمريكا في صورة سيئة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المسؤولين في غوانتانامو رفضوا التعليق على السماح لتلك القناة، التي تعدها المخابرات الأمريكية عنصرا أساسيا في منظومة إعلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مستوى العالم، بالعرض في مخيم رقم 7 في غوانتانامو، ومن بين نزلائه العقل المدبر لهجوم 11 أيلول/ سبتمبر خالد الشيخ محمد، والمتهم بمهاجمة سفينة "يو أس أس كول" عبد الرحمن الناشري.
ويكشف أكيرمان عن أنه يقبع هناك أيضا محمد رحيم الأفغاني، الذي قبضت عليه وكالة الاستخبارات المركزية في باكستان عام 2007، حيث كتب الأفغاني لمحاميه بفكاهة لا يتوقعها الشخص من رجل تعرض للحرمان من النوم لفترة طويلة حتى صار مصابا بالهلوسة، فقال لمحاميه إن المعتقلين في "كامب 7" يغذون بحمية إعلامية، تشكل فيها "آر تي" نسبة عالية، وقال الأفغاني في رسالة في 15 آذار/ مارس 2017: "إنها المحطة الغربية الوحيدة التي نشاهدها، وهي من موسكو".
ويلفت الموقع إلى أن القوات المشتركة في غوانتانامو رفضت الإفصاح عن سبب كون قناة "آر تي" هي القناة الإنجليزية الوحيدة التي يسمح بها، حيث قال المتحدث باسم القوات المشتركة جون روبنسون: "لا نناقش العمليات في (كامب 7)، وانتهى"، إلا أنه قال إن "آر تي" متوفرة للستة وعشرين معتقلا الآخرين في أقسام أخرى من غوانتانامو، وأضاف أنها واحدة من 200 قناة متوفرة لهم بلغات مختلفة، وقال: "إن القائمة المتاحة تتضمن (آر تي) من بين عدد من مصادر الأخبار، ويختار المعتقلون القنوات التي يرغبون بمشاهدتها أو سماعها".
ويفيد التقرير بأن الأفغاني يشاهد "آر تي" منذ فترة طويلة، وأشار إليها لأول مرة في كانون الأول/ ديسمبر 2015، حيث قال: "القناة المتوفرة لي هي (آر تي)، التلفزيون الروسي"، في رسالة لمحاميه كارلوس وورنر، الذي أعطى "ديلي بيست" مجموعة من رسائل الأفغاني، الذي أصبح خبيرا في قناة "آر تي"، بحيث يمكنه نقد خياراتها التحريرية، فكتب في إحدى رسائله: "مضحك كم تحب (آر تي)
ترامب (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب)، ولم تعد تتحدث عن غوانتانامو، كلها أخبار مزورة، الدعاية ليست أخبارا".
ويقول الكاتب إن "(كامب 7) يعد القسم الأكثر حساسية في غوانتانامو، يحتجز فيه الجيش 15 معتقلا منفصلين تماما عن الستة والعشرين الآخرين في أقسام أخرى من غوانتانامو، ويمكن للصحافيين وناشطي حقوق الإنسان زيارة أقسام غوانتانامو كلها بصحبة مرشدين، ما عدا (كامب 7)، حيث تمنع زيارته، والمعلومات المتوفرة عنه قليلة، ويخضع لرقابة مكثفة، وهناك معتقل فيه واحد على الأقل، ادعى أنه لا يزال يتعرض للتعذيب بالصوت والاهتزازات، ومنع الجيش الأمريكي المقرر الخاص للأمم المتحدة بخصوص التعذيب من زيارة القسم؛ لأنه لم يوافق على الصمت حول ما رصده داخل القسم".
ويضيف أكيرمان: "أن يسكن الشخص (كامب 7) يعني أنه كان في موقع أسود تابع لوكالة الاستخبارات المركزية، حيث قامت الوكالة بتعذيب 15 شخصا بالإيهام بالغرق، والاغتصاب، والتشوهات الجسدية المؤلمة، ومنع النوم المركز، والإعدامات الوهمية، وغير ذلك".
ويذكر الموقع أن الأفغاني هو آخر الناجين من المواقع السوداء، ووصل إلى "كامب 7" في 2008، لافتا إلى أنه باستثناء المعتقلين في هذا القسم، فإنه لا يسمح بالدخول إلا للجيش، أما الصليب الأحمر والمحامون فيلتقون بالمعتقلين في مكان آخر من غوانتانامو، حيث تستند السرية القصوى حول "كامب 7" إلى خطورة المعتقلين هناك، لكن المعتقلين ومحاميهم يقولون بأن السبب هو التغطية على التعذيب.
ويورد التقرير أنه بحسب تقرير لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ حول التعذيب، فإن وكالة الاستخبارات المركزية اعتقلت الأفغاني في باكستان، وكانت تعتقد بأن لديه معلومات حول مكان قيادات تنظيم القاعدة، مثل أسامة بن لادن، حيث إن الرئيس جورج بوش الابن ومدير الوكالة مايكل هايدين وافقا على تعذيبه، بما في ذلك ربطه قائما، في الوقت الذي تم فيه إلباسه حفاظات وبنطالا قصيرا، وبدأ التعامل معه بمنعه من النوم لمدة 104.5 ساعة من 120 ساعة، بين يومي 21 و25 تموز/ يوليو 2007، وكان ذلك أول فصل من ثماني جلسات، سماها تقرير لجنة الشيوخ حرمانا "مركزا" من النوم، مشيرا إلى أن لجنة الشيوخ توصلت إلى أن تعذيبه لم تنتج عنه معلومات استخباراتية.
وكتب الأفغاني في 21 تموز/ يوليو 2015: "لقد عذبت وعلقت من السقف حتى كدت أموت، لست سجينا ذا قيمة عالية، يقولون إني ذو قيمة عالية؛ لأن (عملاء) وكالة الاستخبارات المركزية عذبوني.. فخلال تسعة أشهر عذبتني الوكالة وكأني حيوان، إلا أن الحيوانات تعامل بشكل أفضل، لم يسمحوا لي بالاستحمام أو استخدام المرحاض لأشهر، أطعموني طعام حيوانات، ولم يسمحوا لي بالصلاة ما لم أعترف بأشياء كاذبة، وكنت أخشى على حياتي".
ويبين الكاتب أنه بعد ست سنوات من مقتل ابن لادن، على يد أفراد البحرية الأمريكية، فإن الأفغاني لا يزال يقبع في غوانتانامو، ولم توجه إليه تهمة، ويقول الأفغاني إنه تعب من أخبار "آر تي"، ويضيف: "لم أعد حتى أستطيع مشاهدة الأخبار، فالقصص كلها مخيفة وأنا هنا، أخشى على الناس كلهم فأختار أن أغلق التلفاز، وهذا ما يجعلني أسأل عن الرياضة".
وينوه الموقع إلى أن الأفغاني يجد صعوبة في متابعة أخبار عائلة كارداشيان، فيسأل محاميه: "هل خضعت كاتلين لعملية، وهل صوتت لترامب؟ وماذا تفعل تيغا؟ وأحد (أفراد العائلة) على علاقة مع كاف؟ فهل يوافق ليبرون على ذلك؟"، مشيرا إلى أن محامي الأفغاني يعيش في آكرون، ويلتقي به حوالي ثلاث مرات في العام، بعد الحصول على إذن من الجيش، حيث يقضي معه ثماني ساعات كاملة، ولعدم وجود قضية في المحكمة فإنهما أمضيا حوالي 10 سنوات في تضييع الوقت.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى قول المحامي إنه يكره عائلة كارداشيان، لكن بسبب طلب الأفغاني سماع أخبارها فإنه يقوم بنقلها له، لافتا إلى أن كثيرا من الرسائل التي يكتبها الأفغاني، الذي يتقن اللغة الإنجليزية، يكتبها خلال وجود المحامي، ثم تعرض على إدارة السجن، وإن وافقت على إرسالها فإنها ترسل بالفاكس للمحامي.