هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أفرزت التحالفات والكيانات السياسية التي تشكلت لخوض الانتخابيات النيابية المقبلة في العراق، تقسيمات طائفية وعرقية عهدها المجتمع منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، الأمر الذي يضع الناخب العراقي أمام الخيارات ذاتها.
ومع أن هذه الطبقة السياسية ولاسيما الشيعية منها التي تمسك بزمام الحكم بالعراق منذ 15 عاما، لم تقدم شيئا ملحوظا على المستوى الاقتصادي والخدمي والأمني، إلا أن الناخب العراقي قد يعيد انتخابهم مرة أخرى، بحسب مراقبين.
وتبين في حديث لـ"عربي21" مع عدد من المحللين السياسيين العراقيين، أن أبرز أسباب توجه الناخب العراقي في اختيار ممثليه على أسس طائفية وعرقية يتركز في "قلة الوعي، وتغليب المصلحة الشخصية، والتعرض للضغوط".
مصلحة شخصية
وقال المحلل السياسي، يحيى الكبيسي: "لا أعتقد أن انتخابات 2018 ستشهد تغييرا في محددات الناخب، وبالتالي فإن العامل الطائفي والقومي سيكون عاملا حاسما في تحديد توجهات الناخبين، ولن يحدث تغيير في هذه المعادلة ربما على المدى المتوسط".
ورجح الكبيسي لـ"عربي21" "عدم حصول تغيير كبير في الخارطة السياسية التي ستحصد مقاعد البرلمان، فنحن أمام خمس قوى شيعية ستسيطر على هذه المقاعد ومنها: حزب الدعوة، التيار الصدري، تيار الحكمة، المجلس الأعلى والفضيلة، وبدر القوة الأكبر في الحشد الشعبي".
اقرأ أيضا: الانتخابات العراقية بموعدها وإلزام الحكومة بـ7 شروط
وأردف بأن "هذه القوى السياسية المهيمنة على المشهد السياسي الشيعي في السنوات الماضية هي نفسها ستبقى، لكن قد يحدث تغييرا في الوجوه بمعنى صعود شخصيات تنتمي لهذه الأحزاب أو متحالفة معها".
ومن يعيد تحليل الانتخابات السابقة، بحسب الكبيسي، سيكتشف أن "الفساد وسوء الإدارة لم يكونا مطلقا محددا لسلوك الناخب العراقي بشكل عام، وبالتالي لا أعتقد أن المواطن معني كثيرا بهذه المسألة، وإنما هو معني بمسائل شخصية".
وأشار إلى أن "الأحزاب التي لم تحقق أي إنجاز حقيقي على الأرض استطاعت منذ توليها السلطة، أن ترفع مستوى التوظيف في القطاع العام إلى نحو 4 ملايين موظف بالدولة ومليوني متقاعد، ومليون ونصف المليون متعاقد مع الدولة وأصحاب الرعاية الاجتماعية".
وبالتالي، وفقا للكبيسي، فإن هؤلاء "المواطنين سيحافظون على مصالحهم بانتخاب القوى السياسية التي وفرت لهم هذا الأمر حتى وإن لم توفر لهم خدمات وبيئة صالحة للعيش. المواطن هنا ينظر إلى مصلحته الشخصية المباشرة التي تحققت من خلال هذه الأحزاب".
ولفت إلى أن "هذه الأحزاب استطاعت أن تقدم رشوة لهذا الجمهور تضمن من خلالها صوته في أي انتخابات قادمة، لأن هذا المواطن سيشعر أنه مدين للحزب السياسي الذي منحه هذه المكرمة وبالتالي سيذهب للتصويت له حفاظا عليها".
اقرأ أيضا: ثلاث عقبات أمام سُنة العراق بالانتخابات.. وهذه خياراتهم
ونوه الكبيسي إلى أن "الناخب العراقي ليس واعيا بدرجة كافية في قيمة صوته، وبالتالي هو مستعد لبيع صوته مقابل مصلحة شخصية مباشرة بعيدا عن العناوين الكبرى مثل الإنجازات، ومن الأساس قسمت هذه الوظائف على أسس طائفية".
نفوذ السلطة والمال
من جهته، اتفق المحلل السياسي، أمير الساعدي، على أن قلة الوعي والثقافة الانتخابية لها الأثر البارز في توجهات الناخب العراقي خلال مرحلة الانتخابات، إضافة إلى عوامل أخرى قد يتعرض لها الناخب نفسه.
وقال الساعدي لـ"عربي21" إن "الشعب العراقي يشتكي من عدم وجود حظوظ أمامه تحول دون إعادة إنتاج هذه الطبقة السياسية التي لم توفر له أبسط الحقوق، لكنه في الوقت ذاته ليس لديه وعي وثقافة انتخابية تتلاءم مع حجم الضرر الذي وقع عليه".
وأوضح أن "الناخب العراقي لم يحرك ساكنا في تغيير هذه الطبقة السياسية من خلال صناديق الاقتراع، لأنه ما زال يتخندق وهذه نقطة كبيرة تتعارض مع طموحه بالتغيير، إضافة إلى الولاء الحزبي لأطراف سياسية استطاعت أن تستحوذ على تأييده".
اقرأ أيضا: مصادر تكشف لـ"عربي21" أسباب تفرق "سنّة العراق" انتخابيا
ولفت الساعدي إلى أن "الناخب يعتقد أن هذه الأحزاب والطبقة السياسية الحالية تستطيع أن تحافظ على مصالحه الضيقة في حدود المجتمع المحلي، والأمر الأخطر دفع بعض الطبقة السياسية النافذة للأموال السياسية الفاسدة لشراء أصوات الناخبين".
وبين أن "الانتخابات الماضية شهدت عملية تزييف للأصوات، والآن يتخوف المراقبون من إعادة نفس السيناريو ببيع وشراء البطاقات البايومترية مثلما شهدنا وجود خلل في أكثر من 50 ألف بطاقة في بعض المحافظات".
الأمر الآخر، بحسب الساعدي، هو استغلال الأوضاع الصعبة للنازحين التي قد تترجم إلى عملية بيع وشراء الأصوات، والأمر نفسه قد تمارسه بعض الفصائل المسلحة المنتشرة في المدن "المحررة من داعش" من ضغوط للتصويت إلى جهة دون أخرى.
وشدد على أن "المواطن ما زال حتى الآن يبحث عن الأحزاب القوية، أي يتظلل بالسلطة والجاه والمال، لكن عندما لا يجد هذه المستويات الثلاثة لدى مرشح أو في الأحزاب الأخرى المنافسة، فإنه سيقول: ماذا أفعل بضعفه عند وصوله للبرلمان؟".
وصوت البرلمان العراقي، أمس الاثنين، على إجراء الانتخابات في 12 أيار/ مايو المقبل، مشترطا على الحكومة توفير البيئة الآمنة لإجراء الانتخابات وإعادة النازحين، والاعتماد على التصويت الإلكتروني في جميع المناطق، إضافة إلى حصر السلاح بيد الدولة خلال فترة الدعاية الانتخابية.