يكاد يجمع العديد من المراقبين والمحللين السياسيين بأن دعوة الرئيس
اليمني المخلوع،
علي عبد الله صالح، لمصالحة وطنية شاملة، محاولة منه للهروب نحو الأمام، في ظل مأزق تحالفه مع جماعة "أنصار الله" (
الحوثي)، وهي بمثابة طوق نجاة له ولحزبه "المؤتمر الشعبي العام" المنقسم على نفسه.
وكان صالح قد دعا في أحدث خطاب وجهه لأنصاره، الإثنين، في ذكرى تقلده للحكم (17 تموز/ يوليو 1978)، إلى "مصالحة وطنية شاملة، لا تستثني أحدا.
خطوة متأخرة
وفي هذا السياق، وصف القيادي في حزب المؤتمر، ياسر اليماني، دعوة صالح بأنها "إيجابية"، لكنها متأخرة جدا، ولا يمكن أن تتعامل معها القوى السياسية بأي حال من الأحوال.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أنه لو فكر صالح بالمصالحة، فقد كانت ممكنة، قبل أن يسمح لحلفائه في جماعة الحوثي، بتدمير اليمن وتقسيمه طائفيا ومناطقيا.
وبحسب القيادي في حزب المؤتمر (الجناح الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي) فإن علي صالح خسر كل شيء، حتى قيادات حزبه في المؤتمر الشعبي العام، جراء تحالفه مع
المليشيات الحوثية.
وتحدث اليماني بلغة استغراب عن أي مصالحة يتحدث عنها، والجراح والألم في كل بيت في اليمن، في الوقت الذي حث فيه صالح على التصالح مع المليشيات الحوثية، فهو أبقى له.
مناورة وتحرر
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن دعوة المخلوع صالح لا تخفي أبدا نزعته إلى التمسك بدور أساسي في العملية السياسية الراهنة والمستقبلية. مؤكدا أنه يستغل حالة التشظي وعدم الانسجام بين دول التحالف والسلطات الشرعية، نتاج المساعي الحثيثة التي تنتهجها القوة الثانية في هذا التحالف ( يقصد بها الإمارات) "للتخلي عن الأخيرة".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن "دعوة مباشرة للرئيس هادي للتخلي عن السلطة، على نحو يكشف طبيعة التنسيق بينه وبين أبوظبي على المستويين السياسي والميداني".
وأشار التميمي إلى أن المخلوع صالح يناور في المساحة الضبابية التي تمتد بين المواقف الواضحة للتحالف تجاه اليمن والأهداف الخفية لهذا التحالف التي يجري تحقيقها خلف دخان الحرب والمواجهات.
وأوضح السياسي اليمني أنه لا يمكن إغفال محاولته "التحرر من القيود التي وضعها الحوثيون في يديه والأثقال التي ينوء بحملها وتهدد وجوده في صنعاء".
دعوة أريد بها باطل
من جهته، اعتبر السفير اليمني عبد الوهاب العمراني بأن دعوة صالح للمصالحة، أريد بها باطل فقط، لاسيما تزامنها مع ذكرى تقلده للحكم قبل 39 عاما، الغرض منها "إظهار أنه مازال فاعلا مع أن حلفاءه الحوثيين قد جردوه تباعا من أمور كثيرة".
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن المخلوع صالح يحاول مغازلة الخارج الإقليمي الذي دأب على التودد له تارة، ومهاجمته تارة أخرى.
ومضى قائلا: "بعد كل هذا الدمار يدعو للمصالحة، وكأنه خلاف سياسي، فيما تناسى دعمه اغتصاب السلطة وإفساد المرحلة الانتقالية"، متسائلا عن أي مصالحة بعد "خراب البصرة" وهي كمن يحرث في البحر؟
ووصف العمراني دعوة صالح لمصالحة شاملة بأنها "معزوفة سمجة لأسطوانة مشروخة، تحاول اللعب على هواجس اليأس والإحباط لدى الشعب من تدهور الأوضاع وانزلاق اليمن للمجهول".
ووفقا للدبلوماسي اليمني فإن دعوته هذه لربما تحمل رسائل مشفرة لعنف أكثر مستقبلا.
ولفت إلى أنه قد تأتي استباقا ربما لتناوله عن قيادة حزب المؤتمر الشهر المقبل.. فكما أتى به الأمير السعودي، سلطان بن عبد العزيز، قبل ما يقارب الأربعون عاما سيغادر الحياة السياسية بإرادة الملك سلمان، العاهل السعودي الحالي.
مؤكدا أن خروج صالح من المشهد نهائيا بإرادة خارجية قد تجعل منه "بطل قومي"، رغم أنه يمثل الوجه البرجماتي لأقبح إعلام ديماغوجي رافق حكمه وحتى اليوم. على حسب قوله