نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحلل الكندي من أصل
إيراني شاهر شاهدثالث، حول العقوبات الجديدة التي صوت عليها الكونغرس الأمريكي، التي تم بموجبها فرض عقوبات إضافية على كل من روسيا وكوريا الشمالية وإيران.
ويذكر شاهدثالت أن هذه العقوبات تم التصويت عليها الأسبوع الماضي بأكثرية في مجلس النواب والشيوخ، بحيث يصعب نقضها في أي من المجلسين، بالإضافة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لن يستطيع منعها، وقال المتحدثون باسمه إنه سيصادق عليها لتصبح قانونا ساريا.
ويقول الكاتب إن "العقوبات التي يفرضها القانون موجهة للإيرانيين والأجانب الذين يشاركون في ثلاثة مجالات: برنامج إيران البالستي، والأنشطة المتعلقة بالإرهاب التي يقوم بها الحرس الثوري، وانتهاكات حقوق الإنسان، ومعظم هذه المجالات كانت مغطاة بأوامر إدارية وقوانين أمريكية أخرى".
ويشير شاهدثالث في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هناك ثلاث نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار بخصوص مشروع هذا القانون، وهي:
أولا: أن الحرس الثوري يؤدي دورا مهما في الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك النفط والغاز وتوليد الطاقة والشحن البحري وقطاع الاتصالات، وقد تكون العديد من الشركات والمنظمات عرضة للمقاطعة، فمثلا يملك تآلف من ثلاث شركات استثمار 50% من أسهم شركة الاتصالات في إيران، اثنتان منهما مملوكتان للحرس الثوري.
ويقول الكاتب إنه "اعتمادا على مدى العقوبات، فإن الاقتصاد الإيراني قد يواجه موجة جديدة من المعاناة، بعد عامين من تعليق عقوبات أمريكية رئيسية، بموجب
الاتفاقية النووية عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية، هي أمريكا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، مقابل تقييد البرنامج النووي الإيراني".
ثانيا: ينص مشروع القانون على أنه "سيقوم وزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير المالية ومدير المخابرات الوطنية معا بتقديم وتطوير استراتيجية لردع الأنشطة الإيرانية التقليدية وغير المتماثلة، والتهديدات المباشرة للولايات المتحدة والحلفاء الرئيسيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأبعد من ذلك".
ويعلق شاهدثالث قائلا: "إذا ما أخذنا بعين الاعتبار بأن سياسة أمريكا تجاه إيران، كما أوضحها وزير خارجيتها ريكس تيلرسون أمام لجنة الخارجية في الكونغرس، تستند إلى قيام (عناصر داخل إيران) بتحقيق (انتقال سلمي لتلك الحكومة)، يبقى علينا انتظار كيف ستتفاعل الإدارة مع مشروع هذا القانون، وأي أبواب ستفتح في الصراع الأمريكي الإيراني".
ثالثا: أن مشروع القانون قد ينتهك الاتفاقية النووية الموقعة مع إيران، التي تنص على أن الولايات المتحدة "ستبذل قصارى جهدها وبحسن نية للحفاظ على الاتفاقية النووية، وتمنع التدخل في حصول إيران على الفائدة القصوى" من رفع العقوبات.
ويستدرك الكاتب قائلا: "وحتى إن كان هناك تعارض، فإن اللغة الحادة والنغمة العدوانية وروح مشروع القانون ستجعل الشركات الأوروبية والصينية، التي كانت تتطلع إلى أو تتفاوض لأجل الاستثمار في إيران، تعيد حساباتها وتتراجع، وهذا سينهي من الناحية العملية تخفيف الحصار الذي نص عليه الاتفاق النووي، الذي كان هو المحفز الرئيسي لإيران لتوقيع الاتفاق النووي".
ويقول شاهدثالث: "لو وضعنا مشروع القانون جانبا، فإن ترامب يسعى إلى عدم المصادقة على التزام إيران بالاتفاقية النووية عندما يحين الوقت لإخبار الكونغرس في تشرين الأول/ أكتوبر، فبحسب تقرير لمجلة (فورين بوليسي) في تاريخ 21 تموز/ يوليو، ونقلا عن ثلاثة مصادر لم تذكر أسماءها، بأنه وبعد لقاء عاصف مع تيلرسون، فإن ترامب أمر مجموعة من العاملين في البيت الأبيض ممن يثق بهم بالبحث عن أسباب لعدم المصادقة على التزام إيران بالاتفاقية النووية عندما تتم مراجعة الاتفاقية بعد 90 يوما".
ويلفت الكاتب إلى أن "الأمريكيين يشكلون جانبا واحدا من المعادلة، أما الجانب الآخر فهي إيران، التي في الغالب لن تقف متفرجة، وكان الزعيم الروحي آية الله علي خامنئي شدد بأن على إيران التعامل (بشدة) مع الضغوط الأمريكية و(من موقع قوة)، وقال خلال خطاب له في المسؤولين في 12 حزيران/ يونيو: (كلما تنازلنا أكثر في هذا المجال ظهر كأننا ضعاف، وسيستنج (العدو) أن ليس لدينا خيار آخر، وهذا سيشجعه على زيادة الضغوط الظالمة)".
وينوه شاهدثالث إلى رد إيران في 27 تموز/ يوليو، بعد يومين من التصويت في الكونغرس، بإطلاق صاروخ يستطيع حمل قمر صناعي إلى الفضاء، يزن 550 رطلا، وهو ما أشارت له كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا في بيان مشترك، قائلة: "إن برنامج إيران لتطوير الصواريخ البالستية يبقى مخالفا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي صادق على اتفاقية 2015 النووية"، ودعا البيان إيران "للتوقف عن تجريب المزيد من الصواريخ الباليستية والأنشطة المتعلقة بها".
ويجد الكاتب أن "حجة القوى الغربية ليست دقيقة، فقرار مجلس الأمن 1929 لعام 2010 ينص على أن مجلس الأمن (يقرر أن إيران لن تباشر أي نشاط يتعلق بالصواريخ البالستية القادر على حمل الأسلحة النووية..)، لكن القرار 2231 ألغى أحكام القرار الآنف ذكره؛ بسبب إصرار إيران على برنامجها الصاروخي، وتم تغيير اللغة فيه بهذا الخصوص، فأصبح النص هو: (إيران مدعوة (وليست ملزمة) لعدم الإقدام على أنشطة متعلقة بالصواريخ البالستية المصممة لتكون قادرة على حمل الأسلحة النووية)".
ويورد الموقع نقلا عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قوله في تغريدة له في 28 تموز/ يوليو، إن "إيران لا تقوم بتطوير أسلحة نووية ولن تقوم بذلك، ولذلك لا يمكنها تطوير صواريخ مصممة لتكون قادرة على حملها".
ويرى شاهدثالث أن "إيران لن تتخلى عن برنامجها الصاروخي تحت أي ظروف، ولتأكيد أهمية البرنامج الصاروخي لإيران، قال ظريف في تغريدة له على (تويتر) في شهر آذار/ مارس، لو كانت لدى إيران صواريخ لما هاجمها صدام".
ويشير الكاتب إلى "توقع المحللين بأن برنامج الصواريخ الإيراني كان سيؤدي إلى صدام بين إيران وأمريكا، وكانت المسألة مسألة وقت فقط، وإن لم يوقع ترامب في تشرين الأول/ أكتوبر على أن إيران ملتزمة بالاتفاقية، ولم يمدد رفع العقوبات عن إيران (فللرئيس الخيار في إرجاء فرض العقوبات كل 120 إلى 180 يوما)، فهناك سيناريوهان محتملان:
الأول، وهو السيناريو الأقل احتمالا، وهو ألا تلتزم الشركات الأوروبية والصينية بالعقوبات، وتستمر في التعامل مع إيران، وفي هذه الحالة يمكن لأمريكا مقاطعة تلك الشركات، وفي مثل هذه الحالة ستظهر أزمة دولية، وفي هذا السياق بدأت بعض التصدعات بين أوروبا وأمريكا بالظهور، بما في ذلك بيان الأسبوع الماضي من وزارة الخارجية الفرنسية، يشكك في قانونية العقوبات الأمريكية الجديدة".
ويفيد شاهدثالث بأن "السيناريو الآخر وهو الأكثر احتمالا: هو أن يتبع الاتحاد الأوروبي والصين أمريكا في مقاطعة إيران، والواضح في هذه الحالة أن من غير المعقول أن تبقى إيران ملتزمة بالاتفاقية النووية، بل ستتخلى عنها، وتوسع برنامجها النووي انتقاما، وأخذا بعين الاعتبار دفع الإدارة باتجاه تغيير النظام في إيران، والبيئة المعادية جدا لإيران في الكونغرس، فإن احتمال وقوع مواجهة عسكرية يزداد".
ويخلص الكاتب إلى القول: "باختصار، فكما قلت أكثر من مرة، إن من السذاجة الظن بأنه يمكن للاتفاقية النووية العيش، في الوقت الذي تتنافس فيه كل من إيران وأمريكا على الهيمنة على منطقة الخليج".