هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يسود الصمت الموقف الرسمي الأردني، بالتزامن مع
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل يوم
الاثنين بمشاركة ورعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الموقف الرسمي الأردني الذي تصاعد في الأيام
الأولى لقرار ترامب تراجعت حدته عقب زيارة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، في 21
يناير، الى المملكة، والتي عقبها زيادة الولايات المتحدة الأمريكية في 14 فبراير
الماضي لقيمة المنحة المالية المقدمة الى الأردن، والتي بلغت 6.375 مليار دولار
(1.275 مليار دولار سنوياً) ابتداء من العام المالي 2018 وحتى العام المالي 2022.
رسميا،التزمت الحكومة الاردنية الصمت، ولم تعلق على تنفيذ قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية الى القدس، وقال الناطق باسم الحكومة الاردنية، وزير الدولة لشؤون الإعلام، محمد المومني، لـ"عربي21" إن بيانا سيصدر الأثنين عن الحكومة الأردنية بهذا الخصوص.
ويرجح محللون وسياسيون أردنيون في حديث
لـ"عربي21" تعرض الأردني الرسمي لضغوطات أمريكية، وخليجية، في بخصوص
موقفها من القدس، مما أدى الى تراجع حدة هذا الموقف عما كان عليه وقت اعلان ترامب
في ديسمبر الماضي، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني قال في 31
كانون ثاني\يناير الماضي إن بلده يتعرض لضغوط اقتصادية بسبب الموقف الأردني من
القرار الأمريكي الأخير باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وأكد في لقاء مع مجموعة من طلبة كلية الأمير
الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية، إن بعض الدول أرسلت إلى الأردن رسائل
مفادها أن تغير الموقف الأردني من موضوع القدس سينعكس إيجابا على اقتصاد الأردن.
ضغوطات أمريكية وعربية
أستاذ القانون الدولي، أنيس القاسم، رأى أن
هنالك تراجعا ملحوظا في الموقف الأردني والفلسطيني الرسميين، بسبب تعرضهما إلى
ضغوط امريكية، وإسرائيلية إلى جانب ضغوط من قبل بعض الدول الخليجية.
وقال القاسم، لـ"عربي21"، إن: "الأردن
تعرض لضغوطات أمريكية، واسرائيلية، وسعودية، وتماشى مع هذه الضغوطات، اما بالنسبة
للموقف الفلسطيني فلا يوجد أعذار خاصة أن القيادات الفلسطينية لم تعقد اجتماعا
واحدا حين صدر قرار ترامب بخصوص القدس، وهذا يدل أيضا أن القيادة الفلسطينية لم تأخذ
القرار الأمريكي على محمل الجد أو أنها كانت تترقب صفقات معينة".
ويربط القاسم، بين موقف القيادة الفلسطينية،
وبين زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الى السعودية قبيل القمة العربية، إذ
عاد عباس بمخصصات مالية للسلطة الفلسطينية أعلى مما كان يقدم لها بمجموع 20 مليون
دولار، بعد أن كانت 5 ملايين سنويا، بالاضافة الى 50 مليون دولار لأهالي القدس،
وجاءت هذه الأموال على حساب مواقف سياسية".
تراجع الحدة
وتراجعت حدة الفعاليات الحزبية والشعبية
الأردنية، بالتزامن مع تراجع حماس الموقف الرسمي، اذ ينفذ ائتلاف الأحزاب والقوى
والفعاليات القومية واليسارية اعتصاما أمام السفارة الأمريكية عصر كل اثنين
بالتزامن مع الاحتفال بنقل السفارة الامريكية.
إلى ذلك استمرت الأحزاب الأردنية التي يتجاوز
عددها الخمسين حزبا بتنفيذ فعاليات يتيمة، بينما اكتفى حزب جبهة العمل الإسلامي
بفعالية "مسيرة العودة" التي أطلقها الجمعة الماضية بمنطقة الأغوار
الأردنية.
وقال الناطق الرسمي باسم "العمل
الإسلامي" مراد العضايلة، لـ"عربي21" إن "الحزب عبّر عن موقفه
الرافض لنقل السفارة من خلال فعالية مسيرة العودة التي جاءت في ذكرى النكبة
الفلسطينية"، مشددا على أن "نقل السفارة يؤكد انحياز الإدارة الأمريكية
للموقف الصهيوني، ويجعل أمريكا في حالة عداء مع الأمة العربية والإسلامية".
ورفض العضايلة "أي ضغوط تمارس على الأردن
والسلطة الفلسطينية من قبل بعض الدول العربية للقبول بهذا الواقع والإقرار به"
مشيرا إلى أن بعض الدول العربية "تلعب أدوارا خبيثة تخدم العدو الصهيوني،
وتأتي هذه الضغوط على حساب الشعب الفلسطيني".
في وقت يرسل ائتلاف الأحزاب والقوى والفعاليات
القومية واليسارية كما يقول عضو حزب
الوحدة الشعبية، فاخر عاس.
من جانبه قال عضو حزب الوحدة الشعبية (يسار) في
حديث لـ"عربي21"، أن "الاعتصام سيرسل ايضا رسالة إلى الحكومة
الأردنية بضرورة اتخاذ خطوات جادة لمواجهة هذه الحماقة الأمريكية والانحياز للكيان
الصهيوني، ورسالة الى منظمة التحرير بضرورة السعي بشكل جدي لتوحيد الجهود
والمصالحة والوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجهها القضية
الفلسطينية وعلى رأسها صفقة القرن".
وانتقد دعاس ممارسة بعض الدول العربية ضغوطا
على الأردن، قائلا إن "الموقف الأردني في بداية قرار ترامب كان ايجابيا،
وتناغم مع الموقف الشعبي، لكنه بدأ بالانسحاب بشكل تدريجي،واستخدم لغة أكثر
دبلوماسية، ولم نعد نسمع أي جهة رسمية ترفض هذا القرار بشكل صارخ، خصوصا بعد ربط
الموقف بما يقدم من منح مالية".
وشعبيا، دعت اللجنة الشعبية في مخيم البقعة
(أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينين)، للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية على نقل
السفارة الأمريكية في القدس ومساندة لمسيرات العودة الكبرى في غزة بالتزامن مع توقيت
نقل السفارة بشكل رسمي.
سيادة هاشمية
ويمس قرار ترامب نقل السفارة الامريكية إلى
القدس المحتلة، جوهر الوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، ويتمتع الأردن
بهذه الوصاية بموجب اتفاقيات وتفاهمات مع "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية،
على رأسها اتفاقية وادي عربة، والاتفاقية الموقعة بين الملك عبد الله الثاني ورئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالإضافة لإعلان واشنطن الذي أكد على هذا الحق.
وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على
المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين مطلق الثورة العربية الكبرى
وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967 وحتى بعد
فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل عن السيادة على المقدسات.
وجاءت معاهدة وادي عربة عام 1994، لتؤكد على حق
الأردن في الوصاية على القدس المحتلة، ونصت المادة التاسعة من المعاهدة، على أنه
"سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية
والتاريخية، بما يتماشى مع إعلان واشنطن، على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص
للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد
مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه
الأماكن".