هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت مصادر اقتصادية فلسطينية عن موافقة الجانب الإسرائيلي على تقديم رزمة من الإجراءات الاقتصادية، التي من شأنها تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين في غزة، في ظل تحذيرات من انهيار الوضع في غزة.
تسهيلات إسرائيلية غير مسبوقة
وأوضح صالح الزق، رئيس هيئة الشؤون المدنية في غزة، أن "الجانب الإسرائيلي وافق على رفع عدد التصريحات الممنوحة لتجار غزة من 500 إلى 3000 تصريح للمرة الأولى منذ العام 2007، وقد استلم الجانب الفلسطيني حتى اللحظة 1600 تصريح، على أن يستكمل إصدار باقي التصاريح مع حلول شهر نيسان/ أبريل القادم، كما سمح الجانب الإسرائيلي بتصدير 10 آلاف طن من الفواكه والخضروات من قطاع غزة إلى العالم الخارجي، كما جرت العادة في كل عام".
بالإضافة "لوعود الجانب الإسرائيلي بإمكانية توسيع مساحة الصيد في بحر غزة من 6 - 9 أميال بحرية بدءا من الغد، كما أن الجانب الإسرائيلي تعهد برفع الحظر على 50 سلعة كانت ممنوعة من الدخول لقطاع غزة تحت بند الاستخدام المزدوج، بالإضافة لدراسة إمكانية إدخال عدد محدود من عمال غزة؛ للعمل في مجال زراعة في مستوطنات غلاف عزة".
رغم إعلان إسرائيل عن هذه الإجراءات، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي منها، باستثناء تصدير فاكهة الفراولة من قطاع غزة إلى دول العالم عبر شركة "جريسكو" الإسرائيلية، التي تشرف على تسويق منتج الفراولة في كل عام، وفقا لملحق باريس الاقتصادي الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في نيسان/ أبريل من 1994.
وأضاف الزق، في حديث لـ"عربي21"، أن "اتخاذ الجانب الإسرائيلي لهذه الإجراءات جاءت بناء على طلب القطاع الخاص من الدول الصديقة والمنظمات الدولية بضرورة التدخل لدى إسرائيل؛ لتدارك الوضع المعيشي في غزة".
تشكيك في الرواية
فيما شكك مراقبون من صحة الرواية الإسرائيلية بإمكانية تنفيذ خطوات عملية على أرض الواقع، انطلاقا من أن هذه الوعود تطلقها إسرائيل في كل عام، ولكن لا يتم تنفيذ أي منها على الأرض.
بدوره، قال المختص بالشؤون الإسرائيلية، محمود مرداوي، أن "المسؤولين الإسرائيليين يدركون أن استمرار الأوضاع الاقتصادية السيئة في غزة ليست في صالحهم، لكنهم في الوقت ذاته يرفضون تقديم أي من هذه التسهيلات دون مقابل، وحديث قائد الأركان في الجيش، غابي إيزنكوت، أن سماح إسرائيل بتحسين الوضع المعيشي في غزة مرهون بتقديم حماس لتنازلات فيما يخص ملف الجنود الأسرى لديها".
وأضاف مردواي، في حديث لـ"عربي21"، أن "كافة وسائل الإعلام المحلية والدولية تتابع عن كثب ما يجري في غزة، لذلك فإسرائيل تحاول أن تسوق أمام الرأي العام الدولي حقيقة أنها ليست المسؤولة عن تدهور الأوضاع المعيشية في غزة، وأنها ستقدم على تسهيلات اقتصادية بهذا الخصوص".
ونقلت صحيفة (هآرتس) العبرية عن مسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أعربوا عن قلقهم من استمرار الأوضاع الاقتصادية السيئة، خاصة في ظل تراجع عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة بحوالي الثلث، إضافة لأزمات الكهرباء، وتدني مستوى الخدمات الصحية في غزة بنسبة كبيرة، وهذا من شأنه تفجير الأوضاع بوجه إسرائيل في أي لحظة في حال استمر الضغط الإسرائيلي على مواطني القطاع، وفقا لما نقلته الصحيفة.
تحسن المستوى الاقتصادي
إلى ذلك، قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، أسامة نوفل، أن "هنالك تحسنا واضحا في صورة الوضع الاقتصادي في غزة خلال الفترة الماضية، حيث باتت العديد من السلع تدخل أسواق القطاع من الجانب المصري والإسرائيلي للمرة الأولى منذ سنوات، كما أن سماح إسرائيل ومصر بتصدير الفواكه والخضروات ساهم في زيادة مستوى السيولة لدى التجار، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على القطاع التجاري والزراعي".
وأضاف نوفل في حديث لـ"عربي21": كما أن "المنحة المالية التي قدمتها قطر والإمارات لوزارة الصحة، وإدخال إسرائيل كميات من الأدوية، خففت بشكل كبير من تأثير الأزمة على المرافق الصحية في المستشفيات التي تعطلت لفترة محدودة بداية هذا الشهر".
تأخير الانفجار
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، ناجي شراب، فرأى أن "التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في إطار تأخير انفجار الأوضاع في غزة لأطول فترة ممكنة، كما تشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة هي من طالبت إسرائيل بتخفيف حدة الضغط على مواطني القطاع كجزء من خطة يجري الإعداد لها لإعلان صفقة القرن، وهذا يتطلب من إسرائيل أن تحافظ على الوضع الميداني والسياسي تحت السيطرة، حتى ينتهي الإعلان عن الصفقة".
وأوضح المحلل السياسي، في حديث لـ"عربي21"، أن "إسرائيل تضغط على غزة بطريقة غير مباشرة، عبر ممارسة مزيد من الضغوط على الرئيس "أبو مازن" من خلال تقليص الولايات المتحدة الأمريكية لمساهماتها المالية للسلطة، وهو ما يجبر الأخير على أن يقلص نفقاته لقطاع غزة؛ لتعويض العجز الذي قد يسببه تراجع المنح والمساعدات الدولية الممنوحة للسلطة".