هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت الجزائر تحقيقا بظروف وفاة غامضة لأحد رعاياها، من المهاجرين السريين، بإسبانيا، بخطوة تلي تحقيقات قامت بها السلطات الإسبانية المختصة، توصلت، بعد تشريح الجثة إلى أن الضحية توفي منتحرا، بانتظار تشريحها مرة ثانية بعد وصولها إلى الجزائر.
وقال وزير العدل الجزائري الطيب لوح، على هامش جلسة برلمانية، الخميس، إن "النيابة الجزائرية فتحت تحقيقا في ظروف الوفاة الغامضة لمواطن جزائري بإسبانيا واثنين آخرين بفرنسا".
وتابع لوح قائلا إن "السلطات الجزائرية قررت إعادة تشريح جثة الشاب محمد بودربالة، والقيام بالإنابات القضائية اللازمة". مضيفا أن "السلطات الإسبانية أجرت تحقيقا في الظروف الغامضة لوفاة الرعية الجزائري بإسبانيا".
واكتشفت جثة الشاب الجزائري بسجن أرشيدونا بمدينة مالاغا بإسبانيا، الجمعة الماضي، حيث احتجز بتهمة الهجرة غير الشرعية، وكان وصل إلى مالاغا برحلة بحرية على متن قارب، شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، برفقة شبان آخرين، تم ترحيلهم إلى الجزائر بعد ذلك.
سخط ..
وأثارت قضية وفاة الشاب محمد بودربالة، موجة سخط عارمة بالجزائر، عما وصف "صمت السلطات الجزائرية عن وفاة رعاياها بالخارج"، خاصة مع تزامن هذه الحادثة مع وفاة شابين جزائريين آخرين بفرنسا، وجدا مقتولين بضواحي مرسيليا.
وكانت الشرطة الإسبانية، فتحت تحقيقا إثر وفاة المهاجر السري الجزائري في سجن يضم مئات المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى إسبانيا وتم توقيفهم نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وتم اكتشاف الجثة، الجمعة في سجن "ارشيدونا" الجديد الذي خصصته وزارة الداخلية الإسبانية كمعتقل مؤقت للمهاجرين غير الشرعيين بمدينة مالاغا، جنوب إسبانيا.
وأدان النائب عن الجالية الجزائرية بالمهجر، نور الدين بالمداح، تعامل سفارة الجزائر بمدريد مع حادثة وفاة الشاب الجزائري، قائلا في تصريح لـ"عربي21"، الخميس "إن سفارة الجزائر بمدريد وافقت على احتجاز 500 جزائري هاجروا إلى إسبانيا بطريقة غير شرعية". متابعا: "هؤلاء الجزائريون يعاملون كمجرمين خطيرين".
وتابع بلمداح أن "الصمت على جريمة كهذه وتجاوزات كهذه من طرف مصالحنا الدبلوماسية بإسبانيا، يعني أننا راضون بتهميش واحتقار الجزائريين وهذا لن أسمح به مهما كلفني الأمر وسأستخدم كل صلاحياتي للمطالبة بمحاسبة كل من قصّر في أداء مهامه حتى لا يتكرر هذا من طرف أيّ ممثلية دبلوماسية أخرى في أي دولة كانت".
وأشاد بلمداح بفتح النيابة العامة بالجزائر تحقيقا بظروف وملابسات وفاة الشاب بودربالة بسجن أرشيدونا بمالاغا الإسبانية، موضحا بتصريحه: "طالبت وزارة الخارجية وتلقيت الموافقة منهم بإعادة تشريح جثة الشاب فور وصولها إلى الجزائر، بعدما أظهر التشريح بإسبانيا أن الشاب توفي منتحرا".
واستقبل وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل عائلة الشاب بودربالة، الأربعاء، وقال بيان للوزارة، الخميس، إن "مساهل أبلغ عائلة المرحوم ما تقوم به الوزارة لتسليط الضوء على هذه المأساة".
كما ذكر البيان أن "مساهل استقبل ممثلا عن السفارة الإسبانية بالجزائر بخصوص هذه القضية"، دون ذكره تفاصيل اللقاء.
قوارب الموت
وبالرغم من المخاطر، تستمر قوافل المهاجرين السريين الجزائريين، بالمجازفة، عبر ركوب القوارب بغرض الوصول إلى الضفة الأوروبية وبالأخص إسبانيا.
ويتخذ أغلب المرشحين للهجرة السرية من الشباب الجزائري، من شاطئي عنابة شرق البلاد، ومستغانم ووهران غربا، نقطة انطلاق إلى أوروبا، وكثيرا ما اعترضت قوات خفر السواحل قواربا على متنها العشرات من الشبان الجزائريين التواقين للعيش بأوروبا.
وفي شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أنقذت قوات خفر السواحل ثلاثة قوارب على متنها أزيد من 60 شابا، كانوا على وشك الهلاك بالمياه الإقليمية وهم بصدد الهجرة إلى إسبانيا. ومن بين هؤلاء المهاجرين، نساء برفقة أطفالهن الرضع.
وشهد عام 2017، أكبر موجة لهجرة الجزائريين بطريقة غير شرعية إلى أوروبا وبالأخص إسبانيا وإيطاليا واليونان، وتأسفت المفوضية الإسبانية لمساعدة المهاجرين، لتزايد أعداد المهاجرين الجزائريين، ببيان شهر كانون الأول /ديسمبر، بمناسبة عرض حصيلة نشاطها السنوي.
وقالت المفوضية إن "أزيد من 200 شخص بين جزائريين ومغربيين هلكوا في البحر خلال العام 2017"، مضيفة في البيان بذاته إن "المئات من الأشخاص طردوا إلى الجزائر بينهم عدد كبير من القصر".
ولا تكشف الحكومة الجزائرية عن الأرقام المتعلقة بالمهاجرين غير الشرعيين، لكن الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان تقدر عددهم بالآلاف، منذ ثلاث سنوات، بالتوازي مع بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد والناتجة عن البطالة وتدهور أسعار النفط، عصب الاقتصاد الجزائري.
وطالبت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، الحكومة الجزائرية باتخاذ تدابير جدية للحد من الهجرة غير الشرعية". وقالت هواري قدور، عضو الرابطة في تصريح لـ"عربي21"، الخميس، "لقد باتت هجرة الجزائريين سريا، مسيئة للغاية، لكن الحكومة تتحمل مسؤوليتها، لأنها عاجزة عن توفير مناخ ملائم لعيش كريم، مثلما عجزت عن توفير مناصب شغل قارة تغني الشباب عن ركوب قوارب الموت".
وتابع قدور أن "فقدان الشباب الجزائري للأمل، وشيوع اليأس وعدم تبدل الأوضاع بالرغم من مداخيل النفط السخية منذ أعوام، نتج عنه يأس خطير دفع الشباب الجزائري إلى التفكير في ترك وطنه".
وشددت الحكومة الجزائرية طبيعة العقوبات ضد المهاجرين غير الشرعيين، وبالأخص، ضد الشبكات التي تتاجر بالمهاجرين، وتوفر لهم القوارب. لكن على الصعيد الإقتصادي لم تعرض الحكومة الجزائرية خطة خاصة بمعالجة ظاهرة الهجرة السرية، عدا برامج تشغيل موجهة بالأساس إلى الشباب، مع منهم قروضا بنكية لتأسيس مؤسسات مصغرة.
ووصل، الأربعاء، 40 مهاجرا غير شرعي من إسبانيا، إلى ميناء وهران، غرب الجزائر، جرى ترحيلهم عبر باخرة لنقل المسافرين للخط البحري الرابط بين ألميريا الإسبانية ووهران.
وبحسب الهيئة الوطنية لمنع التعذيب في إسبانيا، فإن عدد المهاجرين السريين الجزائريين الذين أعيدوا منذ العام الماضي 2017، بلغ 868 جزائريا تنقلوا إلى إسبانيا على متن 86 قاربا، دون الأخذ بالحسبان المهاجرين الذين تمكنوا من الانفلات من المراقبة.