نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية الناطقة بالألمانية تقريرا؛ تطرقت من خلاله إلى الدوافع الكامنة وراء رفع الحظر على
قيادة السيارة للمرأة
السعودية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القرار يحمل في طياته خلفيات اقتصادية، فضلا عن أن السعودية تسعى إلى تغيير نظرة العالم تجاهها، خاصة وأنها الدولة الوحيدة التي تمنع نساءها من قيادة السيارة. من جهتهم، لم ينتقد أغلب رجال الدين السعوديين هذا القرار، طالما أنه لن يخلف "نتائج سلبية".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
النساء السعوديات اللاتي تظاهرن ضد حظر قيادة السيارة سنة 1990، قد استبشرن بهذا القرار، علما أن العديد من الناشطات تعرضن للاعتقال، في حين خسرن وظائفهن، كما واجهن حملة تحريضية على خلفية مطالبتهن بحقهن في قيادة السيارة. وفي هذا الصدد، كتبت الناشطة السعودية منال الشريف، التي ذاع صيتها نتيجة مقطع الفيديو الذي يصورها وهي وراء مقود السيارة، على حسابها في موقع "تويتر": "السعودية لن تبقى على حالها بعد اليوم. أول الغيث قطرة".
وأشارت الصحيفة إلى أن رجال الدين السعوديين قد برروا في السابق منع المرأة السعودية من قيادة السيارة بحجج واهية من قبيل أنه لا تعتبر قيادة السيارة أمرا مناسبا للمرأة أو لا يمكن تقبل فكرة مشاهدة الرجال للنساء وراء المقود، فضلا عن ذلك، تعلل البعض منهم بأن قيادة المرأة للسيارة ستطلق العنان لانتشار ظاهرة التحرش الجنسي وتدمير الأسرة. ولعل أغرب ما قيل إن قيادة المرأة للسيارة من شأنها أن تؤثر على خصوبتها. لكن الصحيفة تقول إنه في الواقع أنه يخشى العديد من الرجال في أوساط المجتمع السعودي المحافظ أن يفقدوا السيطرة على المرأة، كما تنتاب الدعاة من الوهابيين مخاوف من فقدان نفوذهم في حال وقع التهاون في تطبيق القواعد الاجتماعية الصارمة.
وأوضحت الصحيفة أن هذا القرار يحمل في طياته خلفيات اقتصادية، لا سيما وأنه يندرج في إطار برنامج الإصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فمن الواضح أن هذا القرار سيؤدي إلى إدماج المرأة في سوق العمل السعودية. من جهة أخرى، يعكس هذا القرار التحول الاجتماعي في السعودية. ففي الغالب، سيعزز هذا الإجراء الشعور بالثقة في النفس في صفوف النساء السعوديات، فضلا عن أن ذلك سيشجعهن على المطالبة بالمزيد من الحقوق.
ويعتبر الأمر الذي أصدره الملك السعودي بمثابة حملة دعاية للنظام السعودي. وفي هذا السياق، سارع السفير السعودي في واشنطن، خالد بن سلمان، لعقد مؤتمر صحفي بعد الإعلان عن صدور القرار. ووفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، "تقوم المملكة بحملة لتلميع صورتها في العالم".
وبينت الصحيفة أن صورة السعودية مهتزة في أنظار كل العالم على خلفية جرائم الحرب في اليمن وحصار قطري، إلى جانب انتشار الفكر المتطرف في الكتب المدرسية والمساجد. وخلال الشهر الحالي، أثارت الحكومة السعودية استياء المجتمع الدولي بسبب حملة الاعتقالات التي طالت العديد من رجال الدين والمثقفين السعوديين على خلفية انتقادهم للنظام الحاكم ومطالبتهم بإشراك الشعب في الحياة السياسية، كما يقف هؤلاء المثقفون عائقا أمام طموحات ولي العهد السياسية.
ونقلت الصحيفة تغريدة أستاذة الأنثروبولوجيا السعودية، مضاوي الرشيد، على حسابها في موقع "تويتر"، والتي جاء فيها أن "السعودية ترغب من خلال رفع حظر قيادة السيارة بالنسبة للنساء، في صرف أنظار الرأي العام عن حملة الاعتقالات التي طالت 40 امرأة منذ 9 من أيلول/ سبتمبر الجاري. تحتاج المملكة إلى قرار أهم من ذلك بكثير. نحن في حاجة إلى حكومة منتخبة".
وأوردت الصحيفة أن المملكة أعلنت، مؤخرا، عن جملة من الإجراءات التي تهدف إلى منح المزيد من الحقوق للمرأة السعودية المضطهدة. وفي سنة 2015، أصبح بإمكان المرأة المشاركة في الانتخابات البلدية. وفي الربيع الماضي، خففت الحكومة السعودية من حجم وصاية الرجل على المرأة، إلا أن حكم
الوصاية لا يزال منتشرا في المملكة.
ورأت الصحيفة بأن رفع حظر قيادة السيارة بالنسبة للنساء السعوديات يبقى إجراء رمزيا بالنسبة للمجتمع السعودي عند دخوله حيز التنفيذ. في المقابل، يعد قرار رفع وصاية الرجل على المرأة أمرا أهم بكثير. وفي هذا الإطار، قالت منال الشريف، إن رفع الوصاية يعتبر الخطوة القادمة التي يجب أن تتبع رفع حظر قيادة السيارة بالنسبة للمرأة.