تسببت الغارات المتكررة التي يشنها النظام السوري منذ الجمعة الماضية قرب الحدود الأردنية السورية إلى نزوح المئات من السوريين من مخيم "الحدلات" باتجاه الداخل السوري، وصوب مخيم الركبان الذي يعاني من وضع إنساني صعب.
ويقع مخيم الحدلات على الحدود الشمالية الشرقية بين الأردن وسورية في منطقة بادية الحماد (حماد الشامي) وتبعد قرابة 20 كم عن منطقة الحدلات الحدودية الأردنية، ويقنطه ما يقارب 8 آلاف نسمة.
وأفاد ناشطون في مخيم الحدلات، لـ"عربي21" بأن "حالات النزوح مستمرة، اذ شهد يوم الاثنين نزوح ما يقارب 200 عائلة أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، تم نقلهم بالمركبات والشاحنات في ظل حرارة مرتفعة".
وناشد أهالي المخيم الحكومة الأردنية التدخل لحماية اللاجئين وتقديم العون لهم، مستغربين "صمت المجتمع الدولي على قصف منطقة محرمة بين بلدين دوليا يقع فيها مخيم للاجئين المستضعفين".
مستضعفون محاصرون
بدورها، أعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن "قلقها العميق إزاء أمن وحماية ما يقدر بنحو أربعة آلاف سوري في منطقة الحدلات و ما يزيد عن خمسة وأربعين ألفاً آخرين في منطقة الركبان -معظمهم من النساء والأطفال- لا يزالون عالقين على الحدود الجنوبية السورية مع الأردن".
وقالت المنظمة في بيان –وصل "عربي21" نسخة عنه- إن "المنطقة تزداد سوءا، وتدهور الوضع يجبر البعض على محاولة مغادرة المنطقة، ويخاطرون بأرواحهم في وسط صحراء منعزلة على غير هدى فقط بحثا عن الأمان".
وأكدت المنظمة أن "هؤلاء المستضعفين، ومعظمهم من الأطفال والنساء، محاصرون، بدون أي حل سياسي في الأفق وغير قادرين على العودة إلى ديارهم".
انقطاع للمواد الغذائية
وتسببت المعارك الدائرة في منطقة البادية السورية بانقطاع تام للمواد الغذائية لليوم الخامس على التوالي بشكل كامل عن مخيمي الركبان والحدلات، ومن أبرزها (السكر الطحين-الزيت)، وسط مناشدات من الأهالي لتدخل المنظمات الإغاثية والأمم المتحدة لإدخال المواد المساعدات.
ويصف الطبيب عماد غالي من منظمة جسور الأمل الناشطة في
مخيم الركبان، الوضع الإنساني بـ"المأساوي"، موضحا لـ"
عربي21" أنه "بالاضافة الى انقطاع المواد الغذائية، مازالت مياه الشرب مقطوعة عن الجهة الشرقية في المخيم منذ شهر رمضان الماضي، ما فاقم الوضع السيء للاجئين مع ارتفاع درجات الحرارة".
اقرأ أيضا: الركبان.. خاصرة الأردن الرخوة
وحسب غالي "انتشرت أوبئة عديدة في المخيم؛ بسبب اضطرار اللاجئين إلى شرب مياه الأمطار الملوثة المخزنة في باطن الأرض، في ظل وجود سوق سوداء لبيع المياه بأسعار فلكية".
إلى ذلك أكدت مصادر أردنية لـ"عربي21"، أن "انقطاع المياه عن الجهة الشرقية للمخيم يعود إلى حادثة تخريب تعرضت لها الأنابيب الناقلة للمياه داخل المخيم، ومن الصعب إدخال كوادر أردنية لإصلاحها بسبب إغلاق الحدود وتردي الوضع الأمني، إذ يجري الآن تدريب كوادر من داخل المخيم لإصلاح هذه الانابيب".
ويقع مخيم الركبان في المنطقة "منزوعة السلاح" بين الأردن وسوريا، والذي يضم قرابة 80 ألف لاجئ، تزداد معاناتهم، في ظل البيئة الصحراوية التي يعيشون فيها، وشح المساعدات، وقلة مياه الشرب النظيفة.
مناشدات
وكانت الأمم المتحدة دعت في بيان لها عن "استعدادها لمواصلة دعم الجهود التي تبذلها السلطات الأردنية، على الرغم من الموارد المحدودة، لحماية السوريين المتضررين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم".
وقالت إن "حالة اللاجئين تزداد سوءا بسبب ندرة الخدمات المتاحة في المنطقة، ولا سيما الغذاء والرعاية الصحية، إذ أصبح طريق الإمدادات إلى المنطقة الحدودية من داخل سوريا مقيدا بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة، بينما انقطعت منطقة الحدلات تماما من أي إمدادات".
ودعا البيان منظمات الأمم المتحدة في الأردن، إلى "إيجاد حل لمحنة اللاجئين في هذه المخيمات، مناشدة "جميع الأطراف المشاركة في النزاع إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للحيلولة دون إلحاق المزيد من الأذى لهؤلاء المعرضين للخطر الشديد والذين تقطعت بهم السبل في المنطقة الحدودية".