هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواصل الشبان الفلسطينيون في غزة ابتكار وسائل جديدة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس القتل والقمع بحق من يتظاهرون يوميا عند الحدود العازلة في إطار إحياء فعاليات مسيرات العودة، وهو ما رأى فيه مختصون فلسطينيون، إبداعا شعبيا يحتاج لاستثمار دبلوماسي وسياسي.
طائرات حارقة
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن طائرات غزة الورقية، تتسبب بإشعال عدة حرائق في غابات محاذية لغزة، قرب مستوطنة "كيبوتس باري"، حيث عثر محققون إسرائيليون على بقايا طائرة ورقية محترقة.
ولفتت إلى أن "هناك سلاحا جديدا يستعمله الفلسطينيون في غزة منذ عدة أيام، يتمثل في إرسال طائرات ورقية موصولة بزجاجات حارقة إلى الجانب الإسرائيلي"، مؤكدة وجود عدة محاولات لإطلاق مثل هذه "الطائرات الحارقة".
وأوضحت الصحيفة، أن قوات الاحتلال وطواقم الإنقاذ تنتشر على طول الخط العازل، استعدادا لتحديد ومعالجة جميع حوادث حرق الأحراش، منوهة أنه طلب من الجمهور الإسرائيلي "توخي الحذر وإبلاغ مركز الطوارئ عن أي حريق غير اعتيادي في المنطقة".
المتابع والمختص في الشأن الصهيوني، سعيد بشارات قال إن "إرسال الطائرات الورقية محملة بما يسميه الاحتلال "أداة إرهاب جديدة"، والتي دخلت على خط الاحتجاجات الفلسطينية، هو أمر مزعج جدا للاحتلال، في الوقت الذي سرعان ما تحولت لأداة ممتعة بيد الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن تلك الطائرات تقلق الاحتلال لما قد تتسبب به من حرائق وتكبده خسائر مادية كبيرة، إضافة لما تثيره من حالة الرعب بين المستوطنين المقيمين بالقرب من الخط العازل.
وأوضح بشارات، أن تلك "الأداة المبتكرة مرتبطة بالحالة الاحتجاجية القائمة على الخط العازل، والتي تتجدد كل جمعة، ولا أعتقد أنه يستطيع حلها بمعزل عن الحل الكامل لمسيرات العودة؛ الذي يجري حاليا الوساطة بشأنها".
سلاح ورقي
وأضاف: "الطائرات الورقية السلمية المشتعلة المغيرة كل يوم على الاحتلال، لا تستطيع القبة الحديدية اعتراضها، فهي تسير وتنزل وفق قائدها"، لافتا إلى أنها "سلاح ورقي بسيط لكنه يتحدى جيشا كاملا مستنفرا على الحدود".
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني، أن "كل أدوات المقاومة السلمية مشروعة، وإطلاق طائرات ورقية تحمل بعض النيران، هي تعبير عن حالة الغضب الشعبي، ولعلها تدفع العالم للوقوف عند مطالب الشعب الفلسطيني العادلة، ولا سيما المتعلقة بالعودة وكسر الحصار والعيش بكرامة والانعتاق من الاحتلال".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أي من وسائل مقاومة الاحتلال مشروعة، وهذه الطائرات من إبداعات الشبان الفلسطينيين في نضالهم ضد الاحتلال".
وحول قدرة الفلسطينيين على ابتكار وتطوير أدوات مقاومة الاحتلال، أوضح الدجني، أن "الشعب الفلسطيني مبدع في ابتكار أدوات النضال والتضحيات، ولكنه شعب لا يستطيع جني ثمن تلك الإبداعات والتضحيات، ومن هنا ينبغي أن ننطلق من هذه المعادلة".
وتساءل: "كيف لنا أن نجني ثمن هذا النضال؟ وما هي رؤيتنا السياسية والدبلوماسية للضغط على دول العالم، والضغط على إسرائيل وتدفيعها ثمن احتلالها وحصارها؟"، مضيفا: "للأسف الشديد دائما ما نقدم نماذج رائعة، لكن عند العمل السياسي لا نقدم شيئا".
ألعاب طفولية
وتابع: "المطلوب من الدبلوماسية الرسمية أن تبدأ العمل وأن يكون لديها استراتيجية وطنية تدعمها الدبلوماسية الشعبية"، داعيا إلى إطلاق "دبلوماسية شعبية تنطلق من رحم الهيئة العليا لمسيرات العودة، وتتواصل مع العالم وكافة الأطراف بمن فيهم الاحتلال، لاستثمار هذه التضحيات".
اقرأ أيضا: صحة غزة : عدد شهداء مسيرات العودة 33 شهيدا و 4279 مصابا
ونوه الكاتب، إلى أن "إبداعات الشعب الفلسطيني يخفق السياسي الفلسطيني في جني ثمارها؛ وهذا بات واضحا في أكثر من محطة"، منوها إلى أهمية "التواصل مع كافة أطراف المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختلفة، وإقحام الجاليات الفلسطينية في العالم لتكون قناة اتصال مع العالم، لتحقيق مطالبنا العادلة".
من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله العقاد، أن "الحراك الشعبي في صيغته السلمية، ينطلق من أرضية مشتركة ويلتقي في مبرراته مع أشكال النضال الأخرى من حيث رفض الاحتلال أو تحسين شروطه، ورفض اللجوء القسري، والحصار القهري الذي يصادر حق الأجيال في حياة إنسانية بأدنى درجات الكرامة".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الطائرات الورقية هي صورة تعبيرية عن رفض الاحتلال والحصار، ولعلها تكون من إبداعات الشعب الفلسطيني في تحويل استخدام ألعاب اللهو الطفولية إلى أداة تعبير ثورية تزعج الاحتلال".
وحول علاقتها بانفلات الحراك الشعبي عن سلميته، قال العقاد: "شعبنا محصن بالوعي الثوري الكافي؛ وهو يحسن الفصل بين أشكال النضال، ويستطيع التعبير عن رفضه في كل ميدان بالوسيلة التي تناسبه".
وانطلقت مسيرة العودة في قطاع غزة في 30 آذار/ مارس الماضي، وتستمر فعالياتها حتى 15 أيار/ مايو المقبل، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى النكبة الفلسطينية السبعين.
وفي ذات السياق، تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مع هاشتاغ "#جمعةالطائرات الحارقة"، معبرين عن إعجابهم وتأييدهم لفكرة الطائرات الورقية.
الفيديو من طائرة حارقة اليوم. pic.twitter.com/VTKr6cPwGW
— شجاعية (@shejae3a) April 17, 2018