نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تطرق من خلاله إلى التحركات التي تجري في
لندن في إطار المساعي لعقد مؤتمر يشمل
المعارضة القطرية، وذلك بدعم من لوبيات أمريكية وبريطانية مقربة من أبو ظبي والرياض. وفي الأثناء، تعرضت هذه الخطوة للعديد من الانتقادات والتشكيك حتى قبل الإعلان عن مكان المؤتمر وتفاصيله.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21" إن هذه التحركات وضعت في الواجهة شخصية قطرية تبلغ من العمر 29 سنة تعيش خارج قطر، وتحظى بدعم مؤسسة بريطانية غامضة تعنى بالدفاع عن المَلكية، فضلا عن إعلامي أمريكي كان سابقا الرأس المدبر وراء سياسات بيل كلينتون.
وقد تم وصف هذا المؤتمر الذي تعتزم ما تسمى "المعارضة القطرية" تنظيمه في لندن هذا الأسبوع، بأنه مناورة فاشلة، ومحاولة للتحضير لانقلاب في قطر. فضلا عن ذلك، فقد اعتبر هذا المؤتمر بمثابة حدث وهمي يأتي في إطار الحرب الإعلامية التي تدور في منطقة الخليج.
وأضاف الموقع أن هذا الحدث الذي أطلق عليه اسم "مؤتمر قطر للأمن والاستقرار العالمي"، والذي ينظمه رجل الأعمال القطري خالد الهيل، قد تعرض لانتقادات كبيرة من قبل مؤسسة علاقات عامة وهمية مقرها في لندن، وقناة الجزيرة العربية التي وصفت الهيل بأنه مجرد دمية تحركها
الإمارات.
وذكر أن هذا المؤتمر الذي سيعقد يوم الخميس القادم في فندق فخم لم يتم تحديده بعد، يحظى بدعم مؤسس الجمعية والمؤسسة البريطانية للدفاع عن الملكية، التي تدعي أنها تساند هذا المؤتمر في "مساعيه لإرساء الديمقراطية، وحقوق الإنسان وحقوق الصحافة في قطر".
ويأتي هذا الحدث في خضم خلاف محتدم منذ أشهر بين قطر والدول الأربعة بقيادة المملكة العربية
السعودية، التي تصر على أن قطر دولة داعمة للإرهاب وتسعى لتغيير أنظمة الحكم في المنطقة. ومن المثير للاهتمام أن هذه الادعاءات تروج لها بشكل خاص وسائل الإعلام السعودية والإماراتية.
وبحسب الموقع الرسمي لهذا المؤتمر الغامض، فسيشهد هذا الحدث حضور صناع القرار من عدة دول، وأكاديميين، وصحفيين ومعارضين قطريين منفيين في الخارج، وذلك من أجل مناقشة فكرة إرساء نظام ملكي دستوري في قطر، خاصة أن الإمارة تحظر بعث الأحزاب السياسية، في حين أن جل السلطات تجتمع في يد الأمير.
ووفقا للمصدر ذاته للموقع، تم تقديم خالد الهيل، الذي يدعي أنه الممول الوحيد لهذا الحدث، من قبل المنظمين على أنه مؤسس "الحزب الوطني الديمقراطي القطري"، الذي يسعى لتغيير النظام في البلاد.
وأورد الموقع أن القائمين على المؤتمر صرحوا بأن خالد الهيل ينتمي إلى إحدى العائلات المؤسسة لدولة قطر، كما أنه من أبناء عمومة أمير البلاد. وقد فر من البلاد في سنة 2014، بعد أن تعرض للتعذيب لمدة 22 يوما. وفي الأثناء، أشارت بعض المصادر إلى أن الهيل يقسم وقته بين العمل في لندن وإمارة موناكو الفرنسية، علما بأن أصدقاءه يلقبونه بالشيخ، ويقولون إنه فاحش الثراء.
وكشف أن السجل العام للشركات البريطانية يحيل إلى أن هذا الشخص البالغ من العمر 29 سنة، قد أسس عددا من شركات الإعلام والتكنولوجيا، ضمن تجارب لم تدم طويلا، أثناء إقامته في لندن. وفي سياق متصل، فإن خالد الهيل يعتبر من المقربين جدا من توماس ميس ـ أرشر ميلز، مؤسس الجمعية والمؤسسة البريطانية للدفاع عن الملكية، فضلا عن أمينتها العامة ميرفن ريدنغ.
وفي الأثناء، أشارت سجلات سلطات مدينة لندن إلى أن ميرفن ريدنغ قد ساندت ترشح الهيل في سنة 2016، للحصول على جائزة امتياز الحرية لمدينة لندن، وهو احتفال تقليدي يعود للعصر الإقطاعي في القرن 12.
وأفاد الموقع بأن توماس ميس ـ أرشر ميلز وميرفن ريدنغ، قد عملا مع الهيل على اعتبارهما مديرين لشركة أورب أند سكبتر للاتصالات، وهي مؤسسة علاقات عامة وقع حلها. وتكفلت هذه الشركة بتسجيل الموقع الرسمي لمؤتمر المعارضة القطرية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
من جانبه، ذكر ميلز، الذي قام بتصوير شريط وثائقي حول خالد الهيل، أنه يعمل أيضا مستشارا للعائلة الملكية الصربية. وعلاوة على ذلك فقد صرح ميلز في اتصال مع "ميدل إيست آي" أنه قد تعرف على الهيل عن طريق إحدى جماعات الضغط.
وأضاف ميلز أن الهيل أسس شركة أورب أن سكبتر بهدف تقديم الدعم للجمعية والمؤسسة البريطانية للدفاع عن المَلكية. وفي السياق ذاته، وصف ميلز خالد الهيل بأنه مستثمر ناجح جدا وينحدر من عائلة عريقة في قطر. كما أوضح ميلز أن الهيل مقرب من الملياردير المصري نجيب ساويرس، مالك قناة "يورو نيوز" الإخبارية، التي تبث من مدينة ليون الفرنسية. وقد دعا ساويرس رجال الأعمال العرب لسحب استثماراتهم من قطر.
ونقل الموقع تصريح نجيب ساويرس في وقت سابق لصالح قناة "سي أن أن" الأمريكية، حيث قال: "أنا لا أوجه دعوتي فقط لرجال الأعمال المصريين، بل لكل رجال الأعمال العرب الذين لا يريدون مساندة دولة متورطة في دعم مجموعات إرهابية في منطقة، في حين أن يداها ملطختان بالدماء".
وأكد الموقع أنه بات من الواضح أن خالد الهيل استعان بخدمات عدد من كبرى شركات العلاقات العامة، إضافة إلى عدة وجوه معروفة في هذا المجال على غرار جيسون نيس، وهو صحفي سابق ومدير سابق لمؤسسة نيوز غيت للاتصال، وهي مؤسسة علاقات عامة لديها مكاتب في أبو ظبي ولديها جملة من العلاقات في الشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، استنجد الهيل بخدمات ستيف رابينوفيتش من مؤسسة بلو لايت ستراتيجيز، المتمركزة في واشنطن. وقد تقلد رابينوفيتش، الذي سافر إلى لندن هذا الأسبوع، سابقا مهمة مدير التخطيط الإعلامي في البيت الأبيض إبان حكم بيل كلينتون. ويوصف رابينوفيتش بكونه من الشخصيات المؤثرة في واشنطن، وخاصة داخل الحزب الديمقراطي.
في هذا الصدد، صرح رابينوفيتش، مؤسس منظمة يهود من أجل التقدم، وهي مؤسسة تقوم بجمع التبرعات لفائدة إسرائيل، التي عمدت إلى دعم هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية في سنة 2016، مؤخرا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن "قطر تمتلك شبكة إعلامية ضخمة جدا في كافة أنحاء العالم، وتقوم بنشاط كبير في مجال العلاقات العامة، وتستفيد خاصة من شبكتها التلفزيونية".
ونقل الموقع عن مصدر مقرب من جيسون نيس وستيف رابينوفيتش أن كلا الرجلان أصبحا يخصصان كامل وقتهما للإشراف على هذا الحدث الذي سيتم تنظيمه في لندن باسم المعارضة القطرية. وقد أكد المصدر ذاته أن نيس ورابينوفيتش قاما بالتدقيق بشكل جيد في مختلف زوايا شخصية رجل الأعمال خالد الهيل قبل الموافقة على تمثيله.
وبين أن منظمي هذا المؤتمر لم يقدموا إلى حد الآن أية تفاصيل إضافية حول قائمة الشخصيات التي ستتدخل في المؤتمر أو جدول أعماله أو حتى مكان انعقاده. في المقابل، يواجه هذا الحدث منذ الآن انتقادات كبيرة، لعل مصدرها الأساسي قناة الجزيرة القطرية، التي أعلنت أن هذه التحركات ممولة من قبل الإمارات العربية المتحدة. علاوة على ذلك، فقد تعرض هذا الحدث للتشكيك من طرف شركة علاقات عامة وهمية توجد في لندن، تطلق على نفسها اسم "مركز لندن للشؤون العامة".
والجدير بالذكر أن هذه الشركة الغامضة تتخذ لنفسها عنوانا وهميا، ورقم هاتف خاطئا، كما أن اسمها لا يظهر ضمن السجل الرسمي لجماعات الضغط في بريطانيا. وفي الأثناء، وقع تسجيل موقعها الرسمي دون الكشف عن هويتها، وذلك بالاستعانة بمؤسسة موجودة في غرب لندن تقدم خدمات حماية الخصوصية والحفاظ على سرية الهوية أثناء القيام بمثل هذه الأنشطة.
وأبرز الموقع أن هذه المؤسسة قامت يوم الاثنين بنشر تقرير، أوردت من خلاله أن جمعية الصحفيين الإماراتيين تساند هذا المؤتمر المثير للجدل والمعادي لقطر. وقد حذرت هذه المؤسسة، أي مركز لندن للشؤون العامة، سابقا وسائل الإعلام البريطانية من هذا المؤتمر، في حين دعتها إلى التعاطي مع المسألة بحكمة، نظرا للتدخل الإماراتي في الحدث وتمويلها له.
ومن المثير للاهتمام أن هذا الحدث الذي يعتزم تنظيمه يوم الخميس، سيحضره دانييل كوزنسكي، عضو البرلمان البريطاني عن المحافظين. وقد وصفه الكثيرون بأنه رجل المملكة العربية السعودية في بريطانيا، وذلك على خلفية دعمه اللامحدود لهذه الدولة الخليجية الثرية، التي تقود الحصار المفروض على قطر.
وفي حوار له مع الموقع، أورد كوزنسكي، الذي حاول أن ينأى بنفسه عن هذا المؤتمر المثير للجدل، أنه "ليس من الدقيق القول إنني أدعم هذا الحدث، أنا سأكون هناك فقط لألقي كلمة".
وأضاف كوزنسكي، قائلا: "لقد سنحت الفرصة للحكومة القطرية في ثلاث مناسبات للدفاع موقفها، والآن أنا سأكون حاضرا في ذلك المؤتمر، حتى أستمع إلى ما يقوله معارضو القيادة القطرية في ما يتعلق بحقوق الإنسان والادعاءات المتعلقة بتمويل الإرهاب".
وأشار الموقع إلى أن كوزنسكي علق في خضم حرب كلامية بشأن هذا المؤتمر، بعد أن أصدر مركز لندن للشؤون العامة بيانا صحفيا قال فيه إنه وجه خطابا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني حول دور هذا النائب في المؤتمر الذي سينعقد حول قطر.
وأقر بأن هذه التطورات تناولتها وسائل الإعلام العالمية والشرق أوسطية بكثير من الاهتمام. في المقابل، أكد كوزنسكي في اتصال مع "ميدل إيست آي" أن هذه الهجمة التي يتعرض لها تثبت أن الأشخاص الذين يقفون وراء شركة العلاقات العامة الوهمية لم يفهموا بعد ماهية الديمقراطية البرلمانية.
وأضاف كوزنسكي أنه لا يزال يعتزم حضور المؤتمر يوم الخميس، نظرا لأنه يجهل الكثير حول المعارضة القطرية.
وأفاد الموقع بأن كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي-البريطاني، قد قرر رفض الدعوة التي وجهها له منظمو هذا الحدث. وقد أورد دويل أن هذا المؤتمر مجرد تمثيلية في إطار صراع بين الجيران، كما أن من شأنه أن يساهم في تغذية الأوهام المتعلقة بتنظيم انقلاب في قطر.
وأردف كريس دويل، قائلا: "نحن نرحب بأي حوار منفتح وجدي حول الأوضاع في أي دولة من دول المنطقة، ولكننا في الوقت نفسه نريد أن نرى قدرا من الشفافية حول من ينظمون هذا الحدث والجهات التي تموله ولأي غرض تحديدا".
وفي الختام، ذكر الموقع وجهة نظر نيكولاس ماك جيهان، الباحث السابق في "هيومن رايتس ووتش" والمتخصص في الشؤون الخليجية، الذي شدد على أن هذا المؤتمر يبدو شبيها بمناورة يقوم بها مجموعة من الهواة، ومحاولة فاشلة لحشد الدعم للقيام بانقلاب داخل قطر.
وأضاف ماك جيهان، أن "الجميع يعلم أن الإمارات والسعودية تتفقان ملايين الدولارات على شركات العلاقات العامة من أجل الترويج لأجنداتهما، ولكن هذا المؤتمر المنتظر، الخميس، يبدو كأنه قد تم تنظيمه في آخر لحظة".