هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد الدكتور حمد الكواري المرشح القطري الذي خرج من الجولة النهائية في انتخابات المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" أن الترشح لمثل هذا المنصب كان حلما عربيا، كاد أن يتحقق للعرب، لولا أن هناك من أعاق وصولنا لهذا الصرح العالمي.
وكشف الكواري في حوار مع "عربي21" عن الدول التي وقفت مع قطر في جولاتها، مشيرا إلى أن دولا إفريقية صوتت لقطر رغم أن هناك ضغوطا مورست عليها، رافضا الكشف عن أسمائها حتى لا "نتسبب في مشكلة كبرى لها".
وتحدث الكواري أيضا عن الدول العربية التي صوتت ضد قطر في الجولة النهائية، وعن رسالة المرشحة الفرنسية أوردي أوزلاي له، وماذا قالت عن حملته.
كما لفت إلى الحديث الذي دار بينه وبين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد النتيجة مباشرة، ووجه الكواري أيضا في حواره نصيحة لمن تسبب في ضياع الحلم العربي.
وتاليا نص الحوار
من المتسبب في ضياع الحلم العربي بالوصول لليونيسكو؟
دعني أقول لك إن اليونيسكو منظمة مهمة جدا، والتصدي لإدارة اليونيسكو مسؤولية كبيرة جدا، وقد آثرت قطر أن أكون مرشحا مديرا عاما لليونيسكو من منطلقين، أولهما إيماننا بهذه المنظمة، وثانيا القناعة التامة بأنني قادر على أن أقوم بهذه المهمة، وفعلا قمنا بأمر لم يقم به أي مرشح آخر، وهو أن الترشيح بدأ مبكرا جدا، منذ عامين قبل الانتخابات.
ولكن التفكير في أن أكون مديرا عاما لليونيسكو كان قد سبق ذلك بوقت طويل، في عام 2012 بعد أن تبوأت رئاسة مؤتمر "لوكتاد"، وأنهيت المؤتمر بنجاح، وقد كان من أكبر المؤتمرات التي عقدت في قطر، وبعد هذا المؤتمر، طلب مني أن أكون مرشحا مديرا عاما لليونيسكو، في عام 2012، في الدورة الثانية التي انتخبت فيها إيرينا بوكوفا.
الترشيح المبكر كان من الإحساس بالمسؤولية، فإذا كان هذا حلما من أحلام العرب فيجب أن يتصدى له من يكون على قدر هذه المسؤولية.
وتصدرنا الجولة الأولى بنجاح، رغم أن المرشحين الآخرين مرشحين "كبار" من الصين، وفرنسا، ومصر وفيتنام، وأذربيجان، ومع ذلك تمكن المرشح القطري من أن يحصل على أكبر من الأصوات.
وعادة في الانتخابات التي تجري في اليونيسكو، ليس بالضرورة أن يكون الأول مستمرا في التصدر، لكنني في الجولة الثانية أيضا أصبحت الأول، وهكذا في الثالثة والرابعة، وكنت أتصور أن هذا الأمر استراتيجي للعرب، وحلم من أحلامهم، يتخطى أي خلافات مهما كان حجمها.
وبالتالي كنت أرى أن تعدد المرشحين العرب ليس مشكلة، لأن أي عربي يخرج ستذهب الأصوات للمرشح العربي الآخر، وعندما يصبح هناك مرشح عربي واحد ستذهب كل الأصوات إليه بغض النظر عن الخلافات وحجم هذه الخلافات لأن هذه مسؤولية عربية قومية تجاه الثقافة العربية الإسلامية وهذا حلم من أحلام العرب أن تكون هذه الثقافة العريقة ذات الدور الكبير في حضارة العالم على قمة المسؤولية.
للأسف تمت الانتخابات ولم يقف العرب إلى جانب مرشحهم ووقفوا إلى جانب المرشح الآخر، وهو أمر مؤسف لأنه يفترض أن تخضع هذه الأمور الاستراتيجية لأبعاد وقتية مهما كان حجمها، لأن الخلافات بين العرب وقتية سواء دامت شهرا أو سنة أو سنتين، لكن هذا الحلم يستمر لأربع أو ثماني سنوات.
وهو ما فعلته قطر من منطلق تحملها المسؤولية تجاه الثقافة العربية والإسلامية، وقطر خرجت ناجحة من هذه الانتخابات وأثبتت للعالم ثقتها فيها، لأن معظم الأصوات التي حصلت في الأربع جولات وفي الجولة الأخيرة كانت من كافة دول العالم، وحصلت تقريبا على 50% من أصوات العالم، وهذا يعبر عن الثقة المطلقة بهذه الدولة، وقيادتها، وقدرتها على تحمل هذه المسؤولية في هذه المنظمة الإنسانية الكبرى.
تصدرتم للجولات الأربع، هل هناك كواليس لا نعرفها؟
عالم اليوم ليس فيه أسرار، والسوشيال ميديا وأيضا الأخبار تتسرب وليس هناك من سر، وإذا كانت هناك أسرار فإنها ستعرف، وقطر فعلت ما عليها، وخرجت ناجحة، وأثبتت ثقة العالم فيها، ومرشحها أثبت قدرتها، لأن الصمود بجولات أربع ثم الخامسة ليس بالأمر سهل، ومعناه أن هناك قاعدة صلبة من الدول وصلت إلى جانب هذا المرشح حتى اللحظات الأخيرة.
وأقول لك إن الدول التي وقفت معنا هي دول الكاريبي وأمريكا الوسطى والأرجنيتن وخمس أو ست دول إفريقية لن أذكر اسمها، لأنها لو عرفت ستحدث لها مشكلة، رغم الضغوطات التي تعرضت لها هذه الدول.
وتعرف أن فرنسا والصين ومصر تزعم أنها مرشحة إفريقيا، إذن أن تحصل قطر على عدد من الأصوات الإفريقية ليس بالأمر اليسير، وانتصار لهذه الدولة، ودليل على مدى ثقة العالم بأن قطر قادرة على تحمل مسؤولية في هذه المنظمة المهمة.
والوصول لليونيسكو ليس مغنما، وكنت أقول لهم إنني لا أعتبر هذا الأمر وظيفة، ولست في حاجة لهذه الوظيفة، فبلدي كريم معي، وحصلت فيه على أكبر الوظائف، لكني جئت لأداء مهمة تتمثل في خدمة الأهداف النبيلة لليونيسكو.
أعطنا أمثلة على الضغوط التي تعرضت لها الدول الإفريقية؟
أنت تعرف أنه باستمرار كان وزير الخارجية المصري موجودا في اليونيسكو قبل فترة الانتخابات واستمر طول فترة الانتخابات، والكل يعلم أنه كان يلتقي بالمجموعة الإفريقية بشكل شبه يومي، من منطلق أن مصر تمثل هذه المجموعة، إلى جانب تفاصيل كثيرة نشرتها وكالات الأنباء أنا لا أريد أن أخوض فيها لأنها معروفة لدى الجميع.
قلت إن هناك 3 أصوات عربية صوتت ضد قطر، فمن هي؟
معروفة وتحدثت عنها في أحاديث سابقة ولا داعي للتكرار والتاريخ سيكشف كل التفاصيل، وأنا لا أريد أن أوسع الجرح العربي، فقطر حريصة على ألا تنكأ هذه الجراح. وتعمل على إعادة الصف العربي.
هذه الدول الثلاث منها لبنان ودولتان، ما هي هذه الدولتين؟
لن أذكرهما.
لكن من حق المتابع أن يعرف؟
مصر إحدى هذه الدول، وهذه 50 بالمئة من الرد، وأترك الخمسين لك، ولا داعي لذكر الدولة الثالثة، لأننا حريصون على الوحدة العربية.
هل قالت لك المرشحة الفرنسية شيئا بعد حصولها على المنصب؟
لم أرها بعد فوزها بالمنصب، لكنها زارتني مرتين قبل الانتخابات، وخلال الانتخابات أيضا، المرة الأولى طلبت أن تلتقيني وقالت لي: "طلبت أن ألتقيك لأقول لك شيئا واحدا لا غير"، فقلت لها: "ما هو؟"، فقالت: "نشيد بنزاهة حملتك وسجل هذا باسمي فأنا تابعت كل الحملات وحملتك كانت نزيهة جدا، ولم نلاحظ من حملتك أي إساءة وأنك لم تسئ لأي مرشح وكنت تتكلم عن كل المرشحين بكل احترام عكس بعض المرشحين.
إذا كان هذا هو رد المرشحة الفرنسية "غير العربية".. فلماذا اتهمت دول الحصار قطر بأنها دفعت رشاوى للحصول على هذا المنصب؟
عليك أن تفكر في هذا الأمر، فمندوبة فرنسا قالت هذا الكلام أكثر من مرة، وزاتني أثناء الانتخابات وقبل الانتخابات لتؤكد إعجابها بالحملة وموضوعيتها.
لبنان علاقته بقطر قوية جدا، وأيضا هو الدولة العربية الوحيدة التي رفعت عنها قطر التأشيرة ضمن 81 دولة غير عربية، فلماذا فعلت هذا؟
لبنان سيبقى دولة مهمة لكل الدول العربية، وأنا حريص على هذه الدولة، التي أحبها وتعلمت فيها وعشت فيها، وكتبت في كتابي أنها علمتني فنون الحياة، فلهذا لا أريد أن أقسو عليها أكثر مما قيل.
هل لدول الحصار يد مباشرة أو غير مباشرة في تصويت لبنان؟
لا أريد أن أعلق على الأمر، فأنا بدأت حملتي دون أن أسيء لأحد، وأريد أن يستمر هذا حتى بعد نهايتها على نفس المنطلق، كنت أريد أن أبعد اليونيسكو عن السياسة، وأيضا سأبعد حملتي عن السياسة.
ما هو أول قرار كنت ستتخذه لو وصلت لليونيسكو؟
كنت سأطلق التعريف باليونسكو من جديد، وكانت لدي خطة للتعريف باليونيسكو وتقديمها للعالم لأنها لم تعد معروفة كما كانت، وكانت عندي خطة للدول الفقيرة بمشاريع صغيرة كتلك التي أقدم عليها أحد كبار رجال الأعمال في بنجلاديش، وأنه كانت هناك قناعة تامة برؤيتي، وقد عملت كثيرا عليها لأستطيع أن أقنع العالم بها، ولعلكم تتساءلون عن سر القوة التي حظي بها المرشح القطري، فأنا أقول إن هناك أمرين، أولهما الموقف التاريخي لقطر في دعمها لليونيسكو، ففي 2011 وبعد خروج الولايات المتحدة من اليونيسكو، كانت قطر الدولة الوحيدة التي قدمت مبلغا كبيرا للمنظمة بشكل سريع حتى لا تتعرض لمشكلة كبرى، وأيضا المشاريع التي كانت تقدمها قطر لليونيسكو مثل مشروع "التعليم للجميع" الذي علم أكثر من 7 ملايين طفل في العالم دون تفرقة للون ولا لدين ولا لجنس، وأيضا مؤتمر "صلتك".
والأمر الآخر أنني قدمت رؤية متكاملة، وكثير من المرشحين لم يبدأ حملته إلا قبل 6 شهور من الترشيح، لكني منذ عامين قمت بعمل رؤية وأجريت تعديلات عليها بناء على مناقشتي مع المعنيين باليونيسكو في كل مكان بالعالم.
هل اتصل بك أمير قطر بعد الجولة النهائية؟ وماذا قال لك؟
الحقيقة التي تختص بها قطر قيادة وشعبا لأبنائها منقطعة النظير، وكثير من أبناء الدول يقومون بمهمات مهمة لكنهم لا يجدون صدى مثلما وجدت من قطر، فكل مواطن قطري تابع الانتخابات وكأنها تعنيه بشكل مباشر، فأصبحت الانتخابات قضية وطنية، وكان الشيخ تميم أول من اتصل بي بعد النتيجة مباشرة وقال لي: "حمد شكرا لك أنا أقدر لك ذلك وما قمت به من جهود ونحن نعتبر أننا انتصرنا وأشكرك على إبراز قطر على خير وجه، وأيضا عندما عدت التقيت به وقلدني أعلى وسام وهو وشاح حمد بن خليفة وهو أول وشاح يقلد منذ تم إنشاؤه، إلى جانب الاهتمام الشعبي الذي لاقيته من أهل قطر.
هل لدى قطر نية للترشح مرة أخرى؟
لكل حادث حديث ونحن نتمنى للمدير الحالي النجاح، فربما من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر.
رسالتك لمن خذل العرب في هذا المنصب؟
أقول كم حلمنا بهذا الموقع لا لأسباب شخصية وإنما لأسباب تتعلق بأهمية الثقافة العربية فإنها لطالما لعبت دورا كبيرا جدا في حضارة العالم ككل، وكان العالم على استعداد أن يتحمل المرشح العربي هذه المسؤولية، وفعلا وقف العالم معنا وكدنا نصل، ولكن للأسف لم نقم بواجبنا الذي تتطلبه منا مسؤولياتنا القومية والإسلامية وأنها مسؤولية يتحملها كل من أعاق وصول عربي لهذا الصرح العالمي في عالم التربية والثقافة والعلوم.
الكواري في سطور
ولد الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري في 1 كانون الثاني/ يناير 1948، في منطقة الغارية شمال قطر، وتلقى دراسته في قطر، وعدد من الدول العربية والغربية من بينها لبنان ومصر وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على الماجستير في الفلسفة السياسية من جامعة السوربون في باريس، ثم الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ولاية نيويورك "ستوني بروك" في عام 1990.
بداية مسيرته المهنية كانت في السلك الدبلوماسي عام 1972، بمنصب قائم بالأعمال في لبنان في الفترة ما بين عامي 1972 و1974، ثم عُين سفيرًا لدولة قطر في فرنسا عام 1979، وسفيرًا غير مقيم في كل من إيطاليا واليونان وسويسرا، ومندوبًا لدى اليونيسكو.
تولى منصب مندوب قطر لدى الأمم المتحدة نيويورك، وسفيرًا غير مقيم في الأرجنتين وكندا والبرازيل خلال الفترة ما بين عامي 1984 و1990.
أصبح وزيرًا للإعلام والثقافة في قطر من عام 1992 حتى عام 1997، ثم عُيّن مرة أخرى وزيرًا للثقافة والفنون والتراث في يوليو 2008، ثم تولّى الوظيفة نفسها في التشكيل الوزراي الجديد في يونيو 2013.
وحصل الكواري على عددٍ من الأوسمة والجوائز منها "وسام الشرف من فرنسا (Légion d'Honneur) عام 1984، ووسام من ملكة هولندا، ووسام من جمهورية بولندا".
من بين مؤلفاته كتابا "جدل المعارك والتسويات، والمعرفة الناقصة".
وتولى الكواري عددًا آخر من المهام منها (نائب رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، والرئيس الشرفي لمؤتمر البريد العالمي 2012، ورئيس اللجنة العليا لاحتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010، ورئيس لجنة جائزة الدولة لأدب الطفل).
في 4 كانون الثاني/ ديسمبر 2015 أعلنت قطر ترشيحها للكواري لمنصب المدير العام المنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "يونيسكو".
وفي الثلاثين من آذار/ مارس 2016 أعلن الكواري ترشّحه باسم قطر لمنصب الأمانة العامة لليونسكو، خلال احتفال رسمي في باريس بحضور شخصيات دبلوماسية وسياسية وثقافية عربية وفرنسية وعالمية.
وفي أواخر آب/ أغسطس 2016، أكدت دول مجلس التعاون الخليجي ترشيح الكواري لإدارة المنظمة العالمية، وقال أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية (حينها) إن مجلس التعاون الخليجي أبلغه بأن القطري حمد بن عبد العزيز الكواري هو مرشح المجلس لمنصب مدير عام اليونسكو.
يرى الكواري أن "التراث هو إحدى ركائز هوية الأمم، وضمير الإنسانية الحي، وأن التحديات التي تمر بها "اليونسكو" تجعلها في حاجة لانطلاقة جديدة تتّسم بالإبداع في الطرح لتحقيق أهدافها النبيلة، ولذا فإن شعار حملته للترشّح لإدارة المنظمة كان "نحو انطلاقة جديدة"، وذلك لاستعادة المبادئ الرئيسيّة التي أرساها المؤسسون".