مفكر فلسطيني لـ"عربي21": هذه حقيقة معاداة أمريكا لتركيا

أكد رئيس مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية، التابع لجامعة إسطنبول زعيم، سامي العريان، أن تركيا تواجه تحديات صعبة، وتمارس الدول الكبرى عليها ضغوطات كبيرة.

وقال العريان في مقابلة خاصة مع "عربي21" على هامش المؤتمر الدولي الأول حول الأمة الإسلامية وتحدياتها المعاصرة إن النظام الحاكم في تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية، نجح في تغيير وجهة تركيا من دولة ملحقة بالغرب إلى دولة مستقلة، وصاحبة قرار سيادي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، مؤكدا أن هذه القيادة صنعت من تركيا مركزا مهما للأمة الإسلامية.

وتابع: "إن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن القضايا التي تشغل الأمة الإسلامية، وما يحدث في سوريا وبورما وغيرها من البلدان، إلى جانب احتضان كثير من المعارضات العربية التي فتكت بها الأنظمة الديكتاتورية والشمولية، دليل على أن تركيا حولت وجهتها نحو الأمة الإسلامية".

وأضاف مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية، أن الإنجازات المحلية التي حققها الحزب الحاكم أهلته للفوز بأربعة استحقاقات انتخابية متتالية، ومكنته من تعزيز استقلالية القرار التركي في مواجهة الضغوطات التي تمارسها الدول الكبرى لتركيع تركيا وإعادتها إلى مربع الدول التابعة.

وأكد العريان أن استمرار تركيا في تعزيز استقلالها بكافة مجالات التنمية وخاصة العسكرية والاقتصادية، سيمكنها من مواجهة تلك التحديات والضغوط الدولية.

وأوضح أن "دخل الفرد في تركيا منذ 12 عاما كان حوالي 3 آلاف دولار والآن وصل إلى 12 ألف دولار، وهذا يدل على تقوية الجانب الاقتصادي، وكذلك الحال على المستوى العسكري، حيث أصبحت تركيا من أهم الدول التي تصنع سلاحها بنفسها، وتستطيع أن تطور من إمكاناتها بحيث تصبح أكثر استقلالية في القرار". 

وأشار العريان إلى أن القرار الأخير الذي اتخذته تركيا لشراء السلاح الدفاعي الجوي من روسيا، يعد من أخطر القرارات التي اتخذتها تركيا في آخر 50 سنة وخلال علاقاتها بالناتو، لافتا إلى أن قيام تركيا كدولة داخل منظومة الناتو بشراء سلاح من الدولة التي أقيم الناتو ضدها، أمرا ليس سهلا أو بسيطا.

وأردف: "هذا القرار يكشف حجم الاستقلالية الكبيرة في القرار التركي، وهذا سيؤدي إلى أن أمريكا وحلفاءها ستمارس ضغوطات كبيرة على تركيا، ولكن تركيا سائرة في طريقها".

وخلال اليومين الماضيين، تصاعد التوتر في العلاقات بين الجانبين التركي والأمريكي على وقع الإلغاء المتبادل لإصدار التأشيرات بين البلدين بعد إصدار النيابة التركية أمر اعتقال ثان بحق موظف جديد بالقنصلية الأمريكية بإسطنبول.

اقرأ أيضا: ملفات كبيرة أشعلت أزمة التأشيرات بين واشنطن وأنقرة

وكانت السلطات الأمريكية ألغت تأشيرات السفر إلى تركيا عقب قيام أنقرة بتوقيف موظف تركي في القنصلية الأمريكية بإسطنبول يدعى متين توبوز بعد اتهامه بالتجسس والارتباط بجماعة فتح الله غولن.
وكانت النيابة العامة التركية قالت إن هناك ارتباطا بين "توبوز" والمدعي العام السابق الفار زكريا أوز ومدراء شرطة سابقين يشتبه بانتمائهم لجماعة غولن وتورطهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة.

وقوبل القرار الأمريكي بقرار تركي مشابه قالت أنقرة إنه من مبدأ "المعاملة بالمثل" في الوقت الذي أعرب فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العاصمة الأوكرانية كييف عن أسفه لخطوة واشنطن وقال إن مسؤولي الخارجية تواصلوا مع نظرائهم هناك بعد صدور القرار.

وحول أهمية انعقاد المؤتمر الدولي الأول حول الأمة الإسلامية وتحدياتها المعاصرة، الذي تستضيفه جامعة إسطنبول زعيم على مدار ثلاثة أيام متتالية، ويختتم فعالياته اليوم، قال العريان إن "مفهوم الأمة الآن أصبح مشوشا، ولدينا مفهوم تاريخي، وأحوال تتناقض مع هذا المفهوم التاريخي، لذا كان لابد أن تكون هناك رؤية لإعادة تعريف مفهوم الأمة الإسلامية، في وجود الدولة القوية".

Dr Sami Al Arian discussion: #ciga https://t.co/D1z570IeFU

— CIGA (@cigaistanbul) 9 October 2017

وتابع العريان: "الأمة الإسلامية تمر الآن بأخطر مراحلها على مستويات عديدة جدا، وأصبح هناك تراجع كبير جدا في كل القيم التي يؤمن بها أفراد هذه الأمة، تطلب أيضا إعادة طرحها ومناقشتها وتعريفها، لنرى ما هي المشاكل وكيف تكون الحلول، في محاولة للخروج من النظرية إلى التطبيق.

وأردف: "كذلك يناقش المؤتمر دور الشريعة والمشروعية السياسية، وكيفية التعامل معها في وجود الدولة القوية، وفي ظل تراجع ما حدث في الربيع العربي، إضافة إلى المشاكل العالقة، مثل الطائفية، والعلمانية، والقومية، والعلاقات العسكرية المدنية، التي يجب أن يتم بحثها والبحث عن حلول لها".

واختتم مركز دراسات الاسلام والشؤون الدولية، التابع لجامعة إسطنبول زعيم، فعاليات اليوم الثالث من مؤتمره الدولي حول الأمة الإسلامية وتحدياتها المعاصرة بمحاضرة تفاعلية شارك فيها كل من الأستاذ في جامعة اكسفورد البريطانية طارق رمضان، والأستاذ في جامعة جورج تاون الأمريكية جون إسبوزيتو، والناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن.

اقرأ أيضا: مؤتمر "الأمة الإسلامية" يختتم فعالياته بمحاضرة جماهيرية

واستضاف المؤتمر عدة جلسات نقاشية، أبرزها كانت حول دور الشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي المعاصر، استعرضت السياق التاريخي لتنظيم الشريعة للمجتمعات المسلمة ودور كل من الفقه والسياسة في هذا السياق، وتناولت عناصر التشريع المستندة على الفقه والتاريخ الإسلامي، باعتبار أن الشريعة قدمت نموذجاً للحكم مختلفا عن مفهوم الدولة الإسلامية المقدم من قبل الحركات الإسلامية المعاصرة، ومختلفا أيضاً عن نموذج الدولة الحديثة السائد في الدول ذات الأغلبية المسلمة في عالم اليوم. 

وتطرق المشاركون في المؤتمر إلى أهمية الوصول إلى فهم حقيقي للشريعة وأهداف تطبيقها في عالم اليوم كشرط مسبق للتعامل مع الدولة الحديثة، وتطوير نموذج تعايش بينها وبين الشريعة، مطالبين بضرورة التوقف عن استخدام الحدود الإسلامية بصورة انتقائية بحيث تطبّق على الضعفاء في المجتمع ويستثنى منها الأغنياء وعلية القوم. 

واستضاف المؤتمر جلستين تفاعليتين، ركزتا على الشرعية السياسية في العالم الإسلامي، وأهم التحديات التي تواجه المسلمين اليوم، ومن بينها تحدي الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية على الدول والمجتمعات المسلمة، وتحدي الحروب والإرهاب على العالم الإسلامي، إلى جانب الحديث حول الإسلاموفوبيا ضد الأقليات المسلمة في الغرب، وتحدي الاستعمار الاحتلالي الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.