هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "أفريك لاتريبين" الفرنسية، إن الخلافات التي نشبت بين مصر والسودان مؤخرا، دفعت الرئيس السوداني عمر البشير إلى التوجه نحو الجارة إثيوبيا أملا في تجديد العلاقات الدبلوماسية معها ولثني رئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، عن تحقيق أهدافه.
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن البشير بدأ بالبحث عن حليف إقليمي بديل عن مصر بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية المفتوحة بين الخرطوم والقاهرة. ومع إقدامه على هذه الخطوة، يبدو أن السودان يعمل على تغيير حليفه الشمالي الغاضب وإحياء العلاقات مع غريمه التقليدي في الجنوب المتمثل في إثيوبيا.
وأضافت الصحيفة أنه خلال يوم الأحد الماضي، حل وزير الخارجية الإثيوبي، ورقيني قبيو، بالخرطوم في إطار زيارة يجريها للقاء نظيره السوداني، إبراهيم غندور، وتناول قبيو وغندور إمكانية ترسيخ إستراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب في المنطقة، كما تناول الطرفان المصالح الثنائية التي تجمع الخرطوم بأديس أبابا.
اقرأ أيضا: إثيوبيا بين القاهرة والخرطوم.. التهدئة من أجل السد
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم والقاهرة دخلت في قطيعة على إثر استدعاء السودان لسفيره في مصر احتجاجا على تدخل القاهرة في شؤون الخرطوم الداخلية، وبالتزامن مع استقبال مصر لثوار سودانيين على أرضها. واعتبرت الخرطوم هذه الخطوة بمثابة "قرار غير مسؤول" من الجانب المصري، والذي أعقبه التشكيك أيضا في مصداقية الوساطة السودانية بخصوص أزمة نهر النيل بعد بناء إثيوبيا لسد النهضة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر وجهت صفعة للسودان بعد أن عبرت عن تفضيلها لوساطة البنك الدولي، مشككة في نزاهة الوساطة السودانية. وقد أقدمت القاهرة على هذه الخطوة كردّ على تخلي الخرطوم عن جزيرة "سواكن"، الواقعة على ضفاف البحر الأحمر، لتنتفع بها تركيا لمدة 99 سنة.
وأفادت الصحيفة أن تأجير الجزيرة السودانية، الذي تمت الموافقة عليه خلال جولة رجب طيب أردوغان الأخيرة في القارة السمراء، يخفي بين طياته "حربا" دبلوماسية بين الحلفاء المنقسمين، أي بين تركيا التي تدعم السودان، وبين الإمارات التي تعد الحامية الكبرى لمصر.
وقال الصحيفة إنه بعيدا عن الصراع الذي يحتدم بين كبار القوى الإقليمية، يعد التقرب من الخرطوم مفيدا بالنسبة لأديس أبابا، إذ أن إثيوبيا لا زالت تخوض حربا متواصلة مع إريتريا، لذلك، فهي تعمل على استغلال الفرصة لعزلها إقليميا وأخذ الأسبقية على مصر في خصوص قضية السد. من جهته، يعمل عمر البشير على استغلال هذا الصراع الدائر بين جيرانه ليخرج بأخف الأضرار.
اقرأ أيضا: السيسي ينفي نية الحرب و التآمر على السودان وإثيوبيا
وأكدت الصحيفة أن الخرطوم تبحث أيضا عن حلفاء إقليميين بغض النظر عن الدعم الذي ضمنته من قبل كل من تركيا والولايات المتحدة. وبحجة الاستعداد لمواجهة أي هجوم وشيك من الجانب المصري، أقدم السودان قبل سويعات من وصول طائرة وزير الخارجية الأثيوبي إلى الخرطوم على حشد قواته في مدينة "كسلا" المشرفة على الحدود الإريترية التي لا زالت في حرب مع إثيوبيا. ومن المؤكد أن هذه الخطوة جاءت في إطار نيل استحسان الحليف الإثيوبي الجديد.
وتساءلت الصحيفة: هل يعمل السودان على تنويع وسائل الضغط على مصر أم يرغب في تعزيز علاقاته في المنطقة؟ واستطردت، وفي الحالتين، يبدو أن الإستراتيجية السودانية قد آتت أكلها. فقد ألقى من جانبه، عبد الفتاح السيسي، خلال يوم الاثنين 15 كانون الثاني/ يناير، خطابا نبّه فيه وسائل الإعلام المصرية من نشر أية أخبار تسيء إلى دول الجوار أو تهاجمها.
ونقلت الصحيفة على لسان السيسي قوله: "لا تتآمر مصر ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي طرف. فنحن مصممون على إنشاء علاقات جيدة مع كل من السودان وإثيوبيا، ولسنا مستعدين لخوض حرب مع إخواننا أو مع أي طرف آخر. كما أنني أقدم هذه الرسالة الواضحة إلى إخواننا في كل من السودان وإثيوبيا".