هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يستعد الناخبون داخل تركيا للتوجه إلى صناديق الاقتراع الأسبوع المقبل، لاختيار رئيس لجمهوريتهم وأعضاء للبرلمان، وسط تزايد الحملات الدعائية واشتداد سباق المنافسة بين الأحزاب والمرشحين.
وتعد الانتخابات التركية المبكرة مرحلة مفصلية في
تاريخ البلاد، نظرا لما ستنتجه من نظام حكم جديد تم إقراره العام الماضي بعد إجراء
استفتاء شعبي، وطالب فيه غالبية الأتراك بأن يكون النظام الرئاسي هو الحاكم
لدولتهم.
في حين يتردد في الشارع التركي تساؤل بارز قبيل
انطلاق العملية الانتخابية؛ حول حقيقة وجود تخوف لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم
من عدم الحصول على أغلبية برلمانية أو حسم مرشحه رجب طيب أردوغان لمنصب الرئاسة في
الجولة الأولى.
وفي هذا الموضوع، تحدثت "عربي21" مع
المختص بالشأن التركي نزار الحرباوي، وأكد أن الانتخابات المقبلة
"مفصلية"، وهو ما يتضح من خلال الاستنفار والنشاط غير المسبوق بين
الكوادر الأساسية لحزب العدالة والتنمية، مضيفا أن "ذلك يدلل على حجم الاستشعار
الحقيقي للخطر الموجود".
العتبة الانتخابية
وأشار الحرباوي إلى أن "هذه الانتخابات هي
الأولى التي تجمع الرئاسة والبرلمان في وقت واحد، لذلك الكل يستشعر حساسيتها"،
مشددا على أن "التخوف ليس من التنافس السياسي، إنما معادلات تجاوز العتبة
الانتخابية هي أحد المخاوف الأساسية الموجودة".
وأوضح الحرباوي أنه "في حال لم يستطع حزب الأقلية
الكردية الموجودة في تركيا تجاوز عتبة دخول البرلمان، فإن الكثير من الأصوات ستذهب
باتجاه الأحزاب الأخرى، وهذا سيعزز الحضور البرلماني أمام حزب العدالة والتنمية
الحاكم"، بحسب تقديره.
وفسر التخوفات الموجودة عند قيادات حزب العدالة
والتنمية قائلا إنها "ليست على مستوى الرئاسة، بقدر ما هي على مستويات
الانتخابات الموجودة في قبة البرلمان"، موضحا أن "الحزب يخشى أن يفوز
أردوغان في الرئاسة مقابل عدم وجود تمثيل برلماني مناسب وكافٍ لتمرير القرارات
الرئاسية".
اقرأ أيضا: حليف لأردوغان يكشف السيناريو المتوقع في حال خسارة الأغلبية
واستدرك الحرباوي قائلا: "لكن الانتقال إلى
النظام الرئاسي يعطي أردوغان صلاحيات كبيرة لتمرير القرارات المصيرية، وربما
التنافس البرلماني الداخلي سيوجد بيئة من الصراع الحزبي"، مستبعدا في الوقت
ذاته اللجوء إلى انتخابات مبكرة في حال فقد تحالف أردوغان أغلبية البرلمان.
واعتبر ما تحدث به رئيس حزب الحركة القومية دولت
بهجلي عن إجراء انتخابات أخرى في حال فشل التحالف الذي ينتمي له الرئيس رجب طيب
أردوغان في الفوز بأغلبية البرلمان؛ "يأتي من باب المزاودات السياسية".
وكان بهجلي قال في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين،
إنه "في حال واجهت الرئاسة والبرلمان صعوبة في العمل معا بعد انتخابات الأحد
القادم، قد يتقرر إجراء انتخابات مبكرة أخرى"، مشيرا إلى أن "الاستفتاء
الشعبي يمنح الرئيس أو البرلمان سلطة الدعوة لانتخابات مبكرة إذا حدثت أي
عرقلة".
مخاطر جدية
وأكد بهجلي أنه "عندما تصل الرئاسة والبرلمان
إلى نقطة عدم القدرة على العمل سويا بسلاسة فإن هناك سبلا للخروج من ذلك، بموجب
التعديلات الدستورية وهي قابلة للتطبيق".
من جهته، يرى الباحث في العلوم السياسية جلال سلمي أن
"نتيجة فوز أردوغان في الانتخابات الحالية محفوفة ببعض المخاطر مقارنة
بالانتخابات السابقة واستفتاء 16 نيسان/ أبريل 2017"، لافتا إلى أن "حزب
العدالة والتنمية تحالف مع حزب الحركة القومية ليحصل في الاستفتاء على نسبة 51.2
بالمئة، لتمرير التعديلات الدستورية".
وذكر سلمي لـ"عربي21" أنه "في ظل
تراجع رصيد الأداء الاقتصادي لحزب العدالة والتنمية، وفي سياق تعدد المنافسين
لأردوغان، يصبح سيناريو إجراء الانتخابات في جولة ثانية مرشحا"، معتبرا أن
"هذا الاحتمال جعل أردوغان يبحث عن التحالف مع أحزاب أخرى".
وأضاف أنه "رغم توجه بعض الأصوات لصالح
المعارضة، وإمكانية التوجه إلى الجولة الثانية من الانتخابات، إلا أن سيناريو فوز
أردوغان سواء في الجولة الأولى أم الثانية هو الأكثر رجوحا"، معللا ذلك أن
"حالة الغموض السياسي والاقتصادي التي ستعقب الجولة الأولى إن حدثت، قد تتسبب
في خشية المواطن من تدهور الاقتصاد أكثر مما هو عليه".
اقرأ أيضا: نحو 1.3 مليون تركي أدلوا بأصواتهم بانتخابات الخارج
وتابع سلمي قائلا: "فضلا عن انعدام البديل الذي
يمكن أن يطول بهيبة ومكانة أردوغان في تركيا".
ويواصل مسؤولون في حزب العدالة والتنمية الذي يملك
أغلبية برلمانية في الوقت الراهن، تأكيدهم على أن "هدفهم هو الحصول على ما لا
يقل عن 300 مقعد في البرلمان"، الذي أصبح إجمالي الأعضاء فيه 600 نائبا بعد
التعديلات الدستورية الأخيرة.
وفي الإطار ذاته، شدد أردوغان في أكثر من خطاب له في
حملته الدعائية، على أهمية وجود "برلمان قوي"، مؤكدا أن "قرار دعمه
في انتخابات الرئاسة وعدم دعم حزب العدالة والتنمية، هي محاولة للإرباك"، وفق
وصفه.
يشار إلى أن اللجنة العليا للانتخابات التركية أعلنت
الثلاثاء، أن عدد المقترعين الأتراك في الخارج وعلى المعابر الحدودية في
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، وصل إلى نحو 1.3 مليون ناخب.
ونوهت إلى أن "عملية التصويت مستمرة على
المعابر الحدودية حتى 24 حزيران/ يونيو، على أن تنتهي عملية الاقتراع خارج البلاد،
اليوم الثلاثاء، بعد أن بدأت في 7 حزيران/ يونيو الجاري".