نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لكل من ريز روبن ودان دي لوس، يقولان فيه إن وزارة الخارجية الأمريكية، قد تلغي منصب المبعوث الخاص لدول التحالف الدولي ضد
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا القرار المتوقع يأتي بعد نجاح الحملة لإضعاف وهزيمة تنظيم الدولة، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لافتا إلى أن إدارة دونالد
ترامب تخطط لإلغاء منصب المبعوث الخاص، الذي يقوم بتنسيق الحملة ضد تنظيم الدولة، وهو تحرك أثار قلقا في ظل الفراغ الدبلوماسي في
العراق وسوريا.
ويفيد الكاتبان بأن هذا التحرك يأتي وسط تجدد المواجهات الدموية في
سوريا، وحالة من الفوضى الدبلوماسية مع عضو حلف الناتو تركيا، التي تقوم بمواجهة مع المقاتلين الأكراد الذين تدربهم القوات الأمريكية الخاصة، مشيرين إلى أن مسؤولين في حكومات غربية يرون أنه من الباكر لأوانه أن يتم سحب المبعوث الخاص، في وقت تكافح فيه الولايات المتحدة لتطوير استراتيجية واضحة بشأن سوريا.
وتنقل المجلة عن الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر، قوله: "تحتاج الولايات المتحدة اليوم لمبعوث على مستوى عال يقوم بهذا العمل الدبلوماسي أكثر من أي وقت مضى".
ويجد التقرير أن إنهاء مهام مكتب المبعوث الخاص، الذي كان يديره الدبلوماسي
بريت ماكغيرك، يعكس التغيرات على الأرض، حيث يتراجع فيها خطر تنظيم الدولة، لافتا إلى أن هذه الخطوة تتناسب مع عملية إعادة ترتيب الوزارة التي يقوم بها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي ألغى مناصب عدد من المبعوثين الخاصين.
ويورد الكاتبان نقلا عن مساعدين في الكونغرس، قولهم إن مهام المبعوث الخاص سيتم تخفيضها وربطها بقسم مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية، وبأنه لن يتم تمديد عقود الموظفين الذين ليسوا من القسم الدبلوماسي مرة أخرى، فيما سيتم نقل البقية من الدبلوماسيين إلى أقسام أخرى.
وتقول المجلة إنه ليس من المعلوم متى سيتم إعفاء ماكغيرك من منصبه، وفيما إن كان سيعين في منصب جديد، حيث قال مساعد في الكونغرس: "هناك فكرة بمنحه مركزا في إحدى زوايا الحكومة"، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية أكدت أن الدبلوماسي لا يزال على رأس عمله، ولم تؤكد خطط حل منصب المبعوث الخاص لدول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
وينقل التقرير عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية، قولها: "لا يزال تنظيم الدولة تهديدا قاتلا وأولوية كبرى لوزير الخارجية تيلرسون وهذه الإدارة"، وأضافت: "سنواصل التأكد من حصول جهوده على أعلى الدعم والمصادر المطلوبة؛ للتأكد من هزيمة دائمة لتنظيم الدولة".
ويرى الكاتبان أن "رحيل ماكغيرك المحتمل، وإلغاء مكتب المبعوث الخاص لمواجهة تنظيم الدولة، سيتركان فراغا واضحا في الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة، لا سيما في ظل فشل الولايات المتحدة ولسنوات في تشكيل استراتيجية واضحة أبعد من هزيمة تنظيم الدولة".
وتورد المجلة نقلا عن المساعد في الكونغرس، قوله إن ماكغيرك أدى دورا مهما في إدارة الملف العراقي، وتشكيل السياسة بشأن سوريا، "ولا أحد يعرف العراق مثله"، لافتة إلى أن ماكغيرك تولى مهام المنصب بعد استقالة الجنرال جون ألين في عام 2015، وهو واحد من المسؤولين الذين بقوا من الإدارة السابقة، وعمل في سفارة الولايات المتحدة في بغداد عام 2004، وعمل في مناصب عليا في إدارة الجمهوريين والديمقراطيين.
ويستدرك التقرير بأن التغير المخطط له في مكتب ماكغيرك كان سيحصل لا محالة، خاصة أن تيلرسون أعفى عددا من المبعوثين الخاصين، مشيرا إلى أن وثائق الخارجية تظهر أن منصب المبعوث الخاص سيعاد النظر فيه مع نزع خطر تنظيم الدولة.
ويعلق الكاتبان قائلين: "على ما يبدو فإنه قد حان الوقت للقيام بهذه الخطوة، حيث خسر تنظيم الدولة السيطرة على مناطقه في العراق وسوريا كلها، وأعلنت الحكومة العراقية عن النصر في المعركة ضده، وتواجه انتخابات مهمة في أيار/ مايو".
وتجد المجلة أنه مع ذلك فإنه قد ينظر للخطوة على أنها تحرك أمريكي متعجل، ستعزز الرؤية التي تقول إن الولايات المتحدة ليست منخرطة دبلوماسيا، وبشكل كامل، في المنطقة، فبعد أكثر من عام على تولي دونالد ترامب السلطة لا تزال العديد من المناصب الدبلوماسية، بما فيها مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، شاغرة، فيما يقوم دبلوماسيون بالعمل مؤقتا أو بالإنابة حتى يتم تعيين دبلوماسي دائم.
وينوه التقرير إلى أن إدارة ترامب لم تعين مبعوثا لسوريا، حيث تم اقتراح جون حانا، الذي عمل مستشارا للأمن القومي لديك تشيني، نائب الرئيس جورج دبليو بوش، إلا أنه رفض العرض، مشيرا إلى أن دبلوماسيين وعسكريين يخشون أن يؤثر إلغاء منصب المبعوث الخاص على زخم الحملة ضد تنظيم الدولة، خاصة أن مهام المبعوث تقوم على تنسيق جهود 70 دولة من التحالف الدولي.
وينقل الكاتبان عن مسؤول غربي، قوله: "عملية تنظيم التحالف والتعامل معه عمل جهنمي.. أداره الأمريكيون وضبطوه وتأكدوا من التزام كل طرف".
وتفيد المجلة بأن المراقبين يربطون بين القرار المحتمل والتحول من المعركة ضد تنظيم الدولة إلى العمل الدبلوماسي، الذي يهدف إلى منع الجهاديين من العودة مرة أخرى، حيث يرى بريان كاتوليس من معهد التقدم الأمريكي أنه يشعر أن التحول محتوم، ويقول: "انظر لما حدث في المرة الأخيرة عندما حرفنا النظر عن تنظيم القاعدة، ولم ننظر للديناميات السياسية التي أدت إلى ولادة تنظيم الدولة".
وبحسب التقرير، فإن الباحث المقيم في معهد "أمريكان إنتربرايز" والمسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبن، يرى أنه من الباكر لأوانه إعلان النصر، ويعني تخفيض المستوى الدبلوماسي تكرار أخطاء الماضي، قائلا إن التخلص من مكتب منسق التحالف ضد تنظيم الدولة قد يكون لحظة "المهمة أنجزت" لترامب، في تذكير بإعلان جورج دبليو بوش عام 2003 عن النصر في العراق وبشكل متعجل.
ويبين الكاتبان أن آخرين يرون أن هزيمة تنظيم الدولة تعني أن المكتب لم يعد مهما، حيث يقول الباحث غير المقيم في معهد "بروكينغز" إريك روزاند: "يركز مدير قسم مكافحة الإرهاب انتباهه عليه، ولو نظرت لجدول المهام لوجدت أن لا شيء يقوم به المبعوث الخاص، لا يستطيع مدير قسم مكافحة الإرهاب القيام به".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن منصب ماكغيرك أصبح محلا للجدل في داخل الوزارة، حيث يرى الموظفون من أصحاب الخبرة الطويلة أن الكثير من المهام التي يقومون بها تذهب إليه.