هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشي قرب التوقيع على اتفاق جديد بين إسرائيل وقبرص واليونان لإنشاء أنبوب بحري لنقل الغاز إلى أوروبا؛ بتصاعد حدة الخلاف على مصادر الطاقة شرق البحر المتوسط الغني بالغاز الطبيعي، خاصة بين الجهات الثلاث المذكورة من جهة؛ وتركيا من جهة أخرى التي تسعى إلى أن تكون مركزا رئيسيا لنقل الطاقة إلى أوروبا.
وجرى الاتفاق بشكل مبدئي قبل أيام على بناء خط أنابيب بطول 2000 كيلومتر، يربط موارد الغاز الضخمة في شرق البحر المتوسط بأوروبا، وسيمتد الخط من إسرائيل وقبرص إلى اليونان وإيطاليا في المياه العميقة، حيث سيشرع ببنائه العام القادم وبتكلفة لا تقل عن 5 مليارات دولار.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر من المساس بالحقوق السيادية لتركيا على سواحل شمال جزيرة قبرص، مهددا باستخدام القوة العسكرية.
وصرح أردوغان في شباط/ فبراير الماضي قائلا: "نحذّر من يتجاوزون حدودهم في بحر إيجة وقبرص، ويقومون بحسابات خاطئة، مستغلين تركيزنا على التطورات عند حدودنا الجنوبية. حقوقنا في الدفاع عن الأمن القومي في منطقة عفرين شمال غربي سوريا هي نفسها في بحر إيجة وقبرص".
وفي شباط/ فبراير الماضي أيضا، منعت السفن الحربية التركية سفينة إيطالية من ممارسة أعمال الحفر والتنقيب في حقل يقع في جنوب شرق جزيرة قبرص، وذلك في إطار استمرار حدة الخلاف بين تركيا وقبرص حول تقسيم مناطق النفوذ البحرية بينهما.
من جهته حذر المحلل السياسي التركي جنكيز تومار من خطوة المشروع، معتبرا أن هذه الخطوة تضر بتركيا، خاصة حقوق القبارصة الأتراك الذي جرى استثناؤهم من الاتفاق المرتقب.
ورأى في حديث لـ"عربي21" أن الأطراف الثلاثة استغلت انشغال تركيا في الملفات الساخنة بالمنطقة خاصة ما يتعلق بالحرب في سوريا، من أجل تمرير هذا الاتفاق الذي يتنقص من حقوق تركيا وحقيقية وجودها في منطقة شرق المتوسط.
وتوقع أن تقف تركيا حائلا دون تنفيذ هذه الاتفاقية التي رأى أنها تنافي الواقع، وتتجاهل حقوق تركيا في المنطقة.
اقرأ أيضا: تركيا تعلن عزمها الدفاع عن "حق القبارصة الأتراك" في الغاز
الخبير في الشأن التركي علي باكير قال إنه بالرغم من الجهود المشتركة الإسرائيلية- القبرصية الحثيثة للتوصل إلى اتفاق من هذا النوع، إلا أن جعله بمنزلة أمر واقع سيكون مهمة في غاية الصعوبة، وذلك لأسباب متداخلة لوجستية واقتصادية وأمنية.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أنه ليس من السهل التأثير سلبا على دور وطموح تركيا بأن تكون مركزا لنقل الطاقة في المنطقة، سواء من خلال هذا الأنبوب المفترض أو غيره من الأنابيب، وذلك بسبب ما يوفره لها الموقع الاستراتيجي الذي يجعلها تطل على أبعاد متعددة ومتشابكة بين كبار منتجي الطاقة في الشرق، وكبار مستهلكيها في الغرب، بالإضافة إلى كونها مستهلكا كبيرا للطاقة، وهو أمر محبذ لدى الجهات المصدِّرة التي تسعى إلى تأمين أسواق لها.
ورأى باكير أن التعقيدات المتعلقة بنقل الغاز إلى أوروبا لا تقل عن تلك المتعلقة بالخلافات حول الحقوق في حقول الغاز شرق المتوسط، لكن المشكلة الأساسية بالنسبة لتركيا وقبرص التركية هو مساعي قبرص اليونانية إلى استغلال ثروات الجزيرة، التي تعتبر حقا من حقوق الشعب بمجمله وذلك بشكل أحادي.
وشدد على أن بناء مثل هذا الخط من شأنه أن يشجع قبرص اليونانية على تسريع عمليات التنقيب لتصدير أكبر كمية ممكنة من الغاز، وهو أمر سيؤجج الصراع على الطاقة مع تركيا.
يذكر أن الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس قال في ختام محادثات ثلاثية في نيقوسيا جمعته الأسبوع الماضي مع رئيسي الوزراء اليوناني إلكسيس تسيبراس والإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن هناك سعيا لإنشاء أنبوب بحري "سيسهم في تأمين إمداداتنا من موارد الطاقة، وكذلك موارد الاتحاد الأوروبي".
اقرأ أيضا: 8 دول تتصارع على ثروة الغاز بالبحر المتوسط... بوادر حرب
وتابع الرئيس القبرصي "أكدنا مجددا التزامنا العمل بحزم لتوقيع اتفاق بين الحكومات الثلاث في 2018". بدوره، قال نتنياهو إن الدول الثلاث تبذل "جهودا كبيرة" لبناء هذا المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى بناء أنبوب بطول 2100 كلم لنقل الغاز من حقول قبالة سواحل قبرص وإسرائيل إلى القارة الأوروبية.
وتبلغ كلفة المشروع الطويل الأمد، نحو 5.8 مليارات يورو، ولن يكون جاهزا للعمل قبل 2025.