تناولت الصحف
الإسرائيلية، باهتمام كبير الضربة العسكرية المفاجئة التي وقعت الخميس الماضي، لما يعتقد أنه مصنع عسكري سوري، حيث أكد النظام السوري أن "إسرائيل" هي التي تقف خلف هذا
الهجوم.
صحيفة "معاريف"
وأوضحت صحيفة "معاريف" العبرية، أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تقدر أن "
سوريا وحزب الله سيحجمان عن الرد على الهجوم المنسوب لإسرائيل، والذي نفذ ضد مصنع سلاح يقع على مسافة 70 كيلومترا من القاعدة الروسية حميميم في منطقة اللاذقية".
ويقدر الجيش الإسرائيلي، أن المنطقة الشمالية "لن تسخن في أعقاب الهجوم المنسوب لإسرائيل، وفي حال نفذ الجيش السوري تهديده، فسيكون موضعيا"، وفق الصحيفة التي زعمت أن الحياة في الشمال "تسير كالمعتاد"، رغم عدد الجنود الهائل في المنطقة والذي يجري مناورة عسكرية وصفت بـ"الأضخم" في تاريخ دولة الاحتلال.
وأوضحت "معاريف" في مقال كتبه محررها للشؤون الأمنية والعسكرية، الخبير الأمني البارز يوسي ميلمان، أن "هذا الهجوم يخرج عن النمط الذي ميز أفعالها (إسرائيل) في سوريا منذ بدء الحرب الأهلية قبل ست سنوات".
ورأى ميلمان، أن الهجوم "رسالة واضحة للأسد وروسيا وإيران، فإسرائيل تحاول منذ أشهر من أجل إقناع واشنطن وموسكو بمراعاة مصالحها في سوريا، والعمل على منع إيران من الاقتراب من الحدود في هضبة الجولان، وعدم إقامة إيران لمصانع إنتاج
صواريخ".
وأكد أن "إسرائيل أدركت أن الدبلوماسية فشلت، وذلك مع توجه أمريكا نحو كوريا الشمالية واعترافها بسوريا كمنطقة نفوذ روسية"، متسائلا: "حتى متى يمكن لروسيا أن تواصل اللعبة المزدوجة؛ تحمي الأسد وفي نفس الوقت تسمح لإسرائيل بالمس بمكانته؟".
صحيفة "يديعوت"
صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أكدت في مقال كتبه معلقها للشؤون العسكرية، أليكس فيشمان، أن من أصدر القرار بالهجوم على المنشأة السورية كان قد "اختار التوقيت السياسي المناسب لتنفيذ ضربته".
وذكر فيشمان أنه قبل يوم من الهجوم "عرضت على مجلس الأمن استنتاجات لجنة التحقيق، التي أكدت أن الأسد نفذ ما لا يقل عن سبع هجمات كيميائية ضد المدنيين خلال هذا العام".
وأضاف متسائلا: "في الوقت الذي تواصل فيه سوريا إنتاج واستخدام السلاح الكيميائي، من الذي سيخرج ليدافع عنها حين تتعرض مصانعها للسلاح الكيميائي للهجوم؟"، مقدرا أن منفذ الهجوم "حرص على أن تركز التقارير على حقيقة أن المنشأة تعنى بإنتاج السلاح الكيميائي".
وأكد المعلق العسكري الإسرائيلي، أن "النظام السوري علق في شرك؛ فمن جهة العالم يدرك أنه ينفذ جرائم حرب؛ ومن جهة أخرى لا يمكنه أن يدحض الاتهامات حول إنتاج واستخدام السلاح الكيميائي في المصانع التي تعرضت للهجوم"، موضحا أن "لدى الأسد ما يخفيه، وروسيا لا تعطيه ظهرا".
ورأى أنه بإمكان "إسرائيل مواصلة العمل في سوريا في مستويات معينة لا تمس بالمصالح الروسية"، منوها إلى أن الاستنتاج الذي يجب أن تدركه إيران من الهجوم الأخير، هو أن "الروس لن يمنعوا هجمات إسرائيلية ضد قوات إيرانية في هضبة الجولان".
وفي حال "كانت إسرائيل بالفعل هي التي نفذت الهجوم، فلا يمكن التجاهل أنه تم في ذروة المناورة العسكرية"، بحسب فيشمان الذي لفت إلى أن "الكمية الاستثنائية للطلعات الجوية خلال المناورة يمكنها أن تشكل فرصة لمفاجأة العدو وتدمير المنشأة".
صحيفة "هآرتس"
من جانبها، أوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن "تعميق تدخل إسرائيل في سوريا، هو سيف ذو حدين؛ فإيران من الممكن أن تسعى لزيادة تواجدها في سوريا، كما أن روسيا ربما تقلص أو تلغي التنسيق الجوي مع إسرائيل"، زاعمة في مقال نشرته لمحلل الشؤون العربية لديها، تسفي برئيل، أن "المعهد السوري للأبحاث العلمية، هو الاسم السري لجزء من صناعة السلاح السوري غير التقليدي".
وأشار إلى أن "إنتاج السلاح الكيميائي في سوريا، يوجد في ثلاثة مواقع؛ موقعان قرب دمشق والثالث قرب مدينة مصياف، وهو الموقع الذي تمت مهاجمته من قبل سلاح الجو الإسرائيلي من السماء اللبنانية"، مرجحا أن "واشنطن منحت الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ الهجوم".
وأكد برئيل، أن توقيت الهجوم "هام، لأنه جاء بعد تهديد روسيا بفرض الفيتو على كل مشروع قرار في مجلس الأمن يصف حزب الله بأنه منظمة إرهابية، وبعد لقاء نتنياهو مع بوتين الأخير، حيث عاد نتنياهو بدون تعهد روسي بالعمل على سحب القوات الإيرانية من سوريا".
وتعليقا على تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي تعهد فيه بعدم الإضرار بالمصالح الأمنية الإسرائيلية، لفت المحلل الإسرائيلي إلى أن "تفسير روسيا للضرر ليس بالضرورة مشابها لتفسير إسرائيل".
ولفت إلى أن "موسكو تدرك أن الهجوم على مصنع كيميائي يعتبر عملية مشروعة في نظر المجتمع الدولي، وبشكل عملي فقد أوضحت روسيا عام 2013 أنها لن تعارض مهاجمة مخازن السلاح الكيميائي في سوريا بقرار الأمم المتحدة، وذلك في حال ثبت أن نظام الأسد استخدمه فعليا".
ورأى برئيل، أن "الأمر الجديد في هذا الهجوم، هو التعريف الأوسع لما يعتبر تهديدا"، متسائلا: "هل ستوافق روسيا على هذا التعريف؟"، حيث إن موافقة موسكو على هذا التعريف "من شأنها أن تمنح إسرائيل الفرصة لمهاجمة أهداف أخرى مثل قواعد سلاح الجو أو حتى القوات البرية السورية بذريعة أنها تشكل تهديدا".
ومن ناحية الولايات المتحدة، فقد "قدمت إسرائيل خدمة لأمريكا، لأن ثبات استخدام الجيش السوري لغاز الكلور، يستدعي من واشنطن القيام بعملية عسكرية ربما تزيد من تدهور العلاقات مع موسكو"، وفق المحلل الإسرائيلي الذي أكد أن "وجود العنصر الإسرائيلي الفاعل في سوريا يهدد بتشويش العمليات التي تخطط لها روسيا".
"إسرائيل اليوم"
الجنرال الإسرائيلي يعقوب عميدرور، في مقال له نشر بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أكد أنه في حال ثبت أن "إسرائيل" هي التي تقف خلف الهجوم، فهذا يعني أنه "توسيع للسياسة الإسرائيلية التي ركزت على منع وصول السلاح من سوريا وإيران إلى حزب الله".
وتابع: "وهذا يعني أنه توجد في بؤرة الاستهداف مواقع إنتاج للسلاح تعود للحكومة السورية نفسها"، موضحا أن "أصحاب القرار فهموا أنه إذا لم تعمل إسرائيل، فقد ينشأ وضع مهدد تصل فيه أسلحة حديثة إلى منظمة حزب الله".
ومع وجود إيران وحزب الله وهما لاعبان بارزان في الساحة السورية، وما قامت به طهران من جلب لمليشيات شيعية للقتال إلى جانب حزب الله من أجل الدفاع عن الأسد، فقد "جاء هذا القصف الهام المنسوب لإسرائيل، والذي يقول بشكل واضح؛ لا يوجد مكان حصين في سوريا.."، وفق عميدرور.
ونوه إلى أن هذه الضربة العسكرية "لن توقف الجهد الإيراني ولكنها تكشف حرية العمل لضرب أهداف مختلفة، بما في ذلك السورية"، مؤكدا أن الهجوم هو "إشارة واضحة للأسد بأن عليه أن يحذر، وعليه أن يأخذ بالحسبان أنه إذا واصل توثيق العلاقات مع إيران وحزب الله، فإن سوريا ونظامها قد يدفعان الثمن".
وحول الرد على الهجوم، فقد قال الجنرال الإسرائيلي: "لا يبدو أن لحزب الله مصلحة في الرد، وإيران ستكون حذرة، أما الأسد، الذي يخدمهما فينبغي أن يأخذ بالحسبان أن كل مبادرة من جانبه سيرد عليها بهجوم إسرائيلي".