قالت الكاتبة والمحررة البريطانية في موقع "إن بي سي نيوز" الأمريكي، فرانسيس بروتون، إن الناظر إلى المملكة العربية
السعودية، وإلى الشيخ
سلمان العودة، سيرى أن الأخير كان سيدعم بشدة إصلاحات ولي العهد،
محمد بن سلمان، التي تهدف إلى إخراج السعودية بشكلها الحديث.
وبحسب ما ترجمته "
عربي21"، فقد قالت المراسلة السابقة في عدد من المدن ومن بينها كابول في أفغانستان، إن سلمان العودة الذي احتضنه زعيم تنظيم القاعدة في التسعينيات، واحتضنته سجون النظام السعودي بعد ذلك، خرج من السجن ليصبح الداعية الأشهر في المملكة العربية السعودية بعد أن تغيرت أفكاره.
ومنذ أفرج عنه، لم يكف العودة عن المطالبة بمساحة أكبر من الديمقراطية في البلاد، بطرق بعيدة عن العنف، ويؤمن بعدم جواز اضطهاد المثليين بسبب ميولهم الجنسية، في تصريح كان الأبرز لرجل دين في بلد يجرم المثلية الجنسية ويعاقب عليها بالإعدام.
ويتابع العودة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ما يزيد على 14 مليون شخص.
وتتساءل بروتون: "إذن لماذا غُيب العودة في السجون من جديد، إلى جانب عدد من الدعاة والمفكرين السعوديين؟".
ويرى الخبراء بحسب المقال أن الإجابة عن سؤالها هو أن السبب سياسي بحت ولا علاقة له بالدين.
ويقول الزميل الباحث في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، في بريطانيا، مايكل ستيفنز، إن الأمر لا يعدو كونه "تأكيدا للقوة"، من طرف ولي العهد السعودي، ولا يعتبر إصلاحا إلا في رأي محمد بن سلمان.
وبينما أعلن ابن سلمان انفتاحا أكبر في البلد النفطي، وسمح للمرأة بالقيادة، ولدور السينما بعرض الأفلام، فقد زج بمعارضين ومفكرين في السجن، ربما لأن بعضهم يرى أن الإصلاح يجب أن يكون في طريقة الحكم أيضا وليس على المستوى الاجتماعي فقط.
وكمظهر آخر من مظاهر قبضة ابن سلمان الحديدية، زج الأمير الشاب بالعشرات من رجال الأعمال والأمراء في غرف الاحتجاز، في إطار ما يسمى "الحرب على
الفساد"، لكن ذلك يعد أيضا عاملا مساعدا في تثبيت أقدام الأمير الشاب في الحكم.
ويرى مدير مؤسسة الجزيرة العربية في واشنطن، المقربة من دوائر الحكم في السعودية، علي الشهابي، أن الملك سلمان ونجله، يعملان على تغيير اجتماعي واقتصادي جذري في المملكة، ويرغبان في إيصال رسالة إلى النخبة ورجال الأعمال والأمراء في المملكة، بأنه لا تسامح بعد اليوم في ما يتعلق بالفساد، ورسالة أخرى إلى رجال الدين بأنه لا مكان للتطرف في المملكة.
أما العودة على سبيل الخصوص، فيرى آخرون أنه زج به في السجن بسبب امتناعه عن التأييد الصريح لخطوات المملكة العربية السعودية تجاه قطر، التي قاطعتها بدعوى دعمها للإرهاب والنظام الإيراني.
وبحسب ما أخبر أحد أفراد العائلة منظمة "هيومن رايتس ووتش" فإن السلطات السعودية طلبت من العودة تأييد الحصار على قطر، وبدلا من ذلك كتب العودة على حسابه على "تويتر" داعيا الله أن "يؤلف بين قلوبهم لما فيه مصلحة شعوبهم".
وعليه فقد تم اعتقال العودة إلى جانب العشرات من الدعاة والمفكرين والأكاديميين الذين اعتبرتهم السعودية معارضين لسياساتها الخارجية.
ولم تكف المنظمات الحقوقية منذ اليوم الأول لاعتقال العودة وزملائه عن المطالبة بالإفراج عنه، باعتباره رجلا إصلاحيا، ورجل دين يحترم حقوق الإنسان.
وتدهورت صحة العودة مؤخرا، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، ونقل إلى مستشفى في مدينة جدة، وتواصلت معه عائلته لوقت يسير فيها.
وفي عام 2011 كان العودة من بين الموقعين على عريضة طالبت الحكومة السعودية بالإصلاح، وحذر من اضطرابات شعبية إذا لم تطلق السلطات المعتقلين السياسيين.
وختمت كاتبة المقال بأن البعض ما زال يرى العودة مثيرا للجدل، رغم التحول الكبير في شخصيته وخطابه من التسعينيات وحتى الآن، معتبرين ذلك خداعا من طرفه لا أكثر، بحسب تعبير نائب مدير المركز الدولي لدراسة
التطرف والعنف السياسي في "كينغز كوليج" في لندن، شيراز ماهر.