هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال مصدر دبلوماسي جزائري رفيع المستوى، إن اللقاء الذي تم بين الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، نور الدين عيادي، وسفير المملكة المغربية، لدى استدعائه الأربعاء، على خلفية تصريحات وزير خارجية بلاده عقب قطع علاقاتها مع إيران، دام نصف ساعة، تم خلالها إبلاغه، طبقا للقواعد الدبلوماسية، استنكار الجزائر لتلك التصريحات.
وأوضح ذات المصدر الذي اعتذر عن ذكر اسمه، بتصريح لـ"عربي21"، "أن المملكة المغربية اختلقت مشكلا من لا شيء، وحاولت إقحام الجزائر، بالاستثمار فيما تعتقده بدعم الجزائر لجبهة البوليساريو، وإظهارها حليفا لإيران، ومن ثمة مساندة لملف طهران النووي، وبذلك تريد المملكة كسب ود خصوم إيران، وهم الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج".
وأضاف الدبلوماسي الجزائري بذات التصريح: "نحن نرى أن الخطوة التي أقدم عليها المغرب على لسان وزير الخارجية، لا علاقة لها بموقف الجزائر من القضية الصحراوية بقدر علاقتها بمشكل الملف النووي الإيراني وصراع دول الخليج مع طهران".
كما يرى ذات الدبلوماسي أن "هناك محاولة لإضعاف الجزائر وإعطاء صورة أنها تؤيد البوليساريو"، متابعا: "للجزائر علاقات مع إيران، نعم، لكنها لا تتخذ موقفا في الصراع بين طهران وبين الدول العربية، كما أنها لا تحكم علاقاتها الخارجية مع إيران بعلاقاتها مع دول الخليج، فالجزائر بالأساس تتبنى علاقات ثنائية، كل دولة على حدة".
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، صرح مساء الثلاثاء أن المغرب قرر قطع علاقته مع إيران بعد أن رصد خلال شهر نيسان/ أبريل قيام مدربين عسكريين تابعين لحزب الله بالقدوم إلى مخيمات تندوف بالجزائر، من أجل إخضاع كوادر جبهة البوليساريو لتدريب عسكري يمكنهم من استخدام صواريخ أرض- جو وكذا صواريخ مضادة للطائرات.
وأعربت السلطات الجزائرية، في بيان، الأربعاء، عن رفضها للتصريحات "غير المؤسسة كليا" التي أدلى بها المغرب غداة الإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإيران بحجة دعم طهران لجبهة البوليساريو والتي "تقحم بشكل غير مباشر الجزائر".
حملة مضادة
من جهة أخرى، ضبطت أحزاب سياسية جزائرية، عقارب ساعاتها، بداية من الجمعة، على ملف الصراع بين الجزائر والمغرب، لشن حملة مضادة، على خلفية التصريحات التي أطلقها وزير خارجية المملكة المغربية، ناصر بوريطة بشأن "الدور الجزائري" في أعقاب إعلان قطع العلاقات مع إيران، الأربعاء.
وقال أنور هدوم، القيادي بحزب التجمع الوطني، ثاني أحزاب السلطة بالجزائر، بتصريح لـ"عربي21"، الخميس، أن قيادة الحزب "لا يمكنها أن تغض الطرف عن الاتهامات التي ساقها وزير الخارجية المغربي، وستكون بمقدمة الملفات المطروحة للنقاش لدى اجتماع رئيس الحزب بكوادره، السبت".
وأكد هدوم أن "الخطوة التي أقدم عليها المغرب ليست بريئة، بعد أن وجد نفسه محاصرا، وبالخصوص عدم استساغته المشروع الأمريكي في مجلس الأمن الداعي إلى استئناف المفاوضات المباشرة بينه وبين جبهة البوليساريو لدعم مسار تقرير مصير الشعب الصحراوي".
كما سيعقد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، جمال ولد عباس، السبت، لقاء مع محافظي الحزب، للبت في قضايا تنظيمية. يتم خلاله، بحسب، موسى جديدي، عضو مكتب الحزب بالعاصمة الجزائر، الذي أكد لـ"عربي21"، أن ولد عباس "سيتطرق إلى الملف المغربي وتصريحات ناصر بوريطة باستفاضة".
من جهته، ندد رئيس حزب تجمع أمل الجزائر الموالي للسلطة، عمار غول، مساء الأربعاء بالجزائر العاصمة، بموقف السلطات المغربية ومحاولتها إقحام الجزائر في النزاع بالصحراء، مؤكدا أن الملف الصحراوي من "اختصاص منظمة الأمم المتحدة".
تصعيد خطير
واستنكر غول في مؤتمر صحفي عقب استقباله لسفير بلجيكا بالجزائرـ بيار غيون، بما أسماه "محاولات إقحام المغرب للجزائر فيما يخص قطع علاقاتها مع إيران"، معتبرا أنها "مزايدات لا أساس لها من الصحة وهي نتيجة لفشل المعارك التي خاضها المغرب حول هذا الملف"، مشيرا إلى أن ملف الصحراء "بدأ يتجه نحو الحل الإيجابي في المحافل الدولية".
واعتبر ناصر جيحش، باحث بمركز البحوث والدراسات المغاربية، بتصريح لـ"عربي21"، أن ما صدر عن الرباط "يعتبر تصعيدا خطيرا"، متابعا: "منذ السبعينات والمغرب يتحجج وحاول قبل عشر سنوات إقحام الصحراء في مسألة الإرهاب الدولي، بينما يريد حاليا ركوب الحرب النووية الباردة بين الغرب وإيران، وإقحام القضية الصحراوية فيها، وبطريقة غير مباشرة الجزائر".
ويرى جيحش أن "المغرب يريد من الجزائر أن تتخندق حتى تتعرى، سواء مع إيران أو مع دول الخليج، بينما المشكل بين الطرفين لا يفرض على الجزائر أن تتخذ موقفا منه، ومن حق الجزائر ألا تتخندق مع أي طرف كان.. فعلا هناك نية لإضعاف الجزائر".