ربما كان طبيعيا تفهم تلك الحالة من القنوط التي سيطرت على البعض، نتيجة مقطع الفيديو الذي تداوله الكثيرون، يظهر فيه
علاء مبارك يصلي في مسجد الحسين، محاطا بجمع من الناس، يحتفون به، ويسرع بعضهم إلى كاميرات هواتفهم المحمولة لتسجيل اللحظة التاريخية.
العلامتان اللتان لا ينبغي أن تغيبا عمن أصابهم اليأس من المشهد، هما الحضور الأمني الواضح، وقيام صحف الانقلاب بنشر المشهد، والاحتفاء به، وقد يقول البعض إنه من الطبيعي أن يحظى علاء مبارك بحراسة أمنية وهذا صحيح.
وقد يضيف البعض أن مشهد علاء مبارك في مسجد الحسين يمثل مادة صحفية يصعب أن تتجاهلها أي جريدة أو قناة وهذا أيضا صحيح، وربما كان هذا باعثا أن يقول إن المشهد طبيعي وغير مقصود، والحقيقة أن المشهد طبيعي وغير مقصود.
لكن، عليك أن تتعامل بشيء من الحذر مع هذه المشاهد في بلد لا تنشر صحفها إلا ما يرضي العسكر.
والحقيقة أنه لو سار أي ممثل أو شخصية عامة في الشارع بغض النظر عن حب الناس أو كراهيتها له، لحدث الشيء نفسه كما شاهدنا في مقطع الفيديو، ولرأينا بعض الناس يحتشدون حوله رغبة في التقاط صورة أو حتى التفاخر بأنهم كانوا في موقع الحدث الذي ظهر فيه فلان أو علان.
ولنقسم الناس بين مهتم يريد تسجيل اللحظة على هاتفه المحمول، وبين غير مهتم لا يحفل بالأمر برمته، وبين كاره صاحب موقف معارض، وآلة التصوير في هذه الحالات أحادية متحيزة، فهي ليست مراسلا صحفيا يغطي الحدث، بل هي مأمورة، تصور ما تؤمر بتصويره.
وربما كانت الرسالة التي أرادها الانقلاب من نشر فيديو كهذا، هي رسالة يأس لكل مناهضي الانقلاب، أن الشعب نفسه انقلب على حلم التغيير، وأنه أصبح يشعر بحنين لمرحلة ما قبل 25 يناير 2011، وأن صفحة التغيير قد طويت إلى غير رجعة، وهي رسالة غير حقيقية.
فلا العدد الظاهر في الفيديو يمكن أن يصبح مؤشرا على أن الشعب أدار ظهره للتغيير، ولا الكاميرا يمكنها أن تغطي كامل الموقف.
والأمر كله ينقلنا خمس سنوات إلى لحظة 30 يونيو 2013، حيث كان الصراع بين إرادة شعبية حقيقية بالملايين أمكن حسابها صوتا صوتا في صناديق الانتخابات، وبين مشهد مصطنع مفتعل جعل العسكر منه غطاء لانقلابهم.
والطريف أن الانقلاب الذي حاول من اليوم الأول التظاهر بوجود شعبية، كان أقصى ما استطاعه بعد خمس سنوات، السير بموكب من السيارات في شارع خالِ.
والحقيقة، أن مشهد موكب عسكري الانقلاب، الذي حاول بعض المحسوبين على الانقلاب تصويره على أنه (استعادة لهيبة الدولة)، يرسل رسالة عكسية تماما للرسالة التي يرسلها فيديو علاء مبارك.
فالشوارع خالية تماما، وحركة المرور متوقفة، والحرس في كل مكان. أي أنهم أخلوا الشوارع من المارة حتى يمر الموكب. وهي تصرفات تشي بأنهم يدركون انعدام شعبيتهم، وأنهم يحكمون بلدا رغما عن سكانها.
وبعيدا عن مشاعر اليأس التي انتابت البعض، فإنه يمكننا المقارنة بين مشهد الرئيس مرسي الذي كان قادرا على الوقوف في ميدان التحرير، الذي لم يكن به موضع لقدم، وبين مرأى الشوارع الخالية التي يمر فيها موكب عسكري الانقلاب، لندرك أن الشعب لم يدر ظهره لحلم التغيير.