هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توعدت تركيا القوات التي أسستها أمريكا شمال سوريا بسحقها "قبل أن تولد"، محذرة الولايات المتحدة مما أسمتها "اللعب بالنار" من خلال تشكيلها قوة أمنية حدودية تتضمن فصائل كردية على حدودها الجنوبية.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "تركيا
أوصت أمريكا بإزالة التنظيمات الإرهابية من الساحة"، مشددا على أنه "إذا
كنا نموذجا للشراكة الاستراتيجية، فإنه يتوجب عليهم القيام معنا بهذا العمل"،
في إشارة لدعم جهود بلاده العسكرية لإزالة القوات التي تهدد أمنها القومي.
واستكمل الرئيس التركي حديثه لواشنطن قائلا:
"أزيلوا أعلامكم الموجودة في قواعد المنظمة الإرهابية حتى لا نضطر إلى
تسليمها لكم"، مؤكدا أن القوات المسلحة التركية أكلمت استعدادها لعملية
عسكرية في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الأكراد بشمال غرب سوريا وبلدة منبج.
اقرأ أيضا: مصادر: صواريخ مضادة للطائرات وصلت عفرين.. والأكراد ينفون
وكان التحالف الدولي المدعوم من الولايات المتحدة
أعلن رسميا تشكيل قوة أمنية حدودية شمالي سوريا قوامها 30 ألف مسلح، بالعمل مع
"قوات سوريا الديمقراطية" التي تضم تنظيمي "ب ي د/ بي كا كا"،
وتعتبرهما تركيا تنظيمات إرهابية.
وذكر التحالف أنه في الوقت الحالي هناك حوالي 230
شخصا يجري تدريبهم في المرحلة الأولى، لكن الهدف النهائي يكمن في تشكيل قوة تضم
نحو 30 ألف شخص، لافتا إلى أن المنضمين إلى صفوف القوة الحدودية، سيتم توزيعهم على
المناطق القريبة من مكان إقامتهم.
وأكد التحالف أن "الأكراد سيتولون مهمات على
نطاق أوسع شمالي سوريا، في حين أن العرب سينفذون مهمات على خط نهر الفرات وعلى
امتداد الحدود مع العراق باتجاه الجنوب".
المعركة لن تتأخر كثيرا
وعلقت روسيا على تشكيل القوة الجديدة بالقول إن
"ممارسات الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، تتعارض
بشكل مباشر مع المصالح الروسية في سوريا"، مؤكدة أنها ستتخذ بالتعاون مع
شركائها الإجراءات المناسبة لإرساء الاستقرار في سوريا.
وعلى ضوء التباين الواضح بين الموقفين التركي
والأمريكي في الأزمة السورية، والتوتر المتصاعد في علاقات البلدين، يتبادر للأذهان
عدة تساؤلات، لعل أبرزها؛ هل يمهد هذا التصعيد لصدام عسكري مرتقب بين تركيا
والولايات المتحدة في سوريا؟ وفي حال وقع هذا الصدام، كيف سيكون طبيعته وشكله؟
بدوره، يرى الخبير العسكري أديب عليوي أن البدء في
"عملية عفرين" العسكرية سيزيد توتر العلاقات التركية الأمريكية وسيكون
له تداعيات كثيرة، مرجحا في الوقت ذاته أن "المعركة لن تتأخر كثيرا".
ويؤكد عليوي في حديث خاص لـ"عربي21" أن
الولايات المتحدة بتواصل دعمها للقوات الكردية في سوريا، تهدد علاقاتها
الاستراتيجية مع تركيا، مضيفا أنه "في ظل عدم استجابة أمريكا لتحذيرات تركيا
الأخيرة، يبدو أن العلاقات بين الجانبين تسير نحو التدهور".
اقرأ أيضا: ماذا وراء إنشاء أمريكا قوة أمنية.. وهل تتسبب بصراع مع تركيا؟
ويعتقد الخبير العسكري أن "تركيا لن تقدم على
عملية عفرين إلا بعد الحصول على توافقات دولية"، متوقعا أن "تشهد الأيام
القادمة قصفا محدودا من الحدود، لأن الاقتحام ودخول الجيش التركي يحتاج مساندة من
الحلفاء"، بحسب رأيه.
وعن أشكال الصدام المتوقعة بين تركيا وأمريكا، يقول
عليوي: "من الممكن أن يكون هناك صدام غير مباشر على الأراضي السورية بواسطة
حلفاء كل طرف"، مستبعدا أن "تزيد الولايات المتحدة من دعمها للقوات
الكردية لمواجهة الخطوات التركية، لأن الدعم الحالي كبير".
وينوه عليوي إلى أن هناك "انسجاما بين المعارضة
والحكومة التركية على عملية عفرين، إلى جانب انسجام الشارع التركي مع هذه المعركة،
مما سيكون له مردود إيجابي مهم على الداخل التركي في مثل هذه العمليات".
لعبة "شطرنج" منذ فترة طويلة
في المقابل، يرى المحلل السياسي التركي إسماعيل
ياشا، أن "تركيا تأخرت كثيرا في هذه المعركة، وهي تمثل له مسألة حياة أو
موت".
ويضيف ياشا في حديث خاص لـ"عربي21" أن
الولايات المتحدة وتركيا في لعبة "شطرنج" منذ فترة طويلة، موضحا أن كل
طرف يقدم خطوة مقابل خطوة، مشددا في الوقت ذاته على أن "تركيا عازمة على
البدء في عملية عفرين".
ويرى ياشا أن "الاستعدادات على قدم وساق منذ
فترة طويلة، وتركيا ستتدخل لتطهير عفرين سواء قبلت أمريكا أو رفضت"، مرجحا أن
تتخلى الولايات المتحدة عن القوات التي تدعمها في لحظة ما، ويكون صدام الجيش
التركي مع القوات الكردية.
ويؤكد المحلل السياسي التركي أن "عملية عفرين
في حال بدأت لن تترك أثرا سيئا في الداخل، لأن المنظمة الإرهابية استخدمت جميع
أوراقها في الداخل التركي"، لافتا إلى أن الجيش التركي قام مؤخرا بعمليات
واسعة في المناطق الجنوبية الشرقية.
اقرأ أيضا: هكذا عارضت موسكو وأنقرة ودمشق مراقبة واشنطن للحدود السورية
ويشير ياشا إلى أن "عملية عفرين العسكرية ستجد
دعما وتأييدا شعبيا واسعا"، مضيفا أن "أمريكا تلعب لعبة قذرة، قد تقول إنها
تخلت عن القوات الكردية وفي الخفاء تبقى تدعمها".
ويشدد على أنه "في حال لم تبدأ عملية عفرين
خلال هذا الأسبوع كما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن قوة الردع التركية
ستضعف أمام المنظمات الإرهابية"، وفق تعبيره.