هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع انطلاق العملية العسكرية للجيش التركي في مدينة عفرين السورية، بدأت وتيرة الموقف الأمريكي المتصاعدة بالانخفاض، وهو ما ظهر في البداية حينما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن "القوة الأمنية الحدودية المخطط تشكيلها في سوريا تحت قيادة تنظيم كردي ليست جيشا جديدا".
واستمرارا لحالة خفض التصعيد الأمريكي مع تركيا، أعلن
متحدث باسم البنتاغون الأمريكي الخميس، أن قادة عسكريين أمريكيين وأتراكا ناقشوا
إمكانية إقامة "منطقة آمنة" على الحدود مع سوريا.
وأضاف: "اختلفت نظرتنا إلى ذلك لنحو سنتين، ولم
يتم التوصل إلى قرار بعد، ولا يزال قادتنا العسكريون يناقشون، لذا أقول إنها فكرة
موجودة (..)، فكرة تتم مناقشتها في الوقت الحاضر".
وأكد التصريحات الأمريكية وزير الخارجية التركي
تشاووش أوغلو الخميس، حينما أعلن أن نظيره الأمريكي قدم مقترحا للتعاون في إقامة
منطقة عازلة بعرض 30 كيلو مترا على طول الحدود التركية السورية.
اقرأ أيضا: تراجع لأمريكا بشأن "قوة أمنية" بسوريا ورسائل طمأنة لتركيا
في المقابل، تساءل الناطق باسم الحكومة التركية بكير
بوزداغ قائلا: "منذ سنوات نطالب أمريكا بإقامة منطقة آمنة دون جدوى، فلماذا
الآن تقترح منطقة آمنة عقب انطلاق عملية غصن الزيتون؟"، مؤكدا أن "الأمر
يحمل معاني أخرى"، بحسب تعبيره.
ورغم التباين فيما تم نشره حول تفاصيل ما جرى في
الاتصال الهاتفي بين أردوغان وترامب الأربعاء، إلا أن مراقبين يعتبرون أن ذلك يعد
تقاربا في وجهات النظر التي كانت متباعدة في الفترة التي سبقت انطلاق العملية
العسكرية التركية في سوريا.
بدورها، نقلت وكالة الأناضول عن مصادر تركية رسمية
قولها، إن ما نقله بيان البيت الأبيض حول الاتصال الهاتفي بين الرئيسين التركي
والأمريكي، "لم يتحر الدقة في إطلاع الرأي العام على فحوى الاتصال".
وأضافت المصادر نفسها أن مناقشة الزعيمين لعملية
"غصن الزيتون" اقتصرت على تبادل وجهات النظر فحسب.
وكان البيت الأبيض ذكر في بيانه، أن ترامب "حث
تركيا على الحد من عملياتها العسكرية في سوريا، وتفادي خطر الصراع مع القوات
الأمريكية".
اقرأ أيضا: واشنطن وأنقرة ناقشتا إقامة "منطقة آمنة" بسوريا
وحذر الرئيس التركي الأربعاء، من أن بلاده ستوسع
عمليتها العسكرية في سوريا لتشمل مدينة منبج، في خطوة قد تضع القوات التركية في
مواجهة مع الولايات المتحدة حليفتها في حلف شمال الأطلسي.
وأي تقدم باتجاه منبج الواقعة على بعد مئة كيلومتر
تقريبا شرقي عفرين، قد يهدد الخطط الأمريكية الرامية لبسط الاستقرار بمنطقة كبيرة
في شمال شرق سوريا.
ويرى محللون أن تحول الموقف الأمريكي تجاه تركيا بعد
بدء عملية عفرين، أو ما أطلق عليه الجيش التركي عملية "غصن الزيتون"،
يعود إلى السياسة الأمريكية التي تتغير وفق المعطيات على الأرض.
من جانبه، أكد المحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا
أن الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا في لعبة "شطرنج" منذ فترة طويلة،
موضحا أن "كل طرف يقدم خطوة مقابلة خطوة".
ورجح ياشا في حديث سابق لـ"عربي21" تخلي
أمريكا عن القوات الكردية التي تدعمها في لحظة ما، ويكون صدام الجيش التركي مقتصرا مع القوات الكردية المسلحة، دون مواجهة مباشرة مع أمريكا، مضيفا أن "تدخل
تركيا لتطهير عفرين غير مقترن بموافقة أمريكا".
اقرأ أيضا: ما حقيقة وجود صفقة تركية مع روسيا حول عفرين مقابل إدلب؟
وأضاف ياشا أن "أمريكا تلعب لعبة قذرة"،
مبينا أنها قد تعلن أنها تخلت عن القوات الكردية، ولكنها تبقى في الخفاء تدعمها
وتعطيها السلاح.
من جهته، شدد الخبير العسكري أديب عليوي على أن الولايات
المتحدة بتواصل دعمها للقوات الكردية في سوريا، تهدد علاقاتها الاستراتيجية مع
تركيا.
وأضاف عليوي في حديث خاص لـ"عربي21" أنه
"في ظل عدم استجابة أمريكا لتحذيرات تركيا الأخيرة، يبدو أن العلاقات بين
الجانبين تسير نحو التدهور".
واستبعد عليون أن "تزيد الولايات المتحدة من
دعمها للقوات الكردية لمواجهة الخطوات العسكرية التركية".