كتب مراسل صحيفة "الغارديان" مارتن شولوف عن حملة الاعتقالات التي شنتها
السعودية ضد عدد من الدعاة والناشطين السعوديين، بعضهم ممن لديه متابعون بالملايين على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول شولوف إن "ولي العهد السعودي،
محمد بن سلمان شن حملة قمع واسعة ضد المعارضين، واستهدف الدعاة والنقاد والمنافسين السياسيين، في وقت يتحرك فيه لتعزيز موقعه الجديد وسط المواجهة مع
قطر".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحملة أدت إلى سجن حوالي 10 من الدعاة البارزين، وهي أكبر عملية اعتقال في تاريخ المملكة القريب.
وتذكر الصحيفة أن هذه الحملة تأتي بعد محاولة فاشلة لحل المواجهة التي مضى عليها ثلاثة أشهر بين الرياض والدول المتحالفة معها والإمارة الصغيرة قطر، التي رفضت الاستجابة للمطالب بقطع علاقاتها مع الإخوان المسلمين وإيران، الذين ينظر إليهم السعوديون وحلفاوهم على أنهم قوى تخريبية.
ويلفت الكاتب إلى أن القمع ياتي وسط تكهنات من أن الأمير ابن سلمان يموضع نفسه لتولي العرش مع بداية العام المقبل، بحسب ما يتوقعه البعض، وهو ما نفاه الديوان الملكي بقوة، مشيرا إلى تأكيد مقربين من السلطة بأنه تم وضع خطط لنقل السلطة، لكن بناء على شروط وضعها والد ولي العهد الملك سلمان.
ويفيد التقرير بأن اعتقال الدعاة يعد تحولا في طريقة تعامل السعودية مع المعارضين المعروفين، بعد حملة شنتها السعودية في حزيران/ يونيو ضد قطر، حيث قامت مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بفرض حصار جوي وبري وبحري على الدولة الجارة قطر، وقدمت لها سلسلة من المطالب التي رفضت الدوحة الاستجابة لها، لافتا إلى أن ولي العهد المعزول الأمير محمد بن نايف لا يزال في الحبس الإجباري، بالإضافة إلى أن أمراء بارزين مُنعوا من السفر.
وتورد الصحيفة نقلا عن مطلعين على الِشأن السعودي، قولهم إن عملية القمع تهدف إلى تحييد الدعاة المؤثرين، الذين يرى الديوان الملكي أنهم التزموا بالصمت، ولم يدعموا الحملة ضد قطر، التي كشفت، كما يقول المحللون، عن محدودية القوة السعودية، بدلا من إظهار قوتها.
وينقل شولوف عن مسؤول بارز، قوله إن "هذا القمع ينظر إليه بشكل رئيسي عبر عدسة قطر"، ويضيف: "لكنه محاولة لمحو أي قاعدة منافسة محتملة في الجبهة الداخلية للصعود إلى المركز الأول، ولا يزال هناك قلق من أي شخص مرتبط بمحمد بن نايف أو الحرس القديم".
وينوه التقرير إلى أن المؤسسة الدينية الرسمية والإعلام دعما الاعتقالات، واتهم الإعلام الدعاة بالعلاقة مع الإخوان المسلمين، وقالت المخابرات العامة إن المعتقلين كانت لهم علاقة مع "قوى خارجية".
وتبين الصحيفة أن من بين المعتقلين شاعرا معروفا وأستاذا جامعيا ورجل أعمال معروفا، إلا أن الاهتمام تركز على
سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري، وكل واحد منهم يحظى بقاعدة تأثير في السعودية، حيث لدى سلمان العودة أكثر من 14 مليون متابع على "تويتر".
ويقول المسؤول البارز للصحيفة: "إنها مخاطرة في اعتقال هؤلاء الأشخاص بهذه الطريقة، إلا أن ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما لديه الصلاحية (من الملك) لعمل ما يريد"، ويضيف: "هو يريد ولاء كاملا، وسيتخلص من أي شخص يعتقد أنه لم يقدم له هذا الولاء".
ويشير الكاتب إلى أن الملك العجوز أعطى ابنه صلاحية واسعة لتحويل اعتماد المملكة على النفط وتغيير المجتمع، لافتا إلى أنه في قلب جهوده بيع حصص من شركة "أرامكو"، حيث يقول محللون اقتصاديون إن خططا طارئة تم وضعها لتأجيل تسجيل أسهم الشركة في الأسواق المالية.
ويجد التقرير أنه إذا كان ذلك صحيحا فإنه يعد نكسة لجهود الأمير، مشيرا إلى أنه لم يحقق نتائج من المواجهة مع قطر والحرب في اليمن،
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول مسؤول آخر: "إن ولي العهد يريد تحقيق شيء.. وإذا لم ينجح فإنه سينظر إليه على أنه شخص ضعيف أمام منافسيه، وهذا ما لا يريده، ويقول مقربون منه إن الوقت سانح لأن يتولى المنصب الأول، ولا يريد الملك أن تتم مضايقته، ولهذا يقوم بعمل ما يستطيع لتعزيز سلطته، لكنه يخاطر بأنه يتوسع أكثر من قدرته".