هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني مقال رأي للصحفي الألماني، لؤي مدهون، تناول فيه تنامي المخاوف من ازدياد عدد المسلمين في الغرب، والجدير بالذكر أن مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث نشر مؤخرا دراسة أكد من خلالها ارتفاع عدد المسلمين في الغرب بصورة ملحوظة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الإعلام الغربي وصف ما يحدث بأنه بداية أسلمة الغرب، في حين استقبل معظم الأوروبيين الأمر بصدر رحب. من جانبها، أوردت وسائل الإعلام الألمانية، تعليقا على نتائج الدراسة، أن "أوروبا ستصبح مسلمة". وقد حاولت وسائل الإعلام الغربية في الآونة الأخيرة بث الذعر في صفوف المواطنين الأوروبيين، على اعتبار الأمر أشبه بكارثة يتحتم على الجميع التعايش معها.
وقد أرجعت الدراسة ارتفاع عدد المسلمين إلى التحول الديموغرافي الذي هز أوصال المجتمعات الأوروبية. وبالفعل، خلقت تلك الأخبار السلبية حالة من القلق في بعض الأوساط الأوروبية.
وأشار الكاتب إلى أن اليمين المتطرف في أوروبا وكذلك أعداء الإسلام، ما فتؤوا يحذرون منذ سنوات من أسلمة ألمانيا والغرب، حتى من قبل ظهور مصطلح "أورابيا". ويعد الأمريكيون السبب الحقيقي وراء حالة الخوف التي تعتري اليمينيين في أوروبا.
وتابع الكاتب أنه لا يمكن اعتبار نتائج الدراسة من المسلمات، نظرا لأنها توصلت إلى توقعات الزيادة السكانية بناء على ظروف قاسية للغاية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن الوثوق في هذه الدراسة، حيث شاب بيانات معدلات الهجرة في العقود الأخيرة العديد من الأخطاء.
وحذر الكاتب من الانسياق وراء المحرضين والمتشائمين، نظرا لأن لديهم مصالح فعلية من وراء فشل عملية اندماج المهاجرين في المجتمعات الديمقراطية، وحث الديمقراطيات الدستورية في الغرب على التعامل بشكل جدي مع الحقيقة المؤكدة بشأن ارتفاع عدد المسلمين داخل مجتمعاتها، "وفي هذا الصدد، لا بد أن يرتكز الاندماج في صلب هذه المجتمعات على أن المعتقدات في الدول الديمقراطية الدستورية، التي تسمح بالتعددية، يعد شأنا خاصا".
اقرأ أيضا: دراسة تكشف تضاعف أعداد المسلمين في أوروبا
وأوضح كاتب المقال أن "حرية العقيدة" من المبادئ التي تتمتع بقيمة كبيرة في هذه الدول، وبالتالي، من الضروري تبني هذا المبدأ وتجسيده فعليا على أرض الواقع، فضلا عن حماية حرية المعتقد بالنسبة للأفراد بغض النظر عن القيم المنتشرة في المجتمع سواء كانت تتوافق مع معتقدات الأغلبية أو تتعارض معها، وفي هذه الحالة، قد لا تتماشى مبادئ بعض الأديان مع مبادئ الدول الديمقراطية الدستورية، وهو ما يجب احترامه أيضا.
وأبرز الكاتب أن الإسلام ليس قالبا جامدا، في حين أن المسلمين ليسوا مجرد آليين. وقد أكدت دراسة مركز "بيو" أنه لا مفر من التعايش مع المسلمين، في الوقت الذي لا بد فيه أن يتمتع المسلمون في أوروبا بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، شأنهم شأن الديانات الأخرى على غرار المسيحية. وبالتالي، لا يوجد سبب وجيه لاستدعاء شبح "أسلمة الغرب"، حيث يحتضن الإسلام العديد من الأطياف، فضلا عن أنه ليس قالبا جامدا، على غرار ما يعتقد المسلمون المتشددون والمعادون للإسلام، على حد سواء.
وأكد الكاتب أن جميع محاولات القوى اليمينية لإظهار الإسلام على أنه دين الرجعية والعنف مقابل التقدم والمدنية التي ينعم بها الغرب، باءت بالفشل، ويعزى ذلك إلى أن 80 بالمائة من المسلمين في أوروبا ليبراليون ومنفتحون على الأديان والثقافات الأخرى. وعلى الرغم من الانتهاكات الملحوظة من قبل بعض المتطرفين على مستوى العالم، إلا أن الأغلبية الساحقة من المسلمين يمارسون شعائرهم في كنف السلام والهدوء.
ودعا الكاتب إلى إعلاء قيمة المواطنة في الدول الديمقراطية بهدف خلق فرص مشاركة حقيقية لجميع المواطنين داخل المجتمعات التي تستقبل المهاجرين. وسيساهم ذلك، في نهاية المطاف، في تجسيد مبدأ الحريات في صلب المجتمعات الديمقراطية، بشكل فعلي.