هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "إنترسبت" تقريرا لمراسله روبرت ماكي، حول المقابلة مع الطفل، الذي قالت روسيا إنه كان يمثل دورا في ما قالت عنها إنها تمثيلية الهجوم الكيماوي على بلدة دوما، بداية هذا الشهر.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن المقابلة مع الطفل تمت في معسكر تابع للجيش السوري، وبحضور المستشارين الروس، وليس في بلدة الطفل التي تعرضت لهجوم كيماوي.
ويقول ماكي إن المقابلة، التي بثتها القناة التلفزيونية الرئيسية "روسيا 24" الأسبوع الماضي، مع الطفل البالغ من العمر 11 عاما، اعتبرت مهمة لدرجة أن السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا يخطط لعرضها في عرض خاص في مجلس الأمن الدولي.
ويشير الموقع إلى أن المقابلة تزعم أن صور ولقطات الفيديو في مرحلة ما بعد الهجوم الكيماوي لم تكن حقيقية، ووصفت القناة الطفل، واسمه حسن دياب، بالشاهد المهم، الذي شوهد في الفيديو، وقد تم رشه بالماء في شريط التقط في منطقة المعارضة في دوما بعد الهجوم الكيماوي المزعوم في 7 نيسان/ أبريل.
ويلفت التقرير إلى أن الشرطة الروسية قامت بالسيطرة على البلدة بعد خروج المعارضة الإسلامية منها، وعثر مراسل قناة "روسيا 24" يفجيني بودونبي على الطفل، وأعد تقريرا زعم فيه أن الطفل تعرض للإكراه من متطوعي الدفاع المدني، الذين كانوا يأملون بدفع الغرب للرد.
ويفيد الكاتب بأن الدبلوماسيين الروس تبنوا تقرير بودونبي، وعرضت القنوات التجارية الممولة من الدولة أو الموالية الفيديو، ووضع على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال "إن ذا ناو"، وهو حساب تابع للحكومة تم تجريده من العلامات التجارية الروسية كلها.
ويعلق الموقع قائلا: "يبدو أن القنوات التلفازية لم تكن واعية لما قاله المسؤولون السوريون في الأيام الأولى من الثورة بأن الأخبار عن العنف ضد المتظاهرين من نظام بشار الأسد كلها (مزيفة)".
ويذكر التقرير أن المستشارة السياسية لرئيس النظام السوري الأسد، بثينة شعبان، حاضرت في مؤتمر صحافي عقد في 24 آذار/ مارس عام 2001، على مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" لينا سنجاب؛ لأنها أشارت إلى أدلة على العنف تم وضعها على "يوتيوب"، وتظهر استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين في مدينة درعا في جنوب سوريا، وقالت شعبان إنه لا حاجة للمراسلين الأجانب للنظر إلى "يوتيوب"، خاصة أن بإمكانهم الاعتماد على التلفزيون الرسمي ومراسليه ممن يملكون المصداقية، "التلفزيون السوري هو وحده الذي يبث الحقيقة".
ويبين ماكي أنه عندما سأل المراسل الذي أجرى المقابلة مع الطفل بودنبي، فيما إن تعرض هو ووالده للضغط للظهور في الفيديو، وشجب الهجوم ووصفه بأنه كاذب، فإنه أكد في رسالة عبر "تويتر" أنه لم يصل إليه من خلال "قوات حفظ السلام" الروسية، أو الشرطة العسكرية، لكن من خلال مصادر خاصة في مستشفى دوما، حيث تم علاج الناجين من الهجوم.
ويورد الموقع أنه عندما ضغط الكاتب على المراسل الروسي لشرح سبب وجود رجال بالزي العسكري في خلفية المقابلة، فإنه اعترف بأنهم من مركز المصالحة الروسي لأجل سوريا، وهو وحدة من المستشارين العسكريين، مهمتها تسجيل المدنيين في دوما، لكنه أكد أنهم كانوا في طريقهم لـ"مقهى محلي"، مشيرا إلى أن بودنبي كشف عن أن المقابلة مع الطفل لم تجر في دوما، وإنما في دمشق، قرب فندق "روز"، وعندما سئل إن تم تصوير المقابلة في نادي الضباط السوريين الواقع قرب الفندق، فإنه أجاب بالنفي.
ويجد التقرير أن المراسل لم يقل الحقيقة؛ لأن مقارنة الصور التي ظهرت في تقريره بصور أخرى للمكان تؤكد أن المقابلة جرت في معسكر للجيش، الذي لا يبعد سوى مسافة قصيرة عن وزارة الدفاع، ففي بداية المقابلة ظهر الأب وابنه وهما يسيران في مبنى مجهز جيدا، وبأرضية مبلطة، ومدخل مقوس قبل أن يمر بجانبهما رجال بالزي العسكري.
وينوه الكاتب إلى أنه بعدما قال عدد من الأشخاص عبر"تويتر"، ممن يعرفون المكان، إنه يشبه نادي ضباط الجيش العربي السوري، فإنه تم التأكد من أن الصورة والديكور الداخلي للمكان موجودان على موقع وزارة الدفاع السورية، لافتا إلى أن مدونا سوريا عثر على صورة مشابهة من شركة عمارة تم تكليفها بإعادة فرش نادي الضباط، بالإضافة إلى أنه تم العثور على صور أخرى على "فيسبوك"، من خلال "أوبن سورس ريسيرجر"، وعليها صورة للأسد علقت على مدخل المبنى، وتظهر واضحة في التقرير الروسي الأصلي.
ويقول الموقع إن بودنبي لم يرد على أسئلة الموقع بعد الكشف عن إجرائه المقابلة مع الولد وأبيه في منشأة عسكرية سورية، وكان الصحافي الروسي قد اشتكى من أن القنوات الغربية "فوكس" و"سي أن أن" و"بي بي سي" و"فرانس24" قد تجاهلته.
وبحسب التقرير، فإنه في الوقت الذي رحب فيه الكثير من السوريين بزيف القصة التي نشرها التلفاز الروسي، فإن آخرين عبروا عن ضيقهم من محاولة فحص القصة، خاصة أنهم تعبوا من الحرب التي مضى عليها سبعة أعوام.
وينقل ماكي عن المدون الحلبي إدوارد دارك، قوله: "لا توجد أي طريقة واقعية للكشف إن كان الولد مجبرا أم لا، وهذا لا يهم أيضا، حيث تحولت حياة السوريين إلى مجرد دعاية في لعبة سخيفة للقوى الدولية، وكل واحد يريد الحصول على فوز الرأي العام، ولا يهمه السوريين أبعد من استخدامهم وسيلة عاطفية للتلاعب"، وأضاف: "صحيح، يقف الصحافيون على الجبهة الأولى، إلا أننا سئمنا ونريد نهاية الحرب، وتركنا وحدنا".
ويشير الموقع إلى أنه في نقاش حول لقطات الطفل ووالده، وموافقتهما على مقابلة التلفزيون الروسي، وزعم الحكومة الروسية أن لا هجوم كيماوي حصل، فإن مراسة "بي بي سي" دينا دياب، تساءلت قائلة: "ماذا يمكن للناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والإعلام الروسي القول إلا الرواية الحكومية؟".
ويختم "إنترسبت" تقريره بالإشارة إلى قول الناشط السوري الذي وثق للثورة السورية منذ بدايتها رامي جراح، إن أي شخص مطلع على "سوريا الأسد" يعلم أن "هؤلاء الناس ليس لديهم خيار إلا ما يقوله النظام".