أطاحت وزارة الداخلية
المصرية يوم السبت الماضي بأعداد ضخمة من أمناء الشرطة، في محاولة من نظام عبد الفتاح
السيسي للسيطرة عليهم بعد أن تسببوا له في إزعاج شديد منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
وبحسب تقارير صحفية، فقد شملت أكبر حركة تغييرات تجريها الوزارة منذ سنوات طويلة، إحالة ما يقرب من 2000 أمين شرطة للتقاعد، بالإضافة إلى نقل ما يقرب من 4600 آخرين إلى أماكن أخرى.
وأثارت بعض تصرفات رجال الأمن غضب سلطات الانقلاب، إذ إنهم نظموا عشرات التظاهرات في معظم المحافظات للمطالبة بتحسين أوضاعهم الوظيفية، كما أن ارتكاب العديد من التجاوزات بحق المواطنين أثار غضبا شعبيا ضد نظام الانقلاب.
"أصحاب النفوذ"
وأكدت مصادر في وزارة الداخلية أن الحركة شملت مراجعة موقف جميع أمناء الشرطة الذين مضى على عملهم 20 عاما، مشيرة إلى أنه ستجري حركة مماثلة في شهر تموز/ يوليو من كل عام.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "المصري اليوم"، الأحد الماضي، عن مصادر أمنية داخل الوزارة، قولها إن حركة تنقلات جاءت بهدف مواجهة "أصحاب النفوذ" منهم خاصة من تم إحالتهم لمجالس التأديب أكثر من مرة.
وأوضحت المصادر أن حركة التنقلات استهدفت نقل عدد من الأمناء والأفراد لمواقع أخرى بعد أن أظهرت التقارير الرقابية توسع نفوذ "الأمناء المعمرين" الذين ظلوا في أماكن عملهم لسنوات طويلة، مشيرة إلى أن الحركة طالت أكثر من 45000 من الأفراد والأمناء في كافة قطاعات الوزارة.
وبحسب صحيفة "البديل" فإن وزارة الداخلية تمكنت من تغيير أماكن 70% من أفراد الشرطة بهذا القرار، حيث اعتمدت الحركة على نقل كل من مر عليه 15 سنة في نفس المكان لأماكن أخرى.
وأشارت إلى أن هذه الحركة جاءت بعد ستة أشهر من قرار وزير الداخلية مجدي عبد الغفار بتشكيل لجنة لتقييم أداء
رجال الشرطة باختلاف درجاتهم، والتي تم الإعلان عن تشكيلها في كانون الثاني/ يناير الماضي.
من جانبه، قال اللواء علاء عابد، عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، في بيان له الاثنين، إن وزير الداخلية "استطاع التغلب بهذه الحركة على مراكز القوى داخل الوزارة"، مؤكدا أن "هذه الخطوة سيكون لها آثارها الإيجابية على تعامل الشرطة مع المواطنين في الفترة المقبلة".
سنقاضي الوزير
في المقابل، أعلن كثير من أمناء الشرطة اعتراضهم على هذه الحركة، وهددوا باتخاذ خطوات تصعيدية حتى يتم التراجع عنها.
وفي هذا السياق قال المنسق العام لائتلاف أمناء الشرطة أحمد مصطفى، إن التعديلات الأخيرة على قانون الشرطة التي أتاحت للوزير إجراء هذه الحركة، غير قانونية وغير عادلة؛ مشيرا إلى أنها تم تمريرها للتنكيل بأعضاء أندية أمناء الشرطة المنتخبين.
وأعلن مصطفى، عبر "فيسبوك"، أنه سيتقدم بطعن على عدم دستورية القانون بمحكمة القضاء الإداري، كما أن هناك أكثر من 1500 شرطي سيرفعون دعاوى قضائية ضد وزير الداخلية، مؤكدا أن غالبية التقارير الرقابية لمن تمت إحالتهم إلى التقاعد "ممتازة".
إجراء روتيني
وتعليقا على هذه الحركة، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل، إن هذه الحركة أمر طبيعي وتأتي في إطار الإجراءات الروتينية التي تتخذها وزارة الداخلية كل عام لمراجعة أداء أفرادها الأمني والمهني، مؤكدا أن هذه التنقلات جاءت نتيجة لتقارير جهات التفتيش والرقابة بالوزارة.
وأضاف كامل، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن قانون هيئة الشرطة الجديد يسمح بنقل أي رجل شرطة في أي وقت من عمل لآخر ومن نطاق جغرافي لنطاق آخر، مشيرا إلى أن مثل هذه التنقلات اعتدنا عليها في الجيش والشرطة.
وأوضح أن عدم الاعتماد على نفس العناصر بدءا من أمناء شرطة وصولا للقيادات العليا، لمدة زمنية كبيرة في نفس أماكنهم هي من القواعد المتبعة في الأجهزة الأمنية المصرية، خوفا من تعرضهم لمخاطر أمنية، خاصة في ظل تزايد التهديدات الأمنية مؤخرا.
ترويض
لكن الباحث السياسي محمد شوقي رأى أن النظام يحاول بهذه الخطوة تغيير جلده، لافتا إلى أن كل مؤسسة أمنية تقوم كل فترة من الزمن بغربلة عناصرها لاستبعاد المتمردة أو حتى أولئك الذين أصبحوا يعرفون تفاصيل كثيرة عن قضايا أمنية حساسة.
وأضاف شوقي، لـ"
عربي21"، أن الإطاحة بهذه الأعداد الكبيرة من أمناء الشرطة هي خطوة ظالمة ومتعسفة ضدهم، مؤكدا أن السبب من ورائها هو التظاهرات التي نظمها الأمناء في فترة سابقة احتجاجا على سوء أوضاعهم الوظيفية والتي بسببها أحيل عدد كبير منهم للمحاكمة.
وتوقع أن تتمكن الداخلية من السيطرة على غضب الأمناء بعد هذه الحركة الجديدة، خاصة بعد نجاحها في تفتيت تكتلاتهم الكبرى، إما عن طريق الفصل من الخدمة أو النقل لأماكن جديدة، وبذلك ستضمن الولاء التام لأمناء الشرطة الباقين في الخدمة.