يستمر مناخ التوتر والترقب لتطورات الوضع في كاتالونيا، حيث أعلن الجمعة عن نتيجة
استفتاء الأحد التي أظهرت تأييدا جارفا للاستقلال في إطار جمهورية كاتالونيا، وذلك رغم ظهور بوادر تهدئة يمكن أن تسهل حوارا بين مدريد وبرشلونة، قبل ثلاثة أيام من موعد حددته كاتالونيا لإعلان الاستقلال من طرف واحد، مثيرة بذلك قلق أوروبا.
وفاز مؤيدو استقلال كاتالونيا بنسبة 90.18 في المئة من الأصوات في استفتاء تقرير المصير، الذي نظم في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب نتائج نهائية نقلتها الجمعة حكومة إقليم كاتالونيا إلى البرلمان المحلي.
وتفاصيل النتائج كانت تأييد مليونين و44 ألف ناخب كاتالوني للاستقلال، ورفض 177 ألفا (7.83 في المئة)، مع نسبة مشاركة بلغت 43.03 في المئة في الاستفتاء.
وكثيرا ما أشار رئيس إقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون، إلى أن الإسبان صادقوا على الدستور الأوروبي بنسبة مشاركة بلغت 42 في المئة.
"جمهورية كاتالونيا؟"
وبعد الإعلان رسميا عن هذه النتائج، ينص قانون الاستفتاء على مهلة من 48 ساعة لإعلان الاستقلال رسميا من برلمان كاتالونيا، حيث يمثل أنصار الاستقلال أغلبية.
وكان الناخبون أجابوا في الاستفتاء عن سؤال: "هل تريد أن تصبح كاتالونيا دولة على شكل جمهورية؟".
وقاطعت أحزاب تعارض استقلال كاتالونيا الاستفتاء، واعتبرته غير قانوني وغير شرعي.
ولم ترافق الاستفتاء الضمانات التقليدية لمثل هذه الاقتراعات على غرار إحصائيات انتخابية شفافة ولجنة انتخابية محلية، بعد استقالة جماعية لهذه الأخيرة، لتفادي الغرامات الثقيلة للمحكمة الدستورية.
كما أن الفرز لم تتوله هيئة مستقلة.
وأثار تدخل الشرطة الإسبانية يوم الاقتراع في مئة مكتب تصويت بعنف لإبعاد ناشطين كانوا "يحمون" المكاتب، ولمنع الاستفتاء، سخط الرأي العام.
وأكد كارليس بوتشيمون منذ مساء الأحد، بناء على نتائج جزئية أن الكاتالانيين حصلوا على "الحق في إقامة دولة مستقلة على شكل جمهورية".
وهو مع ذلك يراوح بين التصعيد والمرونة، فقد وجه نداء لوساطة دولية لإتاحة التفاوض مع حكومة ماريانو راخوي على استفتاء جديد مكتمل العناصر والشروط.
ولم تعلن نتائج الاستفتاء رسميا حتى الآن، ولا يعرف متى سيتم ذلك.
ولا يوضح القانون هل أن مهلة الـ48 ساعة باعتبار أيام العمل أم الأيام العادية.
مغادرة شركات
في الأثناء، قرر "كايشابنك" ثالث أكبر بنك إسباني الجمعة، نقل مقره خارج كاتالونيا، "بسبب الوضع السياسي والاجتماعي الحالي في المنطقة"، بحسب بيان.
وأضاف أن مقر البنك سينقل من برشلونة إلى فالنسيا (جنوب شرق) بهدف ضمان "حماية العملاء والمساهمين والموظفين" والحفاظ على "السلامة القانونية والنظامية"، وذلك في وقت تهدد فيه سلطات إقليم كاتالونيا بإعلان الاستقلال من جانب واحد.
ويأتي ذلك غداة قرار مماثل اتخذه "بانكو دو ساباديل"، ثاني أهم بنوك إسبانيا.
وقررت مجموعة الغاز الطبيعي الإسبانية نقل مقرها خارج كاتالونيا، بسبب الأزمة السياسية بين برشلونة ومدريد، و"غياب الأمان القانوني"، بسبب "الأحداث الاجتماعية والسياسية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة في كاتالونيا"، بحسب بيان للشركة.
وظهر الجمعة، وبينما كان رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي مجتمعا مع أعضاء حكومته، أعلن رئيس كاتالونيا كارليس بوتشيمون إرجاء كلمة كان سيلقيها أمام برلمان المنطقة، في جلسة مقررة مبدئيا الاثنين.
ويمكن أن يفسر إعلان بوتشيمون على أنه بادرة، بما أنه لا يسعى إلى عقد الجلسة بأي ثمن الاثنين، بعد أن حظرتها المحكمة الدستورية. وربما يعني ذلك كسب مزيد من الوقت، نظرا للانقسام داخل معسكره.
ويأتي إعلان رئيس كاتالونيا بعد تصريحات لمسؤول الشركات في الحكومة الكاتالونية سانتي فيلا، المعروف بقربه من رئيس المنطقة، وطالب "بوقف إطلاق النار" رمزيا.
وقال إن "هذا يعني ألا نتخذ في الساعات والأيام المقبلة قرارات لا يمكن إصلاحها".
دعوة جديدة إلى الحوار
وتوجه بوتشيمون إلى معسكره الانفصالي، داعيا إلى "التفكير ومعرفة ما إذا كان التسرع يمكن أن يفسد الحلم، ومشروعا لم يكن يوما قريبا مثلما هو اليوم".
وتبدو الأزمة حاليا في طريق مسدود مع استبعاد حكومة المحافظ ماريانو راخوي أي فرصة للوساطة.
وقالت وزارة الخارجية السويسرية، الجمعة، إن "سويسرا على اتصال مع طرفي النزاع، لكن الشروط لتسهيل حوار لم تجتمع بعد".
وأضافت أنه "لا يمكن تسهيل (حوار) ما لم يطلب الطرفان ذلك".
في الأثناء، استمع القضاء الإسباني إلى زعيمي الحركتين الانفصاليتين الرئيسيتين في كاتالونيا وقائد شرطة كاتالونيا جوزب لويس ترابيرو، في جلسة انتهت بدون توقيفهم أو فرض رقابة قضائية عليهم، وفق ناطقة باسم المحكمة الوطنية.
وقال جوردي كوتشارت: "يجب الإقرار بالواقع، هناك نزاع سياسي لا يمكن حله إلا بالطرق السياسية".
واستمعت المحكمة إلى مساعدة قائد الشرطة تيريزا لابلانا، الملاحقة أيضا، لكن عبر الفيديو.
من جهته، حذّر صندوق النقد الدولي من أن التوتر والمخاوف المتصلة بالأزمة يمكن أن "تؤثر على ثقة وقرارات المستثمرين".