هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ترددت كثيرا في الآونة الأخيرة تسريبات وتفاصيل ما باتت تسمى "صفقة القرن"، وهي المبادرة التي تعمل عليها الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب للوصول لحل شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وذلك في ظل القرارات الأمريكية المثيرة للجدل، وما أعلنه
ترامب مؤخرا بخصوص الاعتراف بمدينة القدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، والبدء بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وما أعقبه من تسريبات لملامح
الصفقة، وما تتضمنه من إنكار لتفاهمات وقوانين دولية توصلت إليها السلطة
الفلسطينية خلال مسيرة مفاوضاتها على مدار السنوات الماضية.
وعلى ضوء هذه التطورات؛ يرى المختص الفلسطيني
الدكتور عصام عدوان أن ما يشاع من أحاديث عن صفقة القرن من قضم للضفة الغربية
بالاستيطان، وجعل القدس عاصمة لإسرائيل، وضرب غزة وتهجير سكانها نحو سيناء لتصبح
موطنهم، "ما هو إلا أضغاث أحلام تساور نفوسا تبيت كل يوم تحلم بسحق
الفلسطينيين وحسم الصراع لصالح إسرائيل".
وأوضح عدوان في مقال نشره الثلاثاء واطلعت عليه
"عربي21"، أن "صفقة القرن" لن تنجح لعدة أسباب، مشيرا إلى أن
تقديرات المخابرات المركزية الأمريكية في عام 2010م، تؤكد أن إسرائيل ستنتهي في
أقل من عشرين عاما، متسائلا: "هل هذا الوقت المتأخر من عمرها هو الأفضل
لتحقيق أحلامها التي لم تستطع تحقيقها في أوج قوتها وانتصارها؟".
اقرأ أيضا: نتنياهو عن صفقة القرن: هي الأفضل والأكثر ملاءمة لإسرائيل
وأكد عدوان أن "ما عجزت عنه إسرائيل عند
تأسيسيها في عام 1948م، لا شك أنها أكثر عجزا عنه اليوم"، مضيفا أن "لكل
دولة دورة حياة كحياة الأفراد، وإسرائيل التي ولدت قبل 80 عاما، بلغت ذروتها في
1967م، وأوشكت أن تموت، ولن يكون لديها الوقت لتستمتع بأي انتصار على
الفلسطينيين".
وشدد عدوان على أن من بين أسباب عدم نجاح "صفقة
القرن"، هو "وعي الفلسطينيين الجيد من التاريخ أنه لن يحرر وطنهم إلا
أنفسهم، فلم يعودوا ينتظرون أحدا ليمد لهم يد العون"، بحسب رأيه.
ورأى أنه "في أسوأ أحوال الشعب الفلسطيني في
عام النكبة وحتى ما بعد عام 1967م، لم تتمكن إسرائيل من سحقهم أو طمس أحلامهم،
فكيف بها اليوم وقد استفاد الفلسطينيون من خبرات التاريخ وكونوا قوة تمكنهم من
الصمود وإيلام العدو، وأصبحوا أكثر قدرة على التصدي للمؤامرات التي تحاك
ضدهم".
ونوه إلى أن الفلسطينيين مروا بمخططات استهدفت
قضيتهم ووجودهم ومستقبلهم، وأفشلوها في سنوات ضعفهم الأولى من بعد النكبة، أبرزها
مشروع التوطين في شمال غرب سيناء عامي (1953- 1955)، من خلال المظاهرات العارمة
والإصرار الكبير.
اقرأ أيضا: هذه أهداف زيارة نائب الرئيس الأمريكي للمنطقة
وتابع: "كما أفشلوا عشرات مشاريع التوطين من
بعده، فلماذا يعتقد الواهمون أنهم سينجحون في توطين الفلسطينيين في سيناء
وغيرها؟"، مؤكدا أن هذه "مجرد أوهام".
وكتب عدوان في مقاله إن "قرار مواجهة الشعب
الفلسطيني وسحق غزة يعني تدمير تل أبيب، فهل تستطع إسرائيل احتمال هذه الخسائر؟ وهل تضمن ألا تفتح على نفسها أبواب جهنم من كل الاتجاهات وكل حدود فلسطين؟".
وختم المختص الفلسطيني مقاله، قائلا: "إنْ كان
اليهود يطمعون في صفقة رابحة في هذا القرن، فعليهم ترك فلسطين نهائيا، والبحث عن
قطعة أرض تناسبهم في أي مكان في العالم، فينجوا بأنفسهم قبل أن يلقوا مصيرهم
المحتوم".