هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول العلاقة الوطيدة التي باتت تربط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الإمارات، بعد أن كان الرئيسان السابقان ساركوزي وهولاند يميلان أكثر نحو قطر والسعودية، معتبرة أن هذا التقارب مع الشيخ ابن زايد يأتي في ظل سعي الإمارات للعب دور إقليمي أكبر في الشرق الأوسط وخاصة في ليبيا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه "عربي21"، إن الرئيس إيمانويل ماكرون أثناء زيارته إلى أبو ظبي يوما 8 و9 تشرين الثاني/ نوفمبر، لم يتوقف عن التأكيد على أهمية التحالف الذي يجمع بلاده مع دولة الإمارات في مواجهة "التحديات الكبرى ومن أهمها الإرهاب".
وأشارت الصحيفة إلى أن ماكرون خلال هذه الزيارة ركز على إيصال رسالة تجاوزت الخطاب التقليدي والعبارات الدبلوماسية، التي تستخدم في العادة خلال الزيارات الرسمية أو للتأكيد على متانة العلاقات الثنائية بين دولتين.
واعتبرت الصحيفة أن تركيز الرئيس الفرنسي على هذه العلاقة، وعلى مجابهة التحديات المشتركة بين الإمارات وفرنسا، يؤكد إيلاءه أهمية بالغة لأبو ظبي، وللتقارب الذي يسعى لتحقيقه مع حاكم هذه الدولة، الشيخ محمد بن زايد. وعموما، كان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قد راهن على توطيد العلاقة مع قطر، الإمارة الثرية التي ساندت ثورات الربيع العربي خلال السنوات الماضية.
أما فرانسوا هولاند، فقد اختار خلال عهدته الرئاسية مساندة المملكة العربية السعودية، القوة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، مستغلا في تلك الفترة احتدام التوتر بين واشنطن والرياض. في المقابل، لم يجن هولاند الكثير من هذه العلاقة فيما يخص المكاسب التجارية وخاصة عقود التسلح.
ونقلت الصحيفة تعليق الرئيس الفرنسي على هذه العلاقة بالقول إن "فرنسا كانت دائما وفية لالتزاماتها في هذه الشراكة الإستراتيجية، حيث أن حكام الإمارات لن ينسوا هذا الأمر" وذلك في إشارة منه إلى توطّد هذه العلاقة خلال فترة الحرب ضد تنظيم الدولة.
كما أعلن ايمانويل ماكرون، الخميس، خلال كلمة ألقاها أمام قوة عسكرية في القاعدة البحرية الفرنسية قائلا: "لقد فزنا في الرقة وخلال الأسابيع والأشهر القادمة سنتمكن من تحقيق الفوز الكامل على المستوى العسكري في العراق وسوريا".
وأضاف ماكرون قائلا: "لن تنتهي المعارك في هذه المنطقة بل ستمتد إلى منطقة الساحل الإفريقي والقارة الآسيوية".
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا اعتمدت على قاعدة جوية موجودة في جنوب الإمارات لإطلاق طائراتها من طراز رافال، بهدف شن غارات جوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة في العراق ثم في سوريا.
وعموما، ظل الدور اللوجستي الذي لعبته الإمارات أساسيا بالنسبة للقوة الفرنسية المكونة من 700 شخصا، من بينهم 100 شخص شاركوا بشكل مباشر في عملية "الشمال" في العراق وفي سوريا.
وأوردت الصحيفة أن العلاقات العسكرية بين باريس وأبو ظبي باتت قوية ومتنوعة، حيث تم افتتاح قاعدتين عسكريتين فرنسيتين خلال سنة 2009 بطلب من الإمارات، التي كانت تفكر في تنويع شركائها الإستراتيجيين ومزوديها بالسلاح. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحالف نشأ بعد حرب الخليج، على إثر اتفاق أول للدفاع تم توقيعه خلال سنة 1995، ثم تم تعزيزه خلال سنة 2009، ينص خاصة على وجوب التعاون المشترك في حال تعرض أي من الطرفين لاعتداء مسلح.
وأوضحت الصحيفة أن هناك اتفاقا مشتركا تم توقيعه مع قطر، التي تعتبرها الإمارات الآن عدوها اللدود. وعلى العموم، مكنت هذه الاتفاقات فرنسا، بحسب ما يقوله الخبراء، من قواعد عسكرية في منطقة إستراتيجية في الخليج وشمال المحيط الهندي، يمر منها جزء كبير من التجارة العالمية.
وذكرت الصحيفة أنه خلال زيارة الرئيس الفرنسي، تم الاتفاق على شراء الإمارات لسفينتين حربيتين من طراز كورفات غويند. ولطالما كانت الإمارات حريفا سخيا لدى قطاع الصناعات العسكرية الفرنسي حيث يذكر أنها الدولة الأجنبية الوحيدة التي تمكنت من الحصول على دبابة "لوكلرك" الفرنسية خلال سنة 1993. في المقابل، فشلت خلال سنة 2011 صفقة كانت ستعقد بين الجانبين لبيع 60 طائرة من طراز "رافال".
وأضافت الصحيفة أن الإمارات أصبحت خلال السنوات الأخيرة رابع أكبر مشتر للأسلحة في العالم. وقد أصبح الخبراء العسكريون يلقبونها باسم "إسبرطة الخليج"، في إشارة لهذه المدينة اليونانية القديمة التي كانت تسيطر عليها النزعة العسكرية إذ أن القوات المسلحة الإماراتية رغم قلة عددها تتحرك بشكل كبير وعلى عدة واجهات في المنطقة، بحسب رأي دنيس بوشار، المختص في شؤون الجزيرة العربية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن الإمارات لا تتردد في مساعدة الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا حيث أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يسعى لتنفيذ أجنداته بالقوة، وهو أمر يلاحظه كل المتابعين في اليمن، حيث تسعى أبو ظبي لتقسيم البلاد عبر انفصال الجنوب وذلك على حساب مصالح حليفها السعودي. كما أن الإمارات كانت الأكثر تصلبا وعدوانية خلال الأزمة الخليجية مع قطر، مرجحة أن تكون أبو ظبي هي أصلا من يقف وراء افتعال هذه الأزمة.
وأضافت الصحيفة أن الإمارات رغم كل هذه الأجندات تحافظ على سياسة براغماتية لحماية مصالحها الفردية، حيث أن عدد الإيرانيين الموجودين في الإمارات أكثر بكثير من الموجودين في قطر، على الرغم من أن هذا الحضور الإيراني الكبير يزعج الرياض، ورغم تحالفهما ضد قطر.