تتجه الأوضاع في مدينة القدس المحتلة إلى مزيد من التصعيد من قبل سلطات الاحتلال، تمثلت في الساعات الأخيرة بإجراءات جديدة في محيط المسجد الأقصى المبارك من خلال تركيب كاميرات وصفت بـ"الحساسة" على مدخل باب الأسباط.
وقوبل هذا الإجراء برفض فلسطيني، عبر عن بيان للمرجعيات الدينية في القدس والتي تضم رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، ومفتي القدس والديار الفلسطينية والقائم بأعمال قاضي القضاة.
دعوة لشد الرحال
وأكد البيان -الذي وصل "عربي21" نسخة عنه- على "رفض ومقاطعة كافة إجراءات العدوان الإسرائيلي الجائرة والمتمثلة في تغيير الوضع التاريخي القائم ومنها فرض البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى المبارك".
ودعت المرجعيات الدينية "أهلنا إلى عدم التعامل معها مطلقا وعدم الدخول من خلالها إلى المسجد الأقصى المبارك بشكل قاطع، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك لإقامة الصلوات والتعبد فيه".
مخطط مسبق
وتعليقا على هذه التطورات وسيناريوهات الفترة المقبلة، يقول المحامي المختص في شؤون
القدس خالد
زبارقة إن الاحتلال الإسرائيلي "يبدو مرتبكا في الوقت الحالي بعد أن انتقل إلى سياسات وممارسات خاطئة، وأساء التقدير فيها وهو يريد الآن أن يحمّل نتائج غبائه للشعب الفلسطيني".
ويذهب زبارقة في حديث لـ"عربي21" إلى أن ما حصل يتجاوز قضية بوابات ومزاعم حفظ الأمن وسلامة المصلين، بالقول: "الاحتلال كان يريد فرض مخطط جديد على المسجد الأقصى يغير من هويته الإسلامية إلى هوية دينية إسلامية مسيحية يهودية، كمرحلة أولى وبعد ذلك إلى هوية حصرية يهودية".
ويضيف زبارقة أن الاحتلال بدأ بتنفيذ هذا المخطط منذ عدة أشهر إلى أن وصل إلى ما وصل الحال عليه هذه الأيام، "وصولا لفرض موضوع البوابات ليضمن أن ينفذ مخططه دون عراقيل أو مقاومة".
ويقول المحامي زبارقة إن ردة الفعل الشعبية على مخطط الاحتلال "أرسلت رسالة واضحة للاحتلال والمشروع الصهيوني العالمي (..) وأصبح الكل مهتما الآن في كيفية إنزال نتنياهو عن الشجرة التي صعد إليها بأقل الخسائر".
وعن موقف الاحتلال حاليا، يرى زبارقة أنه "يناور حاليا لتحقيق مكاسب جديدة في
الأقصى من ناحية المشاركة في إدارة الأقصى أو تحصيل اعتراف دولي بشرعية الاقتحامات أو تحقيق شيء في موضوع التقسيم الزماني كمرحلة أولى لفرض التقسيم الزماني والمكاني، أو تحصيل شرعية صلوات يهودية شهرية في المسجد الأقصى".
معركة رواية
ويلفت زبارقة إلى أن معركة أخرى تدار الآن إلى جانب المعركة على الأرض، ويطلق عليها "معركة الرواية" ومضمونها المفردات، موضحا أن "البوابات التي يتحدث عنها الاحتلال ليست أمنية بل هي تهويدية ويجب التأكيد على ذلك، والهدف منها خدمة أجندة التهويد وليس الأمن والسلامة في الأقصى".
ويتابع: "الاحتلال بدأ يسيطر الآن على كل البوابات، ولا أحد يعرف ما الذي فعله خلال ثلاثة أيام وما الذي نصبه داخل المسجد (..) وبالتالي فإن أي اعتراف للاحتلال بأي شرعية ستكون لها آثار كارثية".
الوصاية الأردنية
ويشير إلى أن أي اعتراف بأي شرعية للاحتلال سيكون له نتائج تؤدي إلى تآكل أمرين، "الأول في مفهوم الوضع القائم في القدس وهو التعريف القانوني المتعارف عليه دوليا للحفاظ على المسجد والذي تم تحديده في عام 1929 على اثر أحداث البراق"..
والأمر الثاني، كما يضيف زبارقة، متعلق "بالوصاية التاريخية للمملكة الأردنية الهاشمية، ولذلك فنحن نلفت انتباه أهلنا في الأردن لهذا التآكل ونناشدهم الحفاظ على الوصاية التاريخية الهاشمية، ليس فقط في جانب الإدارة وإنما في الولاية والحماية".
موقف موحد
وعن توصيفه للموقف الفلسطيني في القدس، يؤكد زبارقة أنه "برزت اليوم في القدس قيادة دينية أثبتت قدرتها على اتخاذ القرارات الصحيحة والثبات عليها، وقد التف من حولها المقدسيون والفلسطينيون". ويتابع: "الموقف الشعبي الفلسطيني الآن رافض لأي تغيير ولو كان بسيطا على الأقصى ويرفض أي شرعية للاحتلال".
ويؤكد أن الاحتلال أراد اختبار صبر المقدسيين وحجم ردة فعلهم وتفاعلهم حيث ظهر أن هناك ازديادا مستورا في أعداد المرابطين والمعتصمين في محيط الأقصى، وهناك إجماع على عدم خرق الموقف الموحد الذي يؤكد على عدم دخول المسجد من أي بوابات أمنية".
ويختم بالقول: "الاحتلال فاقد لأي شرعية في القدس والأقصى، وبالتي هو فاقد لأي شرعية في فرض حلول، الحلول هي للوصاية التاريخية الهاشمية أو للسيادة الفلسطينية المتمثلة بالشعب، أما السلطة الفلسطينية فهي التي تحدد ماذا تريد، إما أن تكون ممثلة للشعب في رفضها إجراءات الاحتلال أو أن تكون في خدمة المشروع الصهيوني وتبني روايته".