أنهت السلطات التركية التحضيرات لانتشار محدود -كما هو مرجح- لقواتها العسكرية في
إدلب، تم التوافق عليه في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة، بهدف إعلان مدينة إدلب منطقة "خفض تصعيد".
وإلى جانب الأهداف التركية المعلنة من هذه التحركات، وأبرزها ضمان استدامة وقف إطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة، أشار محللون تحدثت إليهم "
عربي21" إلى وجود أهداف استراتيجة بعيدة المدى لهذه التحركات، أهمها قطع الطريق على مشروع "حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي".
ويعد هذا الفصيل الكردي الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، الهادف إلى الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، من خلال تمدد مجموعاته المتمركزة في مدينة عفرين أقصى شمال غرب
سوريا.
وبحسب بعض المراقبين، فإن نقاط الانتشار الأولى للقوات التركية ستتوزع على محيط مدينة دارة عزة وفي جبل الشيخ بركات المطل على مدينة عفرين، ما يعني أن
تركيا تسعى بالدرجة الأولى لإيجاد موطئ قدم لها على الجهة الجنوبية لعفرين التي تسيطر عليها الوحدات الكردية.
وفي هذا الإطار، أشار الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول، إلى أن تركيا تعمل ما بوسعها على منع خلق منطقة مشابهة لمنطقة
كردستان العراق في داخل الأراضي السورية.
وعن تسريع استفتاء إقليم كردستان العراق لإعلان تركيا عن تحركاتها في إدلب، قال غول: "ما من شك بأن الاستفتاء سرع في تنفيذ هذه الخطوة".
وأضاف أن "ما حصل في كردستان العراق وما بعده من تفاهمات تركية روسية إيرانية، مهدت للإعلان التركي، مع أنها خطوة مطروحة وموجودة على أجندات صانع القرار التركي ما قبل الاستفتاء".
وتابع في حديثه "
عربي21"، بأنه "من المؤكد أن عملية إدلب ستعطي تركيا حجما أكبر للمناورة العسكرية مستقبلا في مناطق أوسع، ما يعني قطع الطريق على ما يمكن تسميته بالمشروع الأمريكي الداعم للقوات الانفصالية الكردية داخل سوريا".
بدوره، أشار المحلل السياسي التركي باكير أتاجان، إلى احتمال حدوث تطورات قريبة في مدينة عفرين، موضحا لـ"
عربي21" بقوله: "هناك خطوات ومستجدات لا بد منها تركيا".
من جانبه، ذهب الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، إلى أن تركيا لا تخطط لأن يكون انتشار قواتها في إدلب بهدف قتال المعارضة، بسبب العدد القليل للقوات التركية التي ستنتشر داخل إدلب بـ500 جندي.
وأضاف تركماني لـ"
عربي21"، أن من الواضح أن لتركيا أهدافا قريبة من انتشارها في إدلب، لكن الأكثر وضوحا أن لها اهدافا استراتيجية، خصوصا أن تركيا لم تكن تفضل خيار الدخول إلى إدلب، لولا تلويح الولايات المتحدة الداعمة للأكراد بوجود قوات "إرهابية" فيها، ما يعطيها الحجة لقصفها الذي سينجم عنه موجات كبيرة من النازحين إلى تركيا، أو للتوغل العسكري فيها عبر الأداة الكردية التي تسمى "قوات سوريا الديمقراطية".
ووافق تركماني ما ذهب إليه غول، من أن للاستفتاء الذي جرى في كردستان تأثيرا كبيرا على حسم تركيا لأمر انتشارها في إدلب.
وأوضح في هذا الصدد أن "تركيا تصر على عدم تمدد حزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم من الولايات المتحدة، خصوصا بعد الاستفتاء، الذي أرسل رسائل خطيرة إلى تركيا ونبهها من خطورة وصل المناطق الكردية بسوريا بكردستان العراق".
وعن الخطوات التركية القادمة ما بعد نشرها لقواتها في إدلب، قال تركماني: "بدأ الحديث في الأروقة السياسية التركية عن خطة لحصار عفرين".
وإلى جانب كل هذه الأهداف، ألمح الخبير بالشأن التركي إلى هدف تركي آخر، متمثل بوصول قواتها إلى مدينة كسب الساحلية، معقل ما يسمى تنظيم "المقاومة السورية"، المعادي لتركيا، والذي يرفع شعار تحرير لواء الإسكندرون (إقليم هاتاي).