لم تدم سيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة
حفتر
على
الهلال النفطي عامين كاملين، بعد أن أخرج مسلحوه قوات حرس المنشآت النفطية
بإمرة إبراهيم الجضران في أيلول/ سبتمبر عام 2016.
في ذاك الوقت كان للدعم القبلي الذي ناله حفتر
دور بارز في بسط وإحكام قبضته على الهلال النفطي، حيث دخلت قوات إلى ميناء البريقة
دون قتال بدعم من قبيلة المغاربة التي تقطن في حزام الحقول والمرافئ النفطية.
عادت قوات حرس المنشآت النفطية تحت قيادة
الجضران، الخميس الماضي للسيطرة على ميناء
راس لانوف والسدرة الذي يعد أكبر ميناء
تصدير للنفط الخام في
ليبيا.
خلفت الاشتباكات وقصف قوات حفتر لميناء راس
لانوف، بالبراميل المتفجرة حرق خزانين نفطيين، مما اضطر المؤسسة إلى إعلان حالة
القوة القاهرة ووقف تصدير النفط منهما، وتراجع إنتاج النفط بما يعادل 400 ألف
برميل يوميا، وخسارة أكثر من 800 دولار شهريا.
خسارة ورقة
قال عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبد
الفتاح بورواق، إن ورقة النفط تمثل أهمية كبرى للواء المتقاعد خليفة حفتر، خاصة
أمام الدول الغربية الكبرى التي تراه شريكا أساسيا في مستقبل أي حل سياسي.
وأضاف بورواق في تصريح لصحيفة "
عربي21"، أن حفتر
لن يدخر جهدا في محاولة استرجاع السيطرة على الهلال النفطي، بالتحالف مع أي قوى،
سواء أكانت محلية أو إقليمية، رغم الجبهات العدة التي فتحها حفتر عسكريا على نفسه،
خاصة معركته الأخيرة على مدينة درنة شرق ليبيا.
إلا أن عضو المؤتمر الوطني العام السابق
استدرك أن قوة حفتر أصبحت مشتتة ومتباعدة من ناحية خطوط الإمداد، ففي الوقت الذي
تحاول فيه قواته السيطرة على درنة، التي تبعد على أقل تقدير عن الهلال النفطي قرابة 500
كيلو متر، تسعى لاسترجاع الهلال النفطي، وهي مسألة بالغة التعقيد ميدانيا.
مصير اليمن
المحلل السياسي الليبي صلاح الشلوي رأى أن
المجتمع الدولي والقوى الكبرى ضاقت ذرعا بتعنت الأطراف الليبية وقبول الحل السياسي
المتمثل في اتفاق الصخيرات، لذا ترك الليبيين لصراعاتهم المحلية المدمرة، على حد
وصفه.
واستبعد الشلوي في تصريح لـ"
عربي21" أن تتحرك
قوات حرس المنشآت النفطية السابقة بإمرة إبراهيم الجضران من حزام مناطق بني وليد
جنوب غرب ليبيا، إلى الهلال النفطي شرقا دون أن تكون مراقبة من الدول الكبرى ودون
أن تكون غير عالمة بهذه الحرب.
وتوقع المحلل السياسي أن يؤدي رفض الأطراف
الليبية للحل السياسي إلى مصير مشابه لسيناريو اليمن، الذي تركت فيه الدول الكبرى
الأطراف اليمينة لصراعاتها الداخلية، منذرا بخطورة مثل هذا الوضع الذي يدمر البنية
التحتية لأهم مصدر ومورد للدخل الليبي، إضافة إلى تضرر مصالح المواطن الليبي
المباشرة، واستفادة المصالح الدولية من إعادة إعمار قطاع النفط.
نمر ورقي
من جانبه أكد الباحث السياسي والقانوني الليبي
محمود إسماعيل، أن خسارة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر السريعة وغير المتوقعة
لمينائي راس لانوف والسدرة بالهلال النفطي، أوضحت أن قواته ما هي إلا عبارة عن نمر
من ورق.
وشرح إسماعيل لـ"
عربي21" أنه لولا الدعم
الخارجي الذي تلقاه اللواء المتقاعد من دولتي مصر والإمارات، لما كانت له سيطرة
على أي جزء من ليبيا، وحتى سيطرته على مدينة بنغازي ليست كاملة كما زعم، بدليل
التفجيرات التي تقع بين حين وآخر وتضارب مصالح المليشيات التي لا يسيطر عليها بالكلية.
وانتهى الباحث السياسي والقانوني إلى أن الدول
الغربية وعلى رأسها فرنسا ستعيد حساباتها من جديد بعد خسارة حفتر للهلال النفطي،
وتمدد قوات حرس المنشآت النفطية إلى مناطق أبعد في الشرق الليبي، قد تكون مدينة
اجدابيا القريبة من معقل حفتر في بنغازي، حيث أن إدارة الرئيس ماكرون أشركت حفتر
في مبادة باريس كطرف واقعي وعسكري له نفوذ على الأرض.
اتفاق الصخيرات
وفي ذات السياق أكد رئيس حزب العدالة والبناء
محمد صوان، أن موقفهم من الطرفين المتصارعين في الهلال النفطي قائم على التمسك
بالاتفاق السياسي الليبي مهما حصل من ارتباك، ومهما وُضعت أمامه من عراقيل.
وعبر صوان، على صفحته الشخصية بموقع التواصل
الاجتماعي فيسبوك، عن قلقه بوجود العنصر الأجنبي ضمن طرفي الصراع؛ موضحا أن هذا
الأمر الذي يجعل احتواء هذه الأزمة أكثر صعوبة، قد يحول الصراع من المستويين
المحلي والإقليمي إلى المستوى الدولي، معربا عن خشيته من توريط المكونات
الاجتماعية في هذا الصراع.
وطالب رئيس حزب العدالة والبناء، المجلس
الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أن يمارس صلاحياته لاحتواء أزمة الهلال النفطي
وحماية أرزاق الليبيين، ووضع حد لهذا العبث، حتى ولو اضطر إلى طلب المساعدة لتحقيق
ذلك.
ورفض صوان ما وصفه بالانجرار للاختيار بين طرفي
الصراع في الهلال النفطي، مؤكدا التمسك بالاتفاق السياسي مهما حصل من ارتباك،
ومهما وُضعت أمامه من عراقيل.
توظيف سياسي
هذا ووجه حرس المنشآت النفطية، فرع الوسطى، بعض
الدول بمساعدة اللواء المتقاعد خليفة حفتر لتوظيف ثروات ليبيا بهدف عودة الحكم
العسكري الديكتاتوري إلى ليبيا.
وناشد الحرس في بيان له الأربعاء الدول التي
تقدم مساعدات لحفتر بوقفها، حتى لا تتمكن قواته من استعادة السيطرة على الهلال
النفطي، مؤكدا أن قوات اللواء المتقاعد تقصف خزانات النفط بالبراميل المتفجرة، مما
سيؤدي إلى نتائج اقتصادية وبيئية كارثية.