تعاني القنوات
التلفزيونية
المصرية المقربة من نظام الانقلاب، المملوكة في معظمها لأجهزة أمنية،
من أزمات مالية ممتدة منذ شهور طويلة.
وأدت هذه الأزمات إلى
تسريح عدد كبير من العاملين بتلك القنوات، وتخفيض رواتب من بقي منهم، بل وصلت إلى
قطع البث عنها، والحجز عليها؛ بسبب تراكم الديون.
الحجز على الحياة
أصدرت المحكمة الاقتصادية، الأسبوع الماضي، حكما قضائيا ضد شبكة قنوات "الحياة"، بالحجز على كافة
العلامات التجارية الخاصة بالشبكة، بعد تراكم المديونيات المستحقة عليها لشركات
الإنتاج الفني المختلفة.
وأوضح أحمد فؤاد عثمان،
الممثل القانوني لشركة "كينج توت" للإنتاج الفني، صاحبة الدعوى، أن
المحكمة قضت بتوقيع الحجز التنفيذي على كافة العلامات التجارية الخاصة بشركة
"سيجما" للإعلام المالكة لشبكة قنوات الحياة، وبناء على هذا الحكم سيتم
وقف أي تعامل على جميع العلامات التجارية للحياة؛ تمهيدا للبيع الجبري لهذه
العلامات؛ لسداد الدين المقضي به بأحكام نهائية ضد مالك القنوات.
استقالات متتالية
وبسبب هذه
الأزمة المالية
الطاحنة، تقدم الإعلامي عماد أديب باستقالته من قناة الحياة مطلع شباط/ فبراير
الجاري، بعد نحو ثلاثة أشهر من انضمامه لها؛ جراء عدم تقاضيه هو وطاقم عمل برنامجه
الجديد رواتبهم منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
استقالة أديب لم تكن
الوحيدة، حيث تزامنت معها استقالة الإعلامية جيهان منصور، قبل أيام من إطلاق
برنامجها الجديد على القناة.
وأعلنت منصور، في تصريحات
صحفية، أنها غادرت قناة "الحياة"؛ نظرا لعدم تنفيذ بنود العقد الموقع
بينها وبين الشبكة، حيث كان من المقرر أن تتولى رئاسة قناة جديدة ناطقة بالإنجليزية، قبل أن يتم إلغاء الفكرة بسبب الأزمة المالية، فضلا عن عدم تقاضيها لراتبها منذ
انضمامها للقناة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
أزمة رواتب
من جانبها، قالت صحيفة
"المصري اليوم" إن قنوات "الحياة" تشهد حالة من الارتباك؛ بسبب
الأزمة المالية الطاحنة التي تضربها، وأدت إلى تأخر دفع رواتب العاملين فيها فى عدد
من البرامج لما يزيد على عام كامل.
وكانت مدينة الإنتاج
الإعلامي قطعت البث عن الحياة في شهر تموز/ يوليو الماضي؛ بسبب المديونيات
المستحقة على القناة، التي بلغت نحو 45 مليون جنيه.
وبعد أن اتفقت إدارة
القناة مع مدينة الإنتاج على تسديد جزء من هذه الديون وجدولة الباقي، عاد الإرسال
مرة أخرى، إلا أن العاملين دخلوا في اعتصام مفتوح وقتئذ؛ بسبب تأخر إدارة القناة في
سداد رواتبهم المتأخرة منذ 6 أشهر، ما أدى إلى انقطاع البث مرة أخرى بعد عودته.
وبعد أن تخطت ديون القناة
حاجز مليار جنيه، أعلن مالك قنوات الحياة السيد البدوي بيعها في أيلول/ سبتمبر
الماضي لشركة "فالكون"، المملوكة للمخابرات العامة، مقابل 1.4 مليار جنيه،
لكنه عاد وأعلن الأسبوع الماضي تراجعه عن الصفقة، قائلا إن "فالكون" عجزت
عن سداد قيمة الصفقة في الموعد المتفق عليه.
تسريح للعاملين وخفض
للرواتب
وفي السياق ذاته، قالت
تقارير صحفية إن شبكة قنوات "أون تي في" تستعد للاستغناء عن خدمات 300
موظف، بما يمثل ثلث العاملين بها، في إطار محاولة الشبكة لتقليص النفقات؛ تقليلا
لخسائرها المتراكمة.
كما وضعت شركة "إيجل
كابيتال"، المملوكة لجهاز المخابرات العامة، وتديرها وزيرة الاستثمار السابقة
داليا خورشيد، التي اشترت "أون تي في" مطلع الشهر الماضي، خطة لتقليص
الميزانية، عبر إلغاء بعض البرامج، وتخفيض رواتب العاملين بنسبة 50%.
ولم تكن قناتا "سي
بي سي" والنهار بعيدتين عن هذه الأزمات، حيث تعانيان أيضا من مشكلات مالية
أدت إلى تأخر رواتب العاملين فيهما لعدة أشهر.
تحديد أسعار المسلسلات
ونظرا لهذه الأزمات
المالية، أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام الشهر الماضي إلزام القنوات الفضائية بعدم
دفع أكثر من سبعين مليون جنيه مقابل شراء أي مسلسل تلفزيوني، وألا يتخطى إجمالي ما
تنفقه كل قناة على شراء المسلسلات 230 مليون جنيه، كما وضعت حدا أقصى لما يتقاضاه
الضيف في أي برنامج تلفزيوني بمبلغ 250 ألف جنيه.
وأوضحت الهيئة أن قرارها
يهدف إلى الحد من خسائر القنوات الفضائية، ومواجهة الارتفاع غير المبرر في تكاليف
إنتاج المسلسلات التلفزيونية.
لكن شركات الإنتاج رفضت
تدخل الحكومة في المسائل الإنتاجية للقطاع الخاص؛ لأنها لا تتعلق بأموال عامة. وقالت إنها اضطرت لإلغاء بعض مسلسلاتها؛ تجنبا لتحقيق الخسائر،
مؤكدة أن هذا الأمر سيؤثر على الإنتاج الدرامي المصري.
ويقول منتجون إن هذا
القرار سيدفع عددا كبيرا من الفنانين المصريين إلى الاتجاه إلى شركات إنتاج وقنوات
غير مصرية للعمل معها، وهو ما حدث بالفعل هذا العام مع الممثل عادل إمام، الذي تعاقد
مع قناة سعودية لشراء مسلسله الجديد، بما يضعف في النهاية من تأثير مصر في المنطقة
العربية.