في إطار استعدادات حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم في تركيا لموسم الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها في العام 2019، انشغلت الأوساط السياسية التركية بموجة الاستقالات في صفوف رؤساء البلديات المحسوبين على الحزب، التي طالت بلديات كبرى في مقدمتها اسطنبول وأنقرة.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس أن رؤساء بلديات ثلاث مدن كبرى ومنهم رئيس بلدية العاصمة أنقرة سيستقيلون قريبا، في مسعى لتنشيط حزبه الحاكم قبل الانتخابات في العام المقبل.
وتأتي هذه التصريحات لأردوغان في إطار ما أعلنه مرارا بعد ترؤسه الحزب مجددا عن توجه لأحداث تغييرات جذرية في مؤسسات الحزب، وهو ما أكده الشهر الجاري مصطفى أطاش نائب رئيس الحزب المسؤول عن شؤون التشكيلات الحزبية، من خلال إجراء تعيينات جديدة على مستوى رؤساء فروع الحزب في عدة ولايات تركية.
كما تأتي هذه التغييرات وفق مراقبين في ظل استطلاعات للرأي الأخيرة، أظهرت تآكل شعبية الحزب في عدة مدن تركية، عبرت عنها نتائج الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية، حيث صوت ما نسبته 51 في المائة لصالح التعديلات، في حين صوتت مدن كانت تصنف على أنها قواعد للحزب بـ"لا".
بدورها، نقلت صحيفة حرييت المعارضة أردوغان قوله إن طلبا نقل إلى رئيس بلدية باليكسير شمال غربي تركيا لتقديم استقالته، كما نقل هذا الموقف إلى رئيس بلدية أنقرة مليح جوجشيك الذي يعتبر أقدم رئيس بلدية في عموم البلاد.
كما قدم رئيس بلدية اسطنبول قدير طوباش قبل أسابيع استقالته من منصبه الذي استمر فيه لأربع دورات متتالية، كما استقال رئيس شعبة حزب العدالة والتنمية الحاكم بمدينة قونيا وأعضاء، وسلموا مناصبهم التي تولوها منذ العام 2014.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن أن استقالة طوباش جاءت على خلفية اعتقال صهره ورجل الأعمال عمر فاروق كورمجي، الذي وجهت له تهمة الانتماء إلى تنظيم رجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة العام الماضي.
ونفت الحكومة التركية في وقت سابق الأنباء عن خلفيات استقالة طوباش، وقالت إن استقالته "لا تعني أنه ترك السياسة، بل استقال من رئاسة بلدية اسطنبول فقط، ولم يستقِل من عضويته في الحزب.
كما نفى طوباش تلك الأنباء وقال: "أقدم استقالتي من رئاسة البلدية بكامل إرادتي واختياري، ولم أتعرض لأي ضغط من قِبل إدارة حزبي، وأعلن من هنا أنني استقيل من رئاسة البلدية، لكنني مستمر مع حزبي وسأواصل خدمة بلدي إلى جانب رئيس الجمهورية رجب طيب
أردوغان".
ويشير مراقبون إلى أن أردوغان واجه صعوبات مهمة دفع بعض رؤساء البلدية للاستقالة، في مقدمتهم رئيس بلدية أنقرة، حيث يقول المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان إن الرئيس وحزبه مارسوا ضغوطا كبيرة عليه، بعد تسجيل تراجع في شعبيته في العاصمة أنقرة.
وفي حديثه لـ"عربي21" يشير أوزجان إلى أن "التعديلات الأخيرة التي طالت رؤساء البلديات هي استعداد لانتخابات 2019"، التي ستشمل إلى جانب البلديات، البرلمان والرئاسة وفق التعديلات الأخيرة على الدستور.
وفيما يتعلق بالجدل حول رئيس بلدية أنقرة، يلفت أوزجان إلى أن "مليح جوجشيك احتفظ بمنصبه لأكثر من 23 عاما، فقد خلالها شعبيته وأصبح شخصية مكروهة شعبيا وغير مرغوب فيه لا داخل الحزب ولا بالشارع في أنقرة".
ويشير المحلل السياسي إلى ما تمثله أنقرة من رمزية بالقول: "خسارة منصب رئاسة البلدية في أنقرة سيؤثر على حظوظ الحزب في الانتخابات التشريعية، وبالتالي تشكيل الحكومة ورئاسة الجمهورية".
وكان الرئيس أردوغان تحدث في مناسبات عدة عن ما وصفه بـ"الإرهاق الفكري" في صفوف الحزب، وقال: "زملاؤنا في الفروع الناجحة للحزب سيواصلون بالطبع أداء مهامهم، لكنني أعتقد أنكم تتفقون معي في ضرورة إجراء تغيير شامل في إداراتنا المحلية".